إن القصور الكبدي الحاد أو الخاطف متلازمة نادرة تتميز بظهور اعتلال دماغي كبدي يتميز بتبدلات عقلية تترقى من حالة تخليط إلى ذهول فسبات ناجم عن تدهور سريع وشديد في الوظيفة الكبدية، تُعرف هذه المتلازمة أيضاً بأنها تحدث خلال 8 أسابيع من بدء المرض المحرض بغياب الدلائل على وجود مرض كبدي سابق، وذلك بقصد تمييزها عن حالات الاعتلال الدماغي الكبدي الذي ينجم عن تدهور المرض الكبدي المزمن.
A. السببيات
يمكن لأي سبب يؤدي لأذية كبدية أن يُحدث هذه المتلازمة بافتراض أن شدته كانت كافية لذلك، يعد التهاب الكبد الحموي الحاد أشيع سبب لهذه الحالة في العالم، وبالمقابل يعد الانسمام بمحضر باراسيتامول السبب الأكثر تواتراً في المملكة المتحدة. ويمكن في حالات أخرى أن يحدث القصور الكبدي الخاطف نتيجة تناول أدوية أخرى أو نتيجة الانسمام بفطر (المشروم) أو يحدث خلال الحمل أو في سياق داء ويلسون أو بعد الإصابة بالصدمة وفي حالات نادرة يحدث نتيجة مرض كبدي خبيث شديد.
B. الإمراضيات
في الحالات التقليدية يحدث موت خلوي بما في ذلك الخلايا الكبدية المتنية يكشف بشكل رئيسي بالمظهر الشكليائي والذي يحدث بآلية الموت الخلوي المبرمج أو التنخر، يسبب الموت الخلوي المبرمج انكماش الخلايا وتكثف النوى والهيولى مع حدوث تشدف خلوي إلى أجسام مرتبطة بالغشاء الخلوي تبتلع من قبل الخلايا المحيطة المتنية والمناعية تحافظ الخلايا على سلامة أغشيتها خلال عملية الموت الخلوي المبرمج ولذلك تكون شدة الالتهاب خفيفة.
وبالمقابل يؤدي تنخر الخلايا إلى تورمها وتمزق أغشيتها البلاسمية، الأمر الذي يؤدي لتحرر المحتويات السيتوبلاسمية الذي بدوره يحرض استجابة التهابية في الخلايا المحيطة. يمكن تحريض الموت الخلوي المبرمج للخلايا الكبدية بسبل متواسطة بالمستقبل (مثل عامل التنخر الورمي) أو بسبل ميتوكوندرية مثل الشدة الخلوية ووسائط الأوكسجين الارتكاسي الأمر الذي يؤدي لتفعيل خمائركاسباز السيتوبلازمية. توجد هذه الأنزيمات الحالة للبروتين كطلائع أنزيمية خاملة ولكنها تتفعل خلال الموت الخلوي المبرمج وتحرضت خرباً خلوياً ومظاهر نسجية عائدة للموت الخلوي المبرمج. وبالمقابل فإن محرضات التنخر تؤدي لأذية ميتوكوندرية واسعة وانخفاضفي تراكيز أدينوزين ثلاثي الفوسفات الخلوي (ATP) إن الـ ATP ضروري لعملية الموت الخلوي المبرمج.
على كل حال فإن التقسيم الدقيق والصارم لأنماط الموت الخلوي إلى تنخري أو مبرمج لم يعد مقبولاً كثيراً حالياً . يمكن للعديد من أنماط التنبيه المؤذي أن يؤدي لكلا الشكلين من أشكال الموت الخلوي. رغم أن الخزعة الكبدية تكون غالباً مضاد استطباب بسبب اعتلال التخثر الشديد فإن زرع الكبد سمح بفحص النسيج الكبدي من المريض المصاب بالقصور الكبدي الحاد، أظهرت هذه الدراسات أن المظاهر النسجية والمجهرية الملاحظة بالمجهر الإلكتروني لكل من التنخر والموت الخلوي المبرمج للخلايا الكبدية تحدث عند المرضى المصابين بقصور كبدي حاد . ولقد اتهم تفعيل سبيلي الموت الخلوي المبرمج المستقبلي والميتوكوندري، اتهم كسببل لقصور الكبدي الحاد المحرض بفرط جرعة محضر باراسيتامول أو بالتهاب الكبد الحموي أو بداء ويلسون أو بأسباب أخرى.
المظاهر السريرية
إن الاضطراب الدماغي اعتلال دماغي كبدي هو المظهر الرئيسي للقصور الكبدي الحاد، ولكن في المراحل الباكرة قد يكون خفيفاً ونوبياً . إن المظاهر السريرية الأولية تكون في الغالب مخاتلة وهي تشمل نقص القدرة على الانتباه والتركيز الذي يترقى إلى اضطرابات سلوكية مثل التململ والهياج والهوس حتى الوصول إلى النعاس فالسبات، كذلك قد يحدث تخليط وعدم توجه و انقلاب نظم النوم وتلعثم الكلام والتثاؤب والفواق والاختلاجات.
إن الرعاش الخافق (الكبدي) (اللاثباتية) الذي يصيب اليدين المبسوطتين مميز لهذه الحالة ولكنه قد يكون غائباً . يمكن للوذمة الدماغية أن تسبب ارتفاع التوتر داخل القحف الذي يؤدي بدوره لارتكاس الحدقتين بشكل متباين أو غير طبيعي ولتثبتهما ولنوب ارتفاع توتر شرياني وبطء القلب، وفرط التهوية والتعرق الشديد والرمع العضلي الموضع أو المعمم ونوب اختلاجية بؤرية أو وضعية فصل المخ. إن وذمة الحليمة نادرة الحدوث وهي علامة متأخرة. تشمل الأعراض العامة كلاً من الضعف والغثيان والإقياء في بعض الحالات يصاب المريض بألم مراقي أيمن.
يظهر الفحص السريري وجود اليرقان الذي يتطور بسرعة ويكون شديداً عند المريض الذي يموت لاحقاً . لا يشاهد اليرقان في متلازمة راي وأحياناً يحدث الموت في بقية أسباب القصور الكبدي الحاد قبل تطور اليرقان، قد يكون النتن الكبدي موجوداً . قد يكون الكبد متضخماً في البداية ولكنه لاحقاً يغدو غير مجسوس الضخامة الطحالية غير شائعة وإن حدثت فإنها لا تكون علامة مسيطرة. يتطور الحبن والوذمة في مرحلة متأخرة وربما يكونان ناجمين عن العلاج بالسوائل. ترتبط بقية المظاهر السريرية بالاختلاطات المحتملة.
الدرجات السريرية والعلامات السريرية لاعتلال الدماغ الكبدي:
الدرجة الأولى: ضعف التركيز، تلعثم الكلام، بطء التفكير، اضطراب نظم النوم.
الدرجة الثانية: مصاب بالنعاس ولكنه يتنبه بسهولة، سلوك عدواني نوبي وسن.
الدرجة الثالثة: تخليط ملحوظ، نعاس، نائم ولكنه يستجيب للألم وللتنبيه الصوتي، عدم توجه صريح.
الدرجة الرابعة: المريض لا يستجيب للتنبيه الصوتي، ويستجيب للتنبيه المؤلم وقد لا يستجيب المريض غير واع.
D. الاستقصاءات
تجرى الاستقصاءات لكشف سبب القصور الكبدي ولتحديد الإنذار، يتطاول زمن البروترومبين بسرعة بعد فشل عملية تصنيع الكبد لعوامل التخثر، ويعد هذا الاختبار ذا قيمة إنذارية عظمى ويجب إجراؤه بمعدل مرتين يومياً على الأقل. يعكس تركيز بيلروبين البلازما درجة اليرقان. إن فعالية الخمائر الناقلة للأمين البلاسمية تكون مرتفعة بشكل خاص في حالة فرط جرعة محضر باراسيتامول حيث قد تصل لـ 100-500 ضعف القيمة الطبيعية، ولكنها تنخفض مع ترقي الأذية الكبدية وهي لا تساعد في تحديد الإنذار. يبقى تركيز ألبومين البلازما طبيعياً ما لم تتطاول مدة المرض. إن خزعة الكبد عبر الجلد مضاد استطباب بسبب وجود اعتلال تخثري شديد لدى المريض، ولكن يمكن إجراؤه بالطريق عبر الوريد الوداجي. إن خزعة الكبد مفيدة بشكل خاص عند المريض الذي يتوقع له أن يكون مصاباً بالخباثة.
اضافةتعليق
التعليقات