إنها بدايةُ حياةٌ جديدة... بدايةُ عام دراسي جديد ، ليس كأي عام وليس انتقالة بسيطة أبداً، لقد تغيرت الكثير من الأشياء، ها هي صقيل، تبدأ سنتها الأولى من الدراسة الجامعية.
اليوم هو اليوم الأول في الجامعة، صقيل لا تعرف أحد سوى صديقة واحدة كانت ترافقها من أيام المدرسة ودخلت معها الجامعة لكن لم تكن في القسم ذاته.
بدأت صقيل يومها بذكر الحبيب الغائب وهي تنادي: ألقيت عليك السلام منّي فكيف حالك يا كل حالي نور عيني يابقية الله، أنت رفيقي، وصديقي، ومؤنسي، وكل ناسي، بك تحلو أوقاتي ويزدهر يومي.
كان اليوم الأول يوما مليئاً بإتمام بعض الإجراءات الخاصة بالجامعة، وخلال ذلك تعرفت صقيل على صديقة التقتها أثناء عملية التسجيل، حيث كانت صقيل تجلس بهدوء وكلها أمل وتفاؤل فكانت تشع نورًا بعباءتها الزينبية، فـالتقتها بتول وتحدثا مع بعض واتفقا على اللقاء في اليوم القادم، تم قبولهما في نفس القسم؛ علوم القرآن الكريم.
أصبحت صقيل وبتول نعم الصديقات، كانا أغلب الأوقات مع بعض لا يخلو يومهم ولا أي إجتماع لهم من ذِكر ذلك الموعود المنتظر، الذي نسيه الأغلب وانشغل كُلاً بأموره الخاصة.
كانت هناك بعض الفعاليات الدينية التي تُقام في الجامعة خلال أيام مناسبات أفراح أو أحزان أهل البيت (عليهم السلام)، وخصوصاً تتويج الإمام الحجة أو ولادة السيدة الزهراء (عليها السلام)، فكانت صقيل تسعى جاهدة لحضور مثل هكذا احتفالات لأنها خاصة بالأب الحنون الذي يرعانا دون أن نشعر فكانت تحضر هذه المحافل مع صديقتها بتول التي كانت ترى في صقيل الأخت المثالية فتسمع أغلب ما تقول مع تبادل الآراء والأفكار مع بعض فبتول كذلك اتسمت بالهدوء والوقار، وصار همها الأول والأخير هو ذلك العشق المقدس الذي ماكان يغيب عن قلب صقيل ولا لسانها يغفل عن ذكره، وكانت تحث وتشجع بقية الطالبات على الحضور.
ـ في حضوركم سعادة وسرور بقية الله في أرضه ونور الحق المبين الذي يُضيء ظُلمات أرواحنا الحجة بن الحسن «عج» فــــــلا تُقصروا في الحضور ياعزيزاتي.
ومضت الأيام يوم بعد يوم وانتهى العام الدراسي الأول، كانت صقيل وبتول قد اتفقتا على أن يكون نجاحهما مُهدى إلى صاحب العصر والزمان الحبيب الغائب عن الأنظار لكن سكن القلوب.
لكن المفاجأة صقيل كانت حزينة جداً لأن لديها بعض التقديرات الضعيفة، وهذا ليس مناسب كون النجاح هدية إلى صاحب الزمان.
سيدي أرجو المعذرة هديتك لم تكن بالمقام المرجو هاهي تقديراتي بين يديك أيها الحبيب كلي خجلٌ منك لم أكن مجدة بالدرجة الكافية.. لم أكن مواظبة.. لم أكن مجتهدة.. أعدك سوف أكون أفضل بكثير في العام القادم .
كانت صقيل تتألم كثيراً وهي تنادي سيدي ليتني أسمع صوتاً يُضمد جراحي، ليتك فقط تقول لي قبلت هذا منكِ يابنتيّ وأنتظر الأفضل في العام القادم، وليت.. وليت..
ومرت الأيام يوم بعد يوم إلى نهاية المسير الدراسي خلال أربع سنوات متتالية مليئة بالجد والإجتهاد مع الحب الكبير النقي والنجوى الدائمة مع ملك القلوب ووليّ العصر الإمام الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه).
اقتربت نهاية العام الدراسي، يا صديقتي سوف تنتهي رحلتنا الجامعية، آه.. نعم ياعزيزتي لقد مرت أربع سنوات بلمح البصر وكأننا بالأمس دخلنا الجامعة الحمد لله ندعو الله أن تتكلل خُطانا بالنجاح والإزدهار، آمين ياعزيزتي صقيل، التوفيق للجميع إن شاء لله تعالى، لدينا محاضرة الآن لنذهب، حسناً يابتول، وتبادلا الإبتسامة فيما بينهما وذهبا إلى القاعـــــــة الدراسية.
وانتهى العام الدراسي بكل مافيه من تعب وألم ومشقة وبقي الكل ينتظر موعد إعلان النتائج، وأخيراً حان الوقت المحدد وكان لابد من الذهاب إلى الجامعة إلا إن صقيل كانت خائفة لعل الذي تطمح له لا يتحقق فكانت تناجي الله سراً وتردد رباه إنك معي وهذا مايُطمئن قلبي، سيدي ياصاحب الزمان كن معي يانور عينيّ أدركني أيّها الحبيب، وصلت للجامعة وكانت تعلم بأنها لن تستلم أي وثيقة للتخرج أبداً لأن الأمر الأداري لم يكن مُطلقا في وقتها، لكنها تُدرك أن ألطاف الصاحب ورعايته الدائمة لن تتركها، فما إن وصلت علمت بالفعل أنه لا يوجد وثيقة تخرج هذا اليوم، لكن أخبرتها أحد زميلاتها في القسم بأنها سوف تذهب للعمادة للإطلاع على المعدلات الخاصة بالطلبة الأوائل وكانت لها معرفة بتفاصيل هذه الأمور، فقالت: صقيل هلا أخبرتني بالنتائج إذا سمحوا لكِ بالإطلاع عليها عزيزتي رحمة، فقالت: ما إن اطلع عليها سوف أُخبركِ إن شاء الله تعالى، وبعد ربع ساعة من الإنتظار عادت رحمة مع أحد زميلاتها سألت صقيل بلهفة ماذا حدث؟ ماذا قالوا؟ هل من شيء؟!
قالت رحمة: سوف ننتظر إلى الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى .
وإذا برحمة تنادي.. صقيل.. صقيل.. تعالي إلى هنا من فضلك أُريد أن أُخبركِ شيء ياعزيزتي..
صقيل: والتوتر والقلق بانَ على مُحيّاها حسناً تفضلي أنا أسمعكِ.
قالت رحمة: لا تقلقي ياعزيزتي خبر خير إن شاء الله تعالى فقط أردت أن أخبركِ بأنني اطلعت على قائمة الطلبة الأوائل إلا أنهم لم يسمحوا لي بتصوير قائمة الأسماء وكنتِ أنتِ من بينهم والحمد لله إلا أن هذا ليس وقت إعلان النتائج الرسمي لذا لا تخبري أحد إلى أن نتأكد بشكل تام.
فأجابت صقيل والفرحة تملأ قلبها، حاضر عزيزتي لكِ ذلك إن شاء الله تعالى.
والآن عليَّ أن أذهب، فـتوادعت مع رحمة ثم غادرت الجامعة والقلب يُردد أيها الحبيب الذي يُرافق خطواتي ليُجملها برعايته وينُورها بتسديده شكراً لك سيدي أيها الحبيب المنتظر هذا من فضل الله وفضل لطفك أيُّها العزيز..
هاهي صقيل تعد الأيام ليمضي الأسبوع لترى النتائج النهائية والرسمية من إدارة الجامعة، يا بقية الله نظرة منك ياحبيبي تُمحي خوفي وقلقي.. كن معي ياحبيب الله.
كان الجميع مشغول في التفكير لإعداد حفل التخرج وكل ما يختص به إلا صقيل كان حديثها: أيها الحبيب المنتظر نتائج تُرضيك أولاً يابقية الله وتُسر قلبك، ثم تُفرحني وتُقر عينيّ والدايّ بهذا النجاح.
إلى أن جاء اليوم الذي كانت تنتظره صقيل بشوقٍ مع صديقتها بتول وتم الإعلان عن النتائج وكانت صقيل الأولى على جامعتها وبتول كانت من بين الأوائل كذلك، فالذي يعيش في رحاب صاحب الزمان سوف تُحيط به ألطاف الولي الحنون وتتابعه بركات أنفاسه إلى أن يكون نجماً لامعاً في سماء المجـد.
وما إن ابتدأ العام الدراسي الجديد وصقيل قد تخرجت وودعت الجامعة بحزن لفراق العلم والتعلم ورفقة ولي العصر خلال هذه المسيرة المباركة وبين فرح وسرور لتحقيق هذا النجاح الذي هو هدية لصاحب الزمان (عجل الله فرجه).
ولأن صقيل كانت من الأوائل تم طلبها لتكون معيدة في الكلية.
شكراً لجميل وعظيم لطفك وعطائك سيدي يا بقية الله، ألطافك وبركات أنفاسك لم تفارقني أبداً.. أبداً... كل نجاحاتي مُهداة لك أيُّها الحبيب المنتظر الحجة بن الحسن «عجل الله تعالى فرجك الشريف»، وشهادتي لخدمتك يا بن فاطــــــم.
اضافةتعليق
التعليقات