نشهد اليوم حالات الطلاق في مجتمعنا العراقي وهي تنتشر بكثرة كالوباء المرعب لكون مسبباته باتت غريبة لا يستوعبها عاقل! والمصيبة كما يبدو أن البحث عن دواء صار أمرًا لا يُكترث بشأنه والدليل حيث تشير منظمات عالمية أن العراق يسجل عشر حالات طلاق في كل ساعة معظمها لزيجات شباب لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاما!.
في تقرير عُرض على قناة تلفزيونية؛ ما صرح به محامون في بغداد: أغلب أسباب الطلاق واهية والوعي العام في خطر. على أثر أغرب حالة طلاق شهدتها المحاكم في السنوات الأخيرة؛ أم لطفلين بسبب لعبة "البوبجي".. ماتعرضت له الشابة (نور) بعد ضرب مبرح لها من طليقها حيث تقول نور: إن سبب طلاقي أنني كنت ألعب لعبة البوبجي ودخل عليّ زوجي ورآني ألعب مع "تيم" شباب كنا نضحك ونتبادل الحديث، فما كان له إلا أن ضربني وآثار الضرب واضحة, وشتمني وأخذ جهاز النقال وقام بكسره واعادني إلى بيت أهلي "زعلانة" هذا كله بسبب اللعبة!,
وأضافت نور: السبب هو (بس فاتحة مايك ما عندي شي آني كاعدة بس نلعب وفاتحين مايك! وعندي أطفال اثنين زغار أخذهم من عندي..).
التشريعات القانونية الأخيرة صنفت هذا الموضوع في خانة الخيانة الزوجية, يقول قانونيون..
وهذا ما جرد نور صاحبة العشرين ربيعًا من طفليها. وتمثل قصة نور مختصرًا لآلاف قصص الطلاق التي تحصل يوميًا لأسباب لا قيمة لها، إلا إنها تُسجل في المحاكم بأسباب أخرى تكون قاهرة..
وعن هذا الموضوع تباينت الآراء واختلفت الردود، هناك من قال: أنا ضد المرأة المتزوجة التي تتحدث مع شباب غرباء عبر الهاتف المحمول لأجل لعبة أو غيرها ومهما كانت الأسباب،
ولكن لو صار الموقف بالعكس وكان الزوج محلها يتحدث مع الفتيات فإن المجتمع كله سيقف معه وسيقول الجميع هو رجل ولا ضير أن يخطأ والأمر مجرد كلام ولا يحق للزوجة محاسبته ووو..!.
وهناك من قال: إن الحق عليها وهذا الشيء لا يجوز واللعبة جدًا فاشلة للرجال والنساء فهي تسطيح للعقول؛ هذه المرأة تستحق ما حصل لها بل تستحق أكثر فبالتأكيد إن زوجها قد نبه عليها بخصوص هذا الأمر، ولا شك بأنها مهملة إلى درجة أن تلهي نفسها باللعب ولا تقوم بواجباتها بصورة صحيحة، وعند وصولها لهذه المرحلة جاء وقت الحساب فلم تعتذر وتعترف بخطأها وإلا لما حدث ما حدث "وخلي يفيدها التيم"!.
وقال آخر: لي سنة ونصف ألعب -بوبجي- أكثر من سبع ساعات في اليوم مع أصدقائي ومجموعة كبيرة من الفتيات، وهناك من لا يلعبون إلا مع أقربائهم إن كان من الشباب أو الفتيات ويستمتعون بذلك، أنا متزوج ولدي ثلاثة اطفال، لا أذكر يومًا أن اللعبة سببت لي أي مشكلة داخل بيتي فلا أعتقد أن اللعبة هي السبب فيما حدث!.
منطقيًا التصريح الأخير يحمل وجهة نظر سليمة نوعًا ما، فمن غير المعقول أن يصل الزوجين لمرحلة الطلاق وتهديم أسرة كاملة بسبب حديث اجري أثناء لعبة، مع أنه تصرف غير جائز ولا مقبول حتى عند الغالبية في مجتمعنا، وبالمقابل إن أبغض الحلال عند الله هو الطلاق، فهل يجوز له طلاقها لهكذا سبب؟.
بالعقل نقول أن هناك عقوبات كثيرة لمثل هكذا خطأ غير الطلاق والأجدر به محاسبتها
وحرمانها من امتلاك هاتف محمول مثلًا أو غيرها من الأمور, تُطبق في محيط الأسرة من كلا الطرفين، آخذين بعين الاعتبار وجود أطفال سيكونون ضحية ليس لهم أي ذنب لحمل العواقب على أكتافهم الصغيرة جراء ما سيحدث لاحقًا!.
نحن اليوم أمام كارثة مهولة تؤدي لفساد المجتمع تمامًا بصورة تدريجية على المدى البعيد إذا ما كثرت حالات الطلاق الغريبة هذه واستمرت؛ لكون ضحية هذا الانفصال هم الأطفال غالبًا الذين سيتعرضون بلا أدنى شك لأزمات نفسية وصراع مؤلم نتيجة حرمانهم أحد الوالدين، فتدفعهم الحاجة نحو الشعور بالظلم والغضب وحالات من العزلة والاكتئاب، مما قد يؤدي بهم لانتهاج العنف كأسلوب حياة.
فمما لا شك فيه سيعنفون جراء عدم تقبلهم الفقد وشعورهم بالنقص والاحتياج طوال الوقت ما يجعل هؤلاء الأطفال يكبرون مع اعاقة عاطفية تجعل منهم أشخاص ذو طباع حادة غير رحيمين، قساة قلوب يفعلون أي شيء مؤذٍ دون تفكير ولا يشعرون بتأنيب الضمير حتمًا بسبب ما عاشوه، وبالتالي سيُنتج للمجتمع أكبر شريحة متوقعة منهم!.
اليوم نحن بأمس الحاجة لاطلاق حملات توعية مكثفة لتذكير الخلق بما آل إليه الحال من سيء لأسوأ في هذا البلد الجريح على مر السنين، فليشعروا المقصرين بأنفسهم تجاه أسرهم خاصة والمجتمع عامة، ولينتبهوا لمكانتهم وأي أمة وعلى أي ملة هم، وضرورة الدعوة للعودة إلى العقل والمنطق في التعامل وأخذ القرارات المصيرية من خلال الالتزام بتعاليم الدين الحنيف السامي وما ينص عليه للحفاظ على الأسرة التي تلد المجتمع.
فإن الوعي العام وكما تلاحظون أصبح في خطر جسيم لا يتحمل الصمت أو التغاضي، ومن هنا كوني فرد من هذا المجتمع أشعر بالمسؤولية تجاه مجتمعي وأهل بلدي وأطالب كل من يهمه الأمر القيام بحملات توعية تُبين ما يسعى إليه المغرضون من دس السُم في العسل وتوزيعه بالمجان على أمل الوصول لمبتغاهم في تدمير هذا المجتمع والقضاء عليه دون أن يشعر.
على الجميع الانتباه لما يعيشه هذه الأيام في الحياة الواقعية وقلب الطاولة لتوظيف الافتراض لخدمتهم وليس العكس، فلينشر كل فرد ويتحدث بما لديه من نصائح وتجارب بخصوص أي مشكلة يعانيها المجتمع وهو ملمٌ بها؛ أينما حل في دور العلم ودوائر العمل والمقاهي وعلى شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي وحتى على أبواب الأسواق والمحلات التجارية في كل الشوارع والأزقة إن لزم الأمر لعلنا ننهض بواقعنا المؤسف هذا!.
اضافةتعليق
التعليقات