أقامت جمعية المودة والازدهار ورشة بعنوان (مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين) واستهدفت الطالبات في المرحلة الثانوية، يوم الأربعاء الموافق 15/2/2023.
وكان الهدف منها تعريف الشابات بمدى خطورة العوالم الافتراضية الموجودة بين أيدينا وما هي الاستخدامات الأمثل لها وكيف يمكن استثمار قدراتنا وتطويرها من خلال الشبكات العنكبوتية.
قدمت الورشة الأستاذة آيات محمد/ ماجستير علم نفس من جامعة بغداد، وانطلقت بسؤال الحاضرات عما سنتحدث برأيكم فأجابوا بـ (فوائد مواقع التواصل ومضارها والآلية الصحيحة لاستخدمها) وسألت سؤالاً آخر: مواقع التواصل سلبية تماماً؟ فكان الجواب (حسب استخدام الشخص لهذه المواقع فاستخدامه يعيد لهُ أما بالنفع أن الضرر).
ثم عرضت مقطع فيديو يحكي (قصة طالبة في المرحلة الثانوية تعود للمنزل كل يوم وقت الغداء ثم يبدأ الشجار بين والديها فتعود هاربة إلى غرفتها وتفتح الكمبيوتر وتفتح مواقع التواصل وتكتب كل ما تمر به من مشاعر الضياع والحزن فـغرفتها هي المتنفس الوحيد لها لأنها مليئة بالأجهزة الالكترونية التي تبحر من خلالها في عوالم كثيرة، متعددة وخطيرة في بعض الأحيان لكنها تجد الراحة في محبة الآخرين الافتراضية وبمرور الوقت تُصاب بالاكتآب والحزن بسبب هذه العوالم فأصدقائها وزملائها في عوالم التواصل الاجتماعي يملأون صفحاتهم بأخبارهم السعيدة وصور الأوقات الجميلة التي تدل على أنهم يعيشون حياة مثالية في داخل أسرهم فتقارن فاطمة بينها وبينهم ويتعمق الحزن والأسى داخلها لتصاب بعد سنوات قليلة بأمراض نفسية كالإكتآب والقلق والسؤال هو ماذا حصل داخل جسم فاطمة لتصل إلى هذه الحالة الكئيبة؟).
وسألت الأستاذة ما هو السبب الذي أوصل فاطمة لهذه المحطة برأيكم؟ تعددت الإجابات منها:
عدم احتواء العائلة لها وعدم وجود نافذة لتفريغ ما بداخلها.
تعامل الأهل السلبي.
مقارنة نفسها بحياة الآخرين الظاهرة على المواقع فالناس لا تظهر إلّا جانبها الإيجابي.
وهنا انطلقت الأستاذة في محور الحديث بأن الحل لأي مشكلة نوجهها هو البدأ بجذورها وأسبابها ففي علم النفس يُقال بأن تشخيص المشكلة هو نصف الحل أو نصف العلاج، فلا يمكننا حل مشكلة بصيغة عشوائية دون تحليل وتفكير والبحث عن سبب حدوث المشكلة فمعرفة السبب هو طريق للحل وهنا نأتي لأنفسنا ما هو سبب إدمان ولجوء أي شخص لهذه المواقع!؟ لساعات طويلة!؟ وبالاستخدام السلبي لها؟ وإن الاستخدام السلبي هو سبب الادمان والاستمرارية.
فأجابت بدايةً يجب أن نفهم نحن كـبشر ما هي احتياجاتنا؟ فلكل شخص احتياجات منها الحاجة للحب، التقبل، القبول الاجتماعي، الاحساس بالانتماء، الاحساس بالوجود من خلال ردة فعل الآخرين على انجاز قام به فالإنسان بحاجة لهذا التواصل وهذه التغذية الراجعة فالكلمة البسيطة تؤثر فيه وتصنع جمالية شعورية داخل الإنسان فهذه الحاجات التي لدينا طبيعية تحتاج إلى تغذية من المجتمع، مثلاً حين نطبخ أكل معين ونضعهُ أمام الأهل وننتظر ردود الآخرين بأنه لذيذ جداً أو يحتاج لبعض الملح وغيرها هنا قد حصلنا على شعور واشباع لهذه الحاجة.
إن الذي يحصل على مواقع التواصل ننشر صورة لهذا الطبق الذي طبختهُ وتبدأ ردود الأفعال باعجابات أو تعليق أو مشاركة وكذلك تظهر عدد الأشخاص الذين شاهدوا هذه الصورة ١٠٠ مشاهدة وقد تصل إلى ألف وأكثر هذا الضخ الكبير من التفاعلي يسد حاجة ويشعرنا بالاشباع والقبول والرضا الداخلي عن أنفسنا من خلال كمية الاعجابات والتعليقات لكن هل يا ترى هذا الضخ الهائل هو صحي لنا؟
قد يكون هذا الإشباع أكبر من حاجتنا البشرية الاعتيادية وكذلك كونه مؤقت كما يوجد رغبة في المزيد من هذه التفاعلات فنحنُ كل مرة نريد أكثر فأكثر ومن المحتمل أن يكون التفاعل سلبيا فيؤذينا ويكون غير صحي لنا وقد شبه الأطباع هذا الشعور بـالمخدرات وتعاطي الكحول وذلك بسبب وجود مشاعر عالية بالسعادة فجأة بالتالي هو أشبه بمتعاطي المخدرات والكحول.
فسيولوجياً هناك مادة تنتشر بالدماغ اسمها الدوبامين تنتشر بشكل سريع وعالي تخدر وعي الإنسان وتحقق شعور النشوة والسعادة والفرح وهذه المادة تُفرز أيضاَ عندما نأكل طعام لذيذ أو الشوكولاتة وغيرها ولأن هذ الشعور يسبب التجويع الدائم فالدماغ يضغط علينا بأنه يريد أكثر وأكثر، نلاحظ الكثير من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي يفعلون أي شيء في سبيل الحصول على زيادة المشاهدات فهو يقلل من نفسه ويضر بها في سبيل الحصول على هذا الشعور نتيجة ضغط الدماغ وذلك بغض النظر عن التفاعلات الإيجابية أو السلبية لأنه تعدى مرحلة غربلة التفاعل بل إنما يكفي وجوده كمياً.
واحدة من الأشياء التي تحدث معنا بسبب عدم وجود شخص حقيقي أمام عالم افتراضي فتبدأ لدينا حالة اشباع عدة حاجات منها التقبل، الحب، القبول الاجتماعي، الرضا عن الذات وكذلك يوجد حاجة مهمة نحتاجها جداً بالواقع لكننا نجدها بشكل أريح على مواقع التواصل وهي يمكنني أن أتحدث بكل شيء أريده دون شرط أو قيود العائلة والأسرة، التقاليد والأعراف وعدم وجود روادع أخلاقية أو شخصية بالتالي مباح كل أنواع الكلام لأن هذه القيود الموجودة على أرض الواقع يجبرنا على قولبة الكلام لجعله مناسباً للمكان والزمان والحضور وهذا يتطلب مجهود ولا يمكن ضمان تقبل الكل، كما أن هذه العوالم تشبع عندي حاجة الفضول في التعرف على حياة الآخرين ومتابعة كل ما يفعلوه من خلال الحالة اليومية (الستوري) وكما أن خاصيتها التي تبقى 24 ساعة فقط هي خدعة تجعلني مشدودا طول الوقت لتواجدي على هذه المواقع.
كما أنها تلبي حاجات وجود الأصدقاء عددياً وذلك لسهولة الصداقة في المواقع لكنها على أرض الواقع صعبة جداً.
وشرحت الأستاذة عن فكرة البلوك أنه افتراضيا يلغي كل أساليب التواصل مع المقابل وهذا البلوك غير موجود في الواقع وهذا الشخص يجب مواجهته وهذه المواجهة تحديداً تبني مهارات جديدة منها تجنب استفزازه وهذه تعد مهارة، التعامل معه بطريقة تخفف من انفعاله أو وضع حد يمنعه من الدخول في حياتي، من مهارات العلاقات الواقعية هي بناء صفة الصبر على شخص مؤذي فالسرعة الموجودة بالعالم الافتراضي من خلال كبسة زر وحركة اصبع بدأ مفهوم الصبر يضعف لدى الإنسان وتصنع منا أشخاص عجولين نتخذ قرارات متخبطة وسريعة لذا نلاحظ كمية السلبيات التي تقدمها واقع التواصل.
وقدمت الأستاذة دراسة تم اجرائها على مجموعة بنات في سن المدرسة خضعوا إلى اختبار صعب جداً فالغالبية لم يجيبوا على هذا الاختبار، بعد الاختبار قسموهم إلى فئتين الأولى عبرت عن شعورها بالاستياء والانزعاج من الامتحان إلى عوائلهم الكترونياً من خلال رسائل نصية أو اتصال هاتفي، أما المجموعة الثانية عبروا عن نفس المشاعر بوجود عوائلهم حضورياُ بعدها قاموا بقياس مستوى الضغط عند المجموعتين فالأولى لم ينخفض مستوى الضغط أما الثانية فقد انخفض بنسبة عالية من خلال التفاعل المادي الملموس السمعي البصري ظهر تأثيرها بشكل ملحوظ في تخفيض مستوى الضغط فلو عدنا للطفل عند بداية نمو دماغه الذي يبدأ بنسج وزيادة الوصلات العصبية وهذه الزيادة والتفاعل يكون من خلال حمل الأم له واللمس والمناغاة والطبطبة وهذا هو أحد الوسائل المهمة بنمو دماغ الطفل بينما لو وضعنا أمام الطفل جهاز لوحي آيباد أو تلفاز يعرض صور ملونة وأصوات متداخلة هذه تضخ معطيات صورية وصوتية مباشرة دون وجود حسي أو ردة فعل فغياب التفاعل الحسي يبطئ ويوقف نمو الدماغ بالتالي تؤثر على الانتباه والتركيز والذاكرة وتفاعله مع المجتمع.
وتضمنت الورشة عدة تمارين للقياس التركيز أحدها بدون أي ضوضاء والثاني بوجود ضوضاء سمعية وهنا بينت تأثير إشعارات تطبيقات الهاتف كالرسائل واشعارات الفيس بوك والانستغرام وغيرها على مدى التركيز وسلسلة الأفكار ودرجة الذاكرة من خلال عرض عدة أشياء بوقت واحد لأن عقولنا وادراكنا ينتبه على شيء واحد فلو تعددت الأشياء سينخفض مستوى الأداء، يقول العلماء حاول التركيز وصناعة عصف ذهني على شيء واحد لعدة ساعات هذا سينمي قدراتك الإبداعية والابتكارية بدون تأثير منبهات ومشتتات لهذا عادة العلماء يستغلون وقت الفجر في كتابة الكتب والابتكارات والتأمل وهذا مذكور كمفهوم ديني وروحاني في أدعية الفجر وتعبد بداية الشروق هذا موجود في علم النفس لصناعة إنتاجية العقل، معرفة الأسباب التي تؤدي بنا في الوقوع بأضرار مواقع التواصل هي الطريق لمعرفة الحل.
كما ختمت الأستاذة بأن الأشخاص الذين ينشرون وجوههم وتفاصيل حياتهم التي تظهر لنا بأنها متكاملة بدون أي خطأ في مواقع التواصل الاجتماعي، أو يقومون بنشر الأشياء التي يشترونها أو الأماكن التي يذهبون لها من المطاعم أو تفاصيل السفر فهم ينشرون أفضل ما لديهم علاوة على الفلاتر والتعديلات على الصور، لذا تشوه صورة الجسد مشكلة العصر الحديث عند الجنسين على حد سواء، وكذلك انعدام الانتماء العائلي هو مشكلة أخرى تعاني منها الأجيال الحديثة بسبب الفجوة العمرية والتكنلوجيا بين الآباء والأبناء.
وفي الختام شاركن الحاضرات في تمرين مشترك يبين آلية نقل المعلومات افتراضياً وكان القصد من التمرين أن الحقائق التي تصل قد خضعت للتغيرات من شخص لآخر وهذا له علاقة بمواقع التواصل فلا يمكن الاعتماد على مواقع التواصل بأنه مصدر معلومة لأنها قد تكون تعرضت للفلترة والتجزئة وغيرها.
وعبرت المشتركات عن آرائهن فقالت إحداهن بأن الطرح جميل جداً ومناسب لأعمار الحاضرات وأسلوب إلقاء المحاضرة رائع جداً كما أن المعلومات قيمة ولها واقع صحيح في المجتمع.
وأبدت مشاركة رأيها: قدمت الأستاذة بعض الدراسات النفسية لتأثير هذه المواقع على حياتنا واقترحت بعض الحلول التي يمكن أن نتبعها لنتجنب قدر الامكان هذه المشاكل ومشاركة الحديث مع الحضور كان ممتعاً جداً.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تسعى لدعم وتمكين المرأة ثقافيا، وبناءها من خلال إقامة عدة دورات على مختلف الأصعدة..
اضافةتعليق
التعليقات