عالم مسلم عربي برع في علوم الكيمياء والفلك والهندسة وعلم المعادن والفلسفة والطب والصيدلة، ويعد أول من استخدم الكيمياء عمليًا في التاريخ، هو العالم جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي، ولد على أشهر الروايات في (سنة 101 هـ/721 م) وقيل أيضاً (117 هـ / 737 م) ، ولد في طوس .
جابر ابن حيان في السطور
جابر هو ابن حيان بن عبد الله الأزدي الذي هاجر من اليمن إلى الكوفة، وعمل في الكوفة صيدلانياً، كان والده من المناصرين للعباسيين في ثورتهم ضد الأمويين، الذين أرسلوه إلى خراسان ليدعوا الناس لتأييدهم، حيث قُبض عليه وقتله الأمويون، فهربت أسرته إلى اليمن، حيث نشأ جابر ودرس القرآن والعلوم الأخرى، كان يعمل في الكوفة في العطارة مهنة والده، وقد خصص مكان في المنزل لمعمله الخاص بالكيمياء جعل فيه فرنا خاصا لصهر المعادن، اكتشف في هذا المعمل العديد من الأحماض واخترع فيه آلات تساعده على ابحاثه وكتب فيه أهم مؤلفاته، كذلك يعتبر أول من وضع الأساس لعلم السموم حيث كان أول من تحدث عنها وعن الطرق التي تدفع أضرارها، ومارس مهنة والده، ثم عادت أسرته إلى الكوفة، بعد أن أزاح العباسيون الأمويين، لذا ينسب أحيانًا بالأزدي أو الكوفي أو الطوسي أو الصوفي.
اختلفت بعض المصادر حول كونه عربيّ أزديّ أم فارسي، وهناك انضم إلى حلقة دروس كانت عند الامام جعفر الصادق (عليه السلام)، فتلقى علومه الشرعية واللغوية والكيميائية على يديه، كما درس أيضًا على يد الحميري، ثم مارس جابر الطب في بداية حياته تحت رعاية الوزير جعفر البرمكي أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد.
في كتاب تاريخ العلوم في الإسلام: وصف جابر ابن حيان بأنه كان طويل القامة، كثيف اللحية، اشتهر بإيمانه وورعه، وكذلك كان يعيش جابر بن حيان في مدينة دمشق القديمة، حيث كان يقضي معظم يومه في غرفة منعزلة يعكف على دراسة الكيمياء.
كتبه في القرن الرابع عشر من أهم مصادر الدراسات الكيميائية وأكثرها أثراً في قيادة الفكر العلمي في الشرق والغرب، وقد انتقلت عدة مصطلحات علمية من أبحاث جابر العربية إلى اللغات الأوروبية عن طريق اللغة اللاتينية التي ترجمت أبحاثه إليها.
قال عنه أبو بكر الرازي في «سر الأسرار»: «إن جابراً من أعلام العرب العباقرة وأول رائد للكيمياء»، وكان يشير إليه باستمرار بقوله الأستاذ جابر بن حيان، وقال عنه العالم الكيميائي الفرنسي مارسيلان بيرتيلو في كتابه (كيمياء القرون الوسطى): "إن لجابر بن حيان في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق".
وتوفي جابر وقد جاوز التسعين من عمره في الكوفة بعدما فر إليها من العباسيين بعد نكبة البرامكة، سجن في الكوفة وظل في السجن حتى وفاته سنة 197هـ (813 م).
ينسب له اختراعه لعدد من الحوامض وتحضيرها ومنها حمض الكبريتيك وسماه زيت الزاج، ولقد بلغ مجموع ما نسب إلى ابن حيان من مساهمات إلى ما يقرب من 3,000 مخطوطة، إلا أن بول كراوس أثبت أن عدة مئات من تلك الأعمال ترجع إلى عدة أشخاص، وأن معظمها تعود إلى أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العاشر، ولقد ضمت تلك المساهمات مؤلفات في علم الكونيات والموسيقى والطب والأحياء والتقنيات الكيميائية والهندسة والنحو وما وراء الطبيعة والمنطق والفلك، وقد ترجمت بعض أعماله في الكيمياء إلى اللغة اللاتينية في العصور الوسطى، وانتشرت على نطاق واسع بين الكيميائيين الأوروبيين في العصور الوسطى.
ومن أهم الإسهامات العلمية لجابر في الكيمياء، إدخال المنهج التجريبي إلى الكيمياء، وهو مخترع القلويات المعروفة في مصطلحات الكيمياء الحديثة باسمها العربي (Alkali، ولقد عرَف ابن حيان الكيمياء في كتابه العلم الإلهي بأنه "الكيمياء هو الفرع من العلوم الطبيعية الذي يبحث في خواص المعادن والمواد النباتية والحيوانية وطُرق تولدها وكيفية اكتسابها خواص جديدة".
وقد وضع جابر نظرية رائدة للاتحاد الكيميائي في كتابه "المعرفة بالصفة الإلهية والحكمة الفلسفية"، حيث قال: «يظن بعض الناس خطأً أنه عندما يتحد الزئبق والكبريت تتكون مادة جديدة في كُلِّيتها، والحقيقة أن هاتين المادتين لم تفقدا ماهيتهما، وكل ما حدث لهما أنهما تجزَّأتا إلى دقائق صغيرة، وامتزجت هذه الدقائق بعضها ببعض، فأصبحت العين المجردة عاجزة عن التمييز بينهما. وظهرت المادة الناتجة من الاتحاد متجانسة التركيب، ولو كان في مقدرتنا الحصول على وسيلة نفرق بين دقائق النوعين، لأدركنا أن كلاً منهما محتفظا بهيئته الطبيعية الدائمة، ولم تتأثر مطلقًا»، ويمكن تشبيه هذه النظرية بالنظرية الذرية التي وضعها العالم الإنكليزي جون دالتون.
وقد قسم جابر المواد إلى ثلاثة أنواع مختلفة، وهي:
1. الأغوال، أي تلك المواد التي تتبخر عند تسخينها مثل الكافور، وكلوريد الألمنيوم.
2. المعادن مثل الذهب والفضة والرصاص والحديد.
3. المركبات، وهي التي يمكن تحويلها إلى مساحيق. وخلاصة القول، حسب "سارتون"، إنه لا يمكن معرفة القيمة الحقيقية لما قام به جابر إلا إذا تم تحقيق وتحرير جميع مؤلفاته ونشرها.
4. الميزان: كان جابر ابن حيان من أول من استعملوا الميزان في قياس مقادير المحاليل المستعملة بتجاربه الكيميائية، حيث كانت عنده وحدات قياس خاصة به، وكان أصغرها هو الحبة التي تبلغ قيمتها نحو 0.05 من الغرام (جزء من 6840 من الرطل).
الاحتراق: توصَّل جابر بتجاربه إلى حقيقة أن المواد القابلة للاحتراق عندما تشتعل بالنيران تطلق إلى الجوّ الكبريت وتخلِّف وراءها الكلس.
مؤلفاته: أسرار الكيمياء/ نهاية الاتقان/ أصول الكيمياء/ علم الهيئة/ الرحمة / المكتسب/ الخمائر الصغيرة/ صندوق الحكمة/ كتاب الملك/ كتاب الخواص الكبير/ كتاب المجردات/ كتاب الخالص/ كتاب السبعين/ الخواص/ السموم ودفع مضارها / ومجموع رسائل وكتب أخرى تم ترجمة العديد منها للاتينية، ومنها "كتاب الرسائل السبعين"، ترجمه إلى اللاتينية جيرار الكريموني سنة 1187م.
وتضاف إلى هذه الكتب تصانيف أخرى عديدة تتناول، إلى جانب الكيمياء، شروحاً لكتب أرسطو وأفلاطون، ورسائل في الفلسفة، والتنجيم، والرياضيات، الطب، والموسيقى، وجاء في "الأعلام" للزركلي أن جابراً له تصانيف كثيرة تتراوح ما بين مائتين واثنين وثلاثين (232) وخمسمائة (500) كتاب، لكن ضاع أكثرها وقد ترجمت بعض كتب جابر إلى اللغة اللاتينية في أوائل القرن الثاني عشر، كما ترجم بعضها من اللاتينية إلى الإنجليزية عام (1678) وظل الأوربيون يعتمدون على كتبه لعدة قرون، وقد كان لها أثر كبير في تطوير الكيمياء الحديثة.
ماذا تعلم جابر بن حيان من مدرسة الإمام الصادق (ع)؟
اكتشف من نظريات الإمام ودروسه فكان (أول من استحضر ماء الذهب، أول من أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحلّ بواسطة الأحماض وهي الطريقة السائدة إلى يومنا هذا، أول من اكتشف حمض النتريك، أضاف جوهرين إلى عناصر اليونان الأربعة وهما (الكبريت والزئبق) وأضاف العرب جوهرا ثالثا وهو (الملح)، أول من اكتشف حمض الكبريتيك وقام بتسميته بزيت الزاج، أدخل تحسينات على طرق التبخير والتصفية والانصهار والتبلور والتقطير، وقد تمكن جابر من تحقيق وتطبيق طائفة كبيرة من النظريات العلمية، أهمها تحضير (حامض الكبريتيك) بتقطيره من الشبّة.
وسمّه (زيت الزاج) كما حضر (حامض النتريك) و(ماء الذهب) و(الصودا الكاوية)، نجح في وضع أول طريقة للتقطير في العالم، فقد اخترع جهاز تقطير ويستخدم فيه جهاز زجاجي له قمع طويل لا يزال يعرف حتى اليوم في الغرب باسم "Alembic" من "الأمبيق" باللغة العربية، وقد تمكن جابر بن حيان من تحسين نوعية زجاج هذه الأداة بمزجه بثاني أكسيد المنجنيز، صنع ورق غير قابل للاحتراق.
اضافةتعليق
التعليقات