يطلُ علينا الشهر الفضيل المحبب للجميع، شهر الصوم والعبادة والتقوى، وهو سر البهجة في الروح، شهر الخير والمغفرة والذكر، وشهر المحبة والأنس والسعادة. تاسع الشهور الهجرية وأعظمها قدراً، وفيه تؤدَّى فريضة الصيام رابع أركان الإسلام، وهو شهر القرآن وفيه أُنزل، ورمضان له مقاصد عظيمة اختصّها الله بهذا الشهر المبارك، الكتابة عن هذا الشهر الفضيل والزائر الجميل، كتابة لا تُشبهها كتابة، وخاطرة تحمل في طياتها كل معاني الألق، فشهر رمضان رحلة مدهشة ومناسبة قدسية، تُعيد تأثيث أرواحنا المثخنة التي إشتاقت لمعانقة الوصول، و المناجاة في حضرة المولى القدسية، وتُعيد توجيه مشاعرنا المرهقة التي تاهت في غربة الأوهام، وأرواحنا التي المتكبدة المُعرضة عن ذكر خالقها الحبيب. "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، احتفالية بانورامية مذهلة تتأنق فيها الحكايات والذكريات، وبشارة طمأنينة تتلألأ حولها تسابيح الدعاء والمناجاة. شهر رمضان بكل ألقه وعبقه، موسم غني بالبذل والعطاء وفرصة سانحة لنسج روابط الألفة والصفاء. هو شهر العطاء واللقاء والسلام، وهو فانوس الفرح الذي يُضيء كل القلوب والأرواح والمشاعر، وهو سجادة الصلاة التي تتناجى حولها آيات الذكر والعبادة والدعاء، وهو أنشودة الفرح التي تتغنى بها كل معاني الحب والسكينة والنقاء. كان ومازال ولكنهُ في السني الأخيرة تحوّل هذا الشهر الفضيل إلى "بازار كبير" لبيع وتسويق وترويج كل السلع الغذائية والبضائع / الأعمال الفنية، وأصبح "ذروة موسمية" تتسابق عليها كل الشاشات والمحطات لتُقدم كل ألوان وأشكال ومستويات الفن والترفيه والدراما، وهذا بلا شك أمر غير جيد وظاهرة تزداد سنة بعد أخرى، فأيام وليالي شهر رمضان تزدحم بالمسلسلات والبرامج والفقرات التي ينتظرها الكثير من الناس؛ ولكن هذا الأمر الذي يحتاج لوقفة صادقة من صنّاع الدراما والبرامج الرمضانية هو إحترام قدسية ومكانة هذا الشهر الفضيل وذلك من خلال عرض الأعمال الفنية الجيدة التي تحمل هامشاً من الإنضباط والمسؤولية التي تتناسب مع قيمة ورمزية هذا الشهر الفضيل. إن رمضان أيقونة الشهور وموسم السرور، فهو عبق المكان وسحر الزمان. يُقدّم لنا شهر رمضان المبارك الكثير من الدروس والعِبر؛ حيث يشعر فيه الصائم بجوع الفقراء والمحتاجين، فترقّ نفسه، ويصبح قلبه أكثر رحمةً ورأفةً بالآخرين، فيفكر في غيره من الناس، وفي شهر رمضان المبارك يصبح أجر قراءة القرآن الكريم مضاعفاً، حيث يعتبر فرصة رائعة يجب على كل صائمٍ وقائمٍ اغتنامها، كي يتزود من الأجر العظيم. هو بداية ولادة الروح التي أماتها البُعد وسلبتها الحياة السعادة التامة. إنهُ من الفرص العظيمة التي مَنَ بها المولى عزوجل علينا لهذا فإن إستغلال شهر رمضان المبارك، لتكفير ذنوبنا، وتقوية إيماننا، وأداء الصلاة والقيام على أكمل وجه، والبدء مع الله سبحانه وتعالى عهداً جديداً. هو من أثمن ماقد يكسبه الإنسان، ولابد ان ندرك تلك العظمة والنظر الى أن أعظم الليالي فيه ولاتتجدد في شهرٍ آخر لذا عليه أن لايدع هذهِ الفرصة تتلاشى من يده فمن يضمن نفسهُ لقاء الشهر مرةً أخرى؟.
اضافةتعليق
التعليقات