ألا ترون أن المدى ضيق ودمائنا موثقة فماذا لو وزعنا ورود الامل والحنين ومددنا يدينا الى الاخرين، ماذا لو نثرنا السلام كما ننثر الحروف فيكون له من متاع الكلام طيوفا فيألف اطفالنا رسم الزهور متناسين زمان الاسى والقبور ويكبرون كطيور اليمام بفضل السلام..
كل ذلك يحدث لو قلنا "لا"..
فلو بقيت في خندق نفسك وحيدا مستوحشا ظلمتك ورحيلك من جسدك الى المجهول، لو لم تطلق العنان لتمشي في طرقاتك متأملا فستجد نفسك بواد ظهرت فيه جارحات الفلا وتجدك اتكأت على دكة بناء مهترئ وصوت صراخ أبوابه الصدئة لايتوقف مع كل هبوب ريح خاليا من النسيم واصوات العصافير، ذلك كله حين تتعلم الصمت والخوف من كلمة "لا".
فالحقيقة نحن محظوظون لوجودنا ضمن هذا الكون ولكن مايعكر صفوه هو الاقوياء الذين يسيطرون على الاكثرية الصامتة الذين ينتظرون من يحررهم دون ان يصرخوا بوجه الظلم فتجدهم لايتحركون إلا ان صرخ احدهم فقط لانه عرف في وسط الجموع وكأنهم يعيشون في غرفة مظلمة تشبه في عتمتها ظلام الليل فيها نافذة واحدة ومفتاح النور يبعد عنهم حقيقة واعتراف، ولكنهم يفضلون الاشخاص الذين يطلون من النافذة بمصباح صغير يوقدونه لفترة احتياج ثم يطفؤونه ولكن الحقيقة لاتعدو كون هذا النور المؤقت وهم لحاجاتهم المهيمنة على صفو راحتنا..
فماذا يحدث لو قلنا "لا"..
حين يتصل بنا صديق ونترك كل شيء لأجل محادثته رغم اننا مشغولون لكن نخشى من ان يصيبه وجوم، لو قلنا له لا رغم انه يكلمنا بوقت فراغه وغير مراع لوقت عملنا فلو قلنا له لا.. لن نسهر لنكمل واجبنا في اوقات يجب ان نجد راحتنا بها، وايضا لو قلنا له لا.. حين لانود الخروج لإنشغالنا فلن يموت هو الاخر بل سنكمل واجباتنا ولن نجهد انفسنا بسبب الخجل من وجوم احدهم..
وايضا لو قلتِ لا لأشخاص ليسوا مناسبين فقط لانك ينتابك الخوف من كلمة "انها كبرت والقطار قد فاتها" فتعيشين في جحيم رأي المجتمع وليس اختيارك فقط لانك لاتستطيعين قول لا خوفا من المجهول، فليست كل فرصة هي الاخيرة ولكن الحقيقة تكمن في الاختيار الصحيح.
وايضا لو قلنا لا بوجه المدرس الذي يظلمنا فقط لأن مستقبلنا بيده سنجده مُجبرا على احترامنا ومعاملتنا بأخلاق ديننا، وكذلك لو قلنا لا بوجه من يعكر صفو حياتنا سنجدنا نحيا بسلام، لو لم نخجل من احدهم ونعطيه مايريده من اشياء نمتلكها فقط لانها اعجبته ونحن تملكنا الحياء مهما كانت ثمينة ماديا او معنويا حتى لو كان ذلك العطاء كلمة فهي تؤثر في نفسنا ايضا وفي النهاية نجد كل هذه العطاءات التي اعطيت رغما عنا قد تجمعت واصبحت بركانا ينفث نارا داخلنا فيعكر صفو انفسنا..
فماذا لو قلنا لا بوجه الظلم? لن يحدث شيء بل العكس سيخضع الظالم لرغباتنا فنحن على حق، لانعطي الكلمة رياءا فقط لانه من الممكن ان يصبح مسؤولا او هو ثريا لدرجة البذاخة ففي الحقيقة ان سمائنا مكتظة بالاساطير التي من شأنها ان تدمرنا او تغيرنا نحو الافضل والخيار لنا في النهاية..
فاليوم مسموح لنا بالكلام لذلك لانضيع الفرصة فلن تتكرر، ففي نهاية المطاف جميعنا مسافرون من هذه الدنيا الوضيعة وحينها فقط نحن مقيدون ولن نستطيع النطق قبل ان يؤذن لنا، وأول الرحلة تلك هي خروجنا من مثوانا فلو احتضنت الارض اجسادنا فلن تعيدها الينا بعد ان تودع ارواحنا بلا ضمان لأنها ستعود لبارئها عند انتهاء الاجل.
قال تعالى في محكم كتابه: (اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون)..
لذلك هي فرصة لنا لنحيا كما نشاء ونصمت من نشاء بالحق، فلنا الحق حين التعب ان نقول لا للعمل لاننا متعبون، وحين النوم لا للمزعجين، وحين الدراسة لا للمتطفلين، وحين السلام لا للظالمين ولالشعاراتهم الزائفة فلم نعد كما كنا معصبي الاعين..
فلنقل "لا" لكل شيء يجعلنا نعود للخلف او يقتل عنصر الحياة لدينا..
فدروب الناس وهم يعيشون حياتهم لاتأتي مصادفة بل مايواجههم محتم ومقدر، فلما الخوف من المواجهة والنهاية في الغالب واحدة والقدر محتم..
اضافةتعليق
التعليقات