اذا زلزلت الأرض زلزالها ، وضجت السماء أفلاكها ، يومئذ تعد أيامها والملائكة روادها ، وموائد التسبيح تبكي وصيها ، أمير المؤمنين ودوحة الصديقين وصدر الدين وعلم الحديث ورجالها ..
اليوم لواء الشجاعة تذوب ناصيته فداء شرعها وشراعها.. كم من حساب في جيب التاريخ ممهور الوقت، ومكتوب الرد، ومبدأ الصلاة يقرأ الحمد ، شفاه صائمة معصومة، تتبتل وحروف تتهجد والعرش شاهد على ركوع القيامة لمبدأ التوحيد، وذنب الوقيعة كَرْبٌ فجيع قد خضب باب الكعبة وشق قمرها، وأوداج سيفه على هامة النور تعلن حربا وتلبس كفنا خليق.
ألا لعنة الله على كل وضيع ، يعرف علياً ويفقأ عين الوجود، اللهم غمه بالعذاب غما وطمه بالبلاء طما حتى يتضوع الفقر تضاريس عمره وكل من والاه بالحروف .
فزت ورب الكعبة …
إنه الوعد، جباه تقبل أعتاب السجود حبا وكرامة ، تعلن فوزها ومفارقة الوجود مكتبة تحدي فيها آيات واضحات، خلدت بدمائها والدها وأبيها، وكأن النداء راية ، شيدت على مدى الرحيل إلى حيث الظهور حبرا سرمديا من أهل الذكر لأدامة العلم وثمالة الوجد ..تهدمت والله أركان الهدى …
عليّ ، هو الذكر، هو الهدى، هو سهم المنايا بقلب المسرفين ، هو قبلة الصبر ورزق السماء ، وآية الانبياء وتسبيح الحمد ، هو ركوع الزاهدين، هو المآقي على خد الوجود، هو الفيض وكمال النور ..
في الكافي الشريف ، «قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا قسيم الله بن الجنة والنار، لا يدخلها داخل إلا على حد قسمي، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا الامام لمن بعدي، والمؤدي عمن كان قبلي، لا يتقدمني أحد إلا أحمد (صلى الله عليه وآله) وإني وإياه لعلى سبيل واحد إلا أنه هو المدعو باسمه ولقد أعطيت الست: علم المنايا والبلايا، والوصايا، وفصل الخطاب، وإني لصاحب الكرات، ودولة الدول، وإني لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس »
فهل للغفلة شفاء من عار السكوت والتواء الذهن عن قول الحق، وباب المغفرة قد توصد أن لايفتح إلا بحبك ياعلي وولايتك ..
فلتحرق الدموع أجفان الانتظار ، ولتكتوي الجوى لتثبت للعالم معنى الولاء ..سيدي قلمي مكسور وقد انحنت هامته سجودا لك، وقد ألهمتني حضارتك أن وجهك وجه الله ونورك نور الله وعلمك معرفة الله ، وكلما جف حبر حروفي أسقيتها دمعا جزعا عليك .. وأن روحي توشح السواد عمقها حزنا عليك .. كيف لنقصاني أن يسد تقصيري، وقد هامت دواخلي تطلب رضاك فهل لي من عفوك نظرا ، لتستقيم نفسي وتعترف بضعفها وتهاونها، باتت كل تعابيري تصلي لأجلك ، فحب الغيب هبة ، صقلت فكري ونحتت وجدي فأنا مدينة لك ،، لأن التوحيد علمني كيف اعرف قبلتي واختار محبرتي .
أيامنا عصيبة ، والوجع مؤلم قد أخذ منا النبض « أبانا » وكتاب الدليل يطالبنا بدمه ، كيف لنا الهجر لهذا الميعاد ،، وسجادة الثأر لازالت طرية تغذي المحاجر خلقا وذكرا ممهورا بعشقه الدامي .
أيها الانسان انك كادح لتزحف نواصيك لمسجد عليّ ، وتعترف بتقصيرك لمولاك ..
«يومئذ لاتنفع الشفاعة إلا من إذن له الرحمن ورضي له قولا» فالقول قولك وحكمك وقداستك…
ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ، أنك الوعد الحسن « يا عليّ » في عقر كل آية خُلدت وقلب كل مؤمن تورقت مواقفه ، خطوات دائمة لتحادث الأجيال عبق تأريخك وصولة همتك وامتحان حديثك صدور أشياعك وأتباعك .
وقد ورد في الكافي الشريف، الجزء الأول ..
"ان الله تبارك وتعالى نصب الإمام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه، وألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء، ولا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى، ومعميات السنن، ومشبهات الفتن".
وأضمم يدك إلى جناحك لتشرح صدر العلم وتيسر الفهم وتفك عقد اللسان حتى لا تشرك العقول مبتغى الأفكار فيصيبها خيبة الحرف …
فليبكي القدر على كتابه ، ويستعد حتى لا يفقد الميزان كفة حواره ، على مدى شرط الولاء يطالب كل شيعي أن يغسل ضميره من تائهات الحياة ، ويسعى لإتزان قواعده، والتزام الغيث الدائم من أمامه ووصيه. لأن القلم يعتد بعلمه النقي أن تشربت قوائمه من لدن بيت عليّ وآله.
فلتقم المآذن وكل المنابر عزاءً دافئا موسوما بالمغفرة ، وصفحا لا يجامل ، لكل تقصير وان تصرخ بما تجود وتقول "لبيك ياعلي".
إن ثقافة الظل اليوم مقيدة ، قد استباح جوفها صفحات خاوية من النظام والسلام لأنها انسلخت من نور عليّ وعلم عليّ وتعاهدت مع الظلمة وكابوس اللغط الخاسر على مدى سطر الأفكار والاعتبار فلا قلم يكسبها رونقا ولا حتى أي دار يحميها من عاجلات الأقدار.
شبيه ذلك ماورد في الكافي الشريف عن رسول الله حين قال (صلى الله عليه وآله): أوحى الله إلى داود (عليه السلام): لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإن أولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم.
في دفتر الأيام وهشاشة النقد ، تبتعد الاستقامة من مشكاة الربيع وتسلم أمر عزها لأيدي الضلال الأمر الذي أفقدها خجلها ، وكثير من لباقتها لطاولة النسيان وانتخاب الأرذل قائدا لساحتها.. مع أن النور كان حليف النهضة وريض الإجابة، لكنها أمة خاملة غاسقة ليل الدجى، لا تكاد ترى محط أفهامها .
إلاّ أمير الكلام ، كان بليغا في خطواته ، فلم تكن طاعته ندا لله ، بل تفعيلا لطاعة الله وتنزيها لذاته فلا إرادة للغيب دون سعيه ودرايته ، ولا للكلمة صنع قرار إلاّ بفعله …
وهذا يدعونا لإدراك الغائية لقبول الأعمال وصلواتها ، والمغفرة وأحبابها ، وقد جعلهم الله سبحانه بابه الذي منه يؤتى ، وعينه الباصرة وموضع أرادته .
لأن الشرع ، تمثلت أرادته يد الوحي، وكتاب النبوة .. صلاحية لامحدودة وعلى مدى التعقل والإدراك ، فأنت ياعليّ ، دستورا لا يمكن تجاوزه ، ممهورا بولايتك وتزكيتك و لا يتخطاها أحد إلا بشعارك .. وأنه لا دلالة على شرع الله الا المعصوم من بعد رسول الله (صلوات الله عليه).
في أمالي الصدوق عن رسول الله قال:
مكتوب على العرش: أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ومحمد عبدي ورسولي أيدته بعلي، فأنزل الله عز وجل: ﴿هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين﴾ فكان النصر عليا (عليه السلام)، ودخل مع المؤمنين فدخل في الوجهين جميعا (صلى الله عليه وآله).
وقد جعل من شهادتك أمرا لاينفصل قولا وعملا وركنا توحيديا في كل التعبدات مفروضة كانت أو مستحبة ، حتى عد غيرها فعلا مبهما، وغير سائغا لقبوله دون ذكرك وولايتك .
فأنت باب المغفرة ، وانت باب حطة للذين آمنوا وانت المثال الذي يعبد الله على يمين العرش..
وأنت والد العقيدة وأبوها في المبدأ ، وانت صاحب الجنة وخصيم جهنم ، وانت الذي تقسم ارزاق العباد من روافد الآخرة ، وانت القدر والمقدر والمقدور لولاك ياعلي ، لم يعرف المؤمنون من بعدك .
اضافةتعليق
التعليقات