يحكى أن أحد الأغنياء جمع ماله في صندوق وحفر الصندوق في الأرض كي لا يسرقه أحد وفي كل يوم كان يذهب ليتفقد صندوقه ويعد النقود ويستأنس بصوت السكك الذهبية ومن ثم يحفر الأرض من جديد ويودع صندوقه ويذهب إلى بيته.
هكذا كان حاله لسنوات طويلة ولكن في يوم من الأيام عندما أخرج صندوقه تفاجأ من رؤية المنظر وكاد قلبه أن يتوقف عن العمل فقد سُرقت جميع سككه الذهبية واستبدلت بسكك لا قيمة لها، بدأ بالعويل وكان في حالة يرثى لها، اقترب إليه أحد المارة وسأله عما جرى!.
فقص له قصته ثم قال له العابر: ما الفرق بين أن تلعب بنقود من ذهب أو بنقود حديدية؟
بما أنك لا تستفاد منها فلا يوجد فرق بينهما!.
الطمع يدفع الإنسان إلى رغبة جامحة في امتلاك الثروات أو السلع أو الأشياء ذات القيمة المطلقة بغرض الاحتفاظ بها للذات، بما يتجاوز احتياجات البقاء والراحة بكثير فهناك من يحرص على تجميع الأموال والأراضي و... ولكن لا يستفاد منها ولا يتهنأ بما يملك.
أنواع الطمع:
للطمع أنواع كثيرة فبعض الناس يطمعون في جمع الأموال، وبعضهم في امتلاك الأراضي، بعضهم في الحصول على الشهرة والجاه، وآخرون في امتلاك العقول والقلوب.
فئة تطمع في التجسس على الآخرين والحصول على أخبارهم، فئة تطمع في الشهادات والتكبر على الآخرين، وهناك من يطمع في الأكل والشرب.
آثار الطمع:
بما أن الطمع من الصفات الرذيلة فهناك مهالك كثيرة تنتظر الطماع في نهاية المطاف منها:
عدم الأمان
الطمع يسبب الإحساس بعدم الأمان فالشخص الطماع يشعر بأن الجميع يرغبون في القضاء عليه والحصول على أمواله يشعر بأن من حوله يكنون له العداء والكمين كي يتخلصوا منه.
الهلع والظمأ
يشعر بالظمأ على الدوام ويرغب في الحصول على المزيد.
عدم الطمأنينة
الطماع يشعر بعدم الطمأنينة لأن هناك من حصل على أكثر منه ويركض كي يصل إلى مبتغاه ولكن الطريق ليس سوى سراب!.
القتل
الشخص الطماع يقتل نفسه بسبب حرصه وطمعه ويقتل من حوله بكلماته وافعاله ويسبب لهم الأذى وربما يقتلهم بصورة مباشرة لأنه لا يهتم الا بما يريد و يرغب به من مال أو جاه أو...
قطع صلة الرحم
هناك كثير من الأشخاص قطعوا أرحامهم لأنهم أكلوا أموال أرحامهم من إرث و... وهكذا سقطوا في مستنقع الطمع.
ضرر بالغ في العقل
إن الطمع يضر العقل ويقيده كي لا يقوم بواجبه ولا يستطع أن يفكر بوضوح ويستخرج الأفكار الإبداعية.
كما يقول امير الكلام علي عليه السلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع.
ضرر بالغ في الدين
من يصبح همه الحصول على المزيد من الأموال و... يتعلق بالدنيا ويبتعد عن الآخرة ويرتكب المعاصي بسبب حبه بالدنيا لذلك يقول أمير المؤمنين: (لا يجتمع الورع مع الطمع).
ضرر بالغ في العلاقات
الشخص الذي يحمل في نفسه الطمع يصبح مقياس علاقاته المال والجاه والمنافع التي يحصل عليها وليس العلم والتقى يفكر ماذا يجني من العلاقة مادياً ولا يفكر بما يؤثر عليه روحياً ونفسياً.
يعيش حالة الفقر على الدوام
بما أنه يطمع في الحصول على المزيد يبخل في صرف أمواله ويعيش حالة من الفقر، ما أكثر الأغنياء وهم يعيشون حالة الفقر ربما الفقر المادي أو المعنوي، الفقر المادي أنه يبخل في صرف أمواله ويفكر بحبس أمواله والفقر المعنوي: بسبب افكاره في زيادة مشاريعه سوف ينسى عائلته ويعيش حالة من الفقر الأخلاقي ويسبب لهم التعب والجفاف العاطفي.
يقول مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع.
فالشخص الذي يزرع بذرة الطمع في نفسه لا يحصد إلا التعب والهلاك وسيصبح مذموماً بين الناس ومُهانا.
جميل ماخط يراع الشاعر:
العبد حرّ إن قنع والحر عبد إن طمع
فاقنع ولا تطمع فما شيء يشين سوى الطمع
اضافةتعليق
التعليقات