قيادة السيارة تتطلب تدريبا فمن غير التدريب ستؤذي صاحبها وغيرهُ وتؤدي بحياته وحياة غيره إلى موت محدق وخطر قد يسبب عاهات مستديمة لا حلول لها.
وكما أن السيارة ووسائط النقل الحديثة جعلت من المسافات أقصر والوصول أسرع فإن الشبكات العنكبوتية ومواقع الإنترنت بمجملها جعلت من العالم ليس قرية صغيرة فحسب إنما بيت صغير فإمكاننا الوصول إلى كل ما نريد بحركة إصبع ونحن على أسرتنا المريحة ننتقل بسهولة سواء معلومات، أماكن، حياة المشاهير بتفاصيلها، حياة المقربين، صور المدن في أقاصي الأرض بل حتى الفضاء وبقدر ما يسهل ذلك تناقل المعلومات وسرعة إنتشار الخبر كالنار في الهشيم فهو أشبه بكنز لو استخدم بطريقة صحيحة ولو حدث العكس ستحول الإنسان لجسد خامل ودماغ شبه مغسول دون أي تقدّم في الحياة، عديم الانتاجية وإن كانت موجودة فإنها قليلة الجودة.
إن سياط العولمة قد نالت من الجميع بدون استثناء فإن أعلى طبقات المجتمع من حيث الشهادات والثقافة فإنهُ يسرق من وقتهم يومياً وأصبح هذا الشيء ضمن تفاصيل كل اليوم والعادات الأساسية فيه، ويعتبر الإنترنت السبب الرئيسي في غياب اليقظة الذهنية التي بدورها تعمل على رؤية العالم بشكل أوضح كما عرفها رئيس مركز الأبحاث في اليقظة الذهنية جودوسون برووير، سأطلب منك أيها القارئ الكريم استخدام هاتفك الذي بين يديك هذه المرة لتعلم التمارين الخاصة بآلية تقوية اليقظة الذهنية عبر الغوغل أو اليوتيوب، فكلما تدربت على اليقظة الذهنية ستتضح لك أن لمخك عقلهُ الخاص، أفكارهُ الخاصة، يتميز بموهبة أو لربما مواهب عدة، وبذلك ستكتشف أن لك صديقاً مميزاً قد يكون حكيماً في مواقف وغاية الجنون في مواقف أخرى.
وحين وصولك للحظة التي تدرك فيها أنك لست مضطراً للموافقة على أي دعوة هي اللحظة التي تكتسب اليقظة الذهنية وتصل لمرحلة السيطرة على إدمان الأشياء ومنها الإدمان على هاتفك، ستحقق الحرية الذهنية بالتالي ستزداد الإنتاجية ومستوى الجودة.
إن الاعتراف بصعوبة معالجة كل الآثار السلبية التي تركتها العولمة علينا وعلى أولادنا هي أولى خطوات المعالجة، ثم نختار سلبية واحدة الأقرب للمعالجة ونبدأ منها كي ننتشل أنفسنا من أنقاض العولمة ونحدد موقفنا مما نحنُ فيه وما ينتظرنا في المستقبل فمن دون اتخاذ القرار بحكمة وشجاعة في الانطلاق باستخدام المعالجات فإنها ستلاحقنا جيلاً بعد آخر وتصبح عملية التربية أصعب بأضعاف مضاعفة كونها بدون ضابط.
فهذه الهواتف والشبكات ومواقع التواصل تجلد بسياطها الأخلاقيات والمعتقدات الدينية التي ينص عليها ديننا الحنيف، كما حدد كتاب (صراع الأجيال للكاتب يوسف غضبان) النقاط والخطوات لنجاح عملية إفساد الأخلاقيات ومن جملتها:
_١ إلغاء سلطة الآباء
_٢ إلغاء سلطة التوجيه من قبل الشخص المناسب ووضعها بيد الشخص غير المناسب
_٣ فصل السنة عن القرآن
_٤ فصل الدين عن السلوك وبالعكس واعتبار كل منهما لوحده
_٥ فصل السلوك عن العقيدة
_٦ إبعاد الإنسان عن الخالق
_٧ استراتيجية تفكيك الأواصر الأسرية والاجتماعية
_٨ إلغاء الإله
_٩ فصل العبادات عن السلوك
وكما ذكر الصحفي السوفيتي يوري بيزمينوف تحتاج لـ (١٥ - ٢٠) سنة لتدمير منظومة الأخلاق والقيم لدى الشعب المستهدف، لأنها المدة الزمنية الكافية لتنشئة جيل من الصغار على القيم اللاأخلاقية المبتذلة وتفكيك الشخصية وجعلها بدون هوية، والعمل بجد على إسقاط رجال الدين والغاية من ذلك هو إبعاد الجيل المستهدف عن الدين والأخلاق من خلال تشويه صورة علماء الدين.
اضافةتعليق
التعليقات