بعد ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله) بانت أولى طلائع النهضة التي أكملت الحضارة المبتورة، حيث احتشدت المبادئ المشرّعة بالعطاء المعرفي الذي أورق بكرم مخضلا تستظلّ بفيئه الأجيال المتعاقبة.
تربّع الرسول (صلى الله عليه وآله) فوق عرش الحب يهدي باقة منه للقاصي والداني، يجذب به القلوب الولهى من أنصاره وأتباعه لغاية يردّد صداها شجيّا متواصل الإيقاع صادحا (المرء مع من أحب).
قال مهاتما غاندي عن ذلك: (أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب الملايين من البشر، لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أنّ السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته‘ بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقّته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، شجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.
هذه الصفات هي التي مهّدت الطريق، وتخطّت الصعاب وليس السيف).
التجسيد العملي
إنّ التمسك بالمبادئ الرصينة التي سنّها الإسلام والالتزام بها من قبل القيادة العليا المتمثّلة بشخص الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)؛ شكّل حافزا شجّع المسلمين للسير على نفس الخطى الرصينة؛ كما خلق بذلك السياسة الراجحة في المنظومة التكامليّة للمجتمع من خلال السلوك البراجماتي في تحويل القضايا الكبرى من القوة إلى الفعل والانتقال من النظريّة إلى الحياة الواقعية لإحداث التحول.
إنّ العمل على تجسيد القيم الأخلاقيّة كسلوك وممارسة عمليّة يوميّة هو ما سيؤدّي حتميّا إلى النهضة الحقيقيّة المرجوّة التي سعى لترسيخها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) في مسيرته على هذا الدرب الشائك المليء بالتفاني والتضحيات.
خلق النموذج الفاعل
كان الرسول (ص) خير من أجرى أمر السماء على الأرض مراعيا دقّة التفاصيل في هذه المهمّة بحذافيرها وبإخلاص منقطع النظير، فقد قيل في مكارم أخلاقه أنّه (ص) ما قعد إلى رجل قطّ فقام حتى يقوم، و كان (ص) يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفض صلاته وأقبل عليه؛ لذا استطاع (ص) بهذه السنّة الرشيدة وهي إقران القول بالعمل صنع حضارة إسلاميّة بلغت أرجاء العالم متوسّعة ممتدّة، سطرت الانتصارات في ذاكرة التاريخ.
اضافةتعليق
التعليقات