"بطبيعة الحال هناك انطباع أن الفن هو دعم لمبدأ التنوع فقط لكن بدراسة الفنون الإبداعية نتعرف على قيمة التنوع وبأنه غرض جانبي لا فكاك منه. فحضور الفنانين وزوار المتاحف والمسارح وقارئوا الروايات والشعر لم يفعلوا ذلك ليعرفوا شيئاً عن الطبيعة الكونية للإبداع الفني، إنهم يفعلون ذلك كي يغذوا أرواحهم لأن الفن كما يقال هو لغة القلوب".
هذا ماذكره الكاتب نيل بوستمان في كتابه أزمة التعليم، فإن ممارسة الموسيقى والرسم والأدب تقام لتساعد الشباب على فهم تلك اللغة كي تنفذ إلى قلوبهم وقد نركز على الفنون لأن موضوعها يقدم أفضل دليل على وحدة وتواصل التجربة الانسانية، فالرسم على سبيل المثال، اقدم من الكتابة بأكثر من ثلاثة اضعاف ويحتوي ضمن أساليبه وأفكاره المتنوعة على سجل لخمسة عشر الف عام مضت عن تقدم الانسانية، فعندما نذكر ذلك فإننا نكشف عن الكيفية التي اختارتها شعوب مختلفة على مر العصور لتعبر عما في قلوبها من مخاوف ومبالغة في الشعور بالأهمية والقوة.
فمواصلة الشعور ومحاولة التعبير عنه بأحد وسائل الفن تحتم علينا أن نوسع نظرتنا للفن كي يتضمن الأعمال الفنية من مختلف الأشكال والمعاني، وعلى الأرجح أن تدخل هذه لغة القلوب في المدارس والجامعات وجميع جوانب الحياة وباتجاهات مختلفة لنقترب من الابداع في مستوى التفوق والنجاح ايضاً لكن ليست جميع القلوب على مستوى واحد من الاستقبال للغات الفن المتعددة التي تساهم في فهم الأحاسيس والمشاعر وكمية تطبيقها وبث الحياة في الأعمال .
أما فيما يتعلق بمشروعية القواعد، فالعبارة تشير ببساطة إلى وجود أمثلة متفق عليها للتفوق في مختلف فروع الابداع. وتعني أن أي قاعدة هي أداة حية ودينامية، وانها ليست مقصورة بالتأكيد على أولئك الشخصيات الناجحة كالفنانين وغيرهم من الراحلين منذ أمد بعيد ومازلت فنونهم وأعمالهم مهيمنة إلى الوقت الحالي وذلك لسبب هو أن أعمالهم قدمت المتعة والتعليم لبشر من أجناس مختلفة وعلى مدى فترة طويلة من الزمن وهكذا استطاعوا اكتساب مكانتهم وترسيخ نجاحهم في أذهان الأجيال المختلفة.
وأيضاً تشمل هذه الفنون مستوى التعليم في مختلف دور العلم والأساتذة الأكاديميين فإن انطلاقهم من إيمان أولئك الناجحون الذين سبقوهم يشكل عاملاً مهماً في نقل قدر من الاحساس بأستمرارية الابداع الفني، ولابد من أن يتوفر لأرباب العمل والأساتذة مفهوم عن نماذج التفوق أو هم في الواقع مجبرون على أن يتمتعوا بهذه المقدرة كي يستحوذوا على قلوب المستفيدين من تلك اللغة محاولين بذلك أن ينتجوا جيلاً مزدهرا وشبابا قائدا يعي مستوى الثقافة له في المجتمع ويستطيع خلق جو ثقافي في بيئته مهما كانت ظروفه ومهما انعدمت السبل للقيام بذلك.
فإن مسؤولية أرباب العمل والمعلمين بذلك أصبحت أكبر بكثير لأنهم لا ينقلون العمل حسب قاعدة معينة بل يجب أن يدخل قانون التنوع في كيفيه اتمام العمل ايضاً فمن شأن ذلك أن يدخل وارد ايجابي من ناحيتين، المادية التي تدخل تعديلاً وتطوراً ملحوظاً في العمل، والنفسية التي تشعر المرء بالفخر عند الحصول على نتائج مختلفة تكشف عن أهمية وتثمين مايقوم به لأن طبيعة الفن هو كسر للروتين فمن يعتد على وتيرة واحدة في ممارسة نشاطاته يعتريه الملل ويفقد شغفه ويصبح كسولاً لا يرى في ما يقوم به دون جدوى.
لذلك يعتبر التنوع أحد الطرق العلاجية لمكافحة الملل الذي قد يصيب الشخص في انجاز مهامه سواء كان معلم أو مدير شركة أو موظف أو طالب أو صاحب مهنة معينة أو كان أحد ممتهني الفن في إحدى صوره فمن شأن ذلك أن يعمل على توهج الرغبة لمواصلة العمل وإنجازه في أقصى سرعة ممكنة.
اضافةتعليق
التعليقات