حديث تدريه خير من ألف ترويه ، وباب معرفة الله ميزان عقول البشر على اتساع انماطهم وذات عقولهم ، واتساع معارفهم ..
ان دراية كل خطوة منوطة بأيمان كل فرد يسعى إلى تجسيدها كيفما يفهمها ويعقلها ، وأن الإدراك وسيلة لتخطي حاجز الفكرة إلى أبوابها وفهم مغازيها وأعماقها …
عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال :
(... ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج).*
وعنه أيضا (عليه السلام) أنه قال :
(يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلي عليه السلام فوجدت في الكتاب: أن قيمة كل امرئ وقدره معرفته، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا).*
ربما تجد شخصا ، وعلى وفق مؤهلاته ، تقوده آفاق المعرفة إلى دار لم يكن يتصورها قبلا أو يرموا إليها وهو في مجال بحثه ..
حتى يتعلق بغصن المعجزات والأقدار الإلهية ، فيُختار ويُنتخب ، وفق ما لديه من مؤهلات ، وأنه من أهل قيمة القدر الذي اختاره الله من بين البشر وانا اخترتك فاستمع لما يوحى ..
وقد أكده الشيخ المجلسي في معرض بيانه في بحار الأنوار في قوله :
"لعل المراد الإقرار التام الذي يكون عن معرفة تامة بعلو قدرهم، و غرائب شأنهم"
فيكون المثال الأجدر والافضل لتحمل أعباء الطريق ، وجماله العميق ، في أن يكون صاحب راية الفجر وليال عشر، حتى يرتقي الشفع فيُرزق وتراً خالداً لحفظ شهادته وبصمته على مر العصور فيكون هو الشفع والوتر هل في ذلك قسم أعظم من أن تروم العين على بصيرة النور فتلد للماضي والحاضر غائب قد لخص الوجود بحضوره وقيمه وأهداف الانبياء وبما اشتملت عليه المناهج من قائمة حرف وإمارة كلام منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا …
لذا ، وعلى مبدأ القسم الذي أيده الله بغيبه ، تستقبل هامات العظماء هذه الانوار ومن مبدأ القوة تتعلق بأغصانها طوعا وحبا لتهب مالديه لساحة وجود الغيث نموذجا صلدا لا يقارن بالوجود كله… بل كل ماهو موجود في خدمته وتحت أمره ..
وبما أن الاختيار لم يحدد إلا بصبغة الكينونة الأخلاقية ، فإذن لا ضير في أن يكون الاختيار بقعة ضوء لمن يكون له الهمة.. سواء رجل كان أو امرأة .. شرط أن تكون العظمة بابها الذي يستساغ. وعلمها الذي يرتجى، ويدها .
تلك القدرة التي تصول وتجول تحت قائمة بيت الطاعة والأمر الغيبيّ .
(عن اليقطيني، عن بعض أهل المدائن قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام: روي لنا عن آبائكم عليهم السلام أن حديثكم صعب مستعصب لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان قال: فجاءه الجواب: إنما معناه: أن الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك مثله، ولا يحتمله نبي حتى يخرجه إلى نبي مثله، ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن مثله، إنما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتى يخرجه إلى غيره*).
فلايختار الله تعالى لأولياءه ، إلاّ أمهات الصفوة والحجر الذي لم تعبث به أقدار السوء، وقد قدّر الله في علمه الشامل الكامل أن تستقر رحمته عمق الوجود وقد ألمت الفكرة ووجدت مستقرها رحم النقاء والبهاء وما تحمله من خصائص في السيدة نرجس (سلام الله عليها) ، حتى كانت الانموذج الأعلى لبناء هيكلية الامامة وايداعها عافية الغيب .
قال السيد مرتضى الشيرازي (دام عزّه) في معرض كلامه عن السيدة نرجس في كتابه قائلا :
انها (عليها السلام):
(التجسيد العملي للهجرة الكبرى من سلطان الجسد إلى عالم الروح، ومن زخارف الحياة الدنيا إلى مدارج عوالم الملكوت …. ان حياة السيدة مليكة نرجس (عليه السلام) تكشف عن سلسلة متكاملة من المناقبيات والروحانيات ، عن الدعوات والابتهالات.) **
وقد أورد سماحته في مجمل ماذكر عن عظمتها قائلا :
(في مجاهيل السرمدية، ومنذ الأزلية، كانت تلك المرأة الخالدة هي الانتخاب الإلهى الكبير، وكانت الوحيدة من بين كافة سكان الكرة الأرضية التي (اختارها) رب العالمين، للاضطلاع بواحدة من بين اعظم المسئوليات الإلهية الكبرى، فلقد اطلع الله تعالى - بعلمه الأزلي المحيط - على كافة ما يضمره الغيب ويلفه العدم حينذاك، واختار - بحكمته النافلة في عمق الأشياء والعلائق والترابطات والتي لا يعقل ان تزيغ قيد شعرة عن (وضع الأشياء مواضعها) - من بين كل المخلوقات تلك المرأة المعجزة، التي حظيت بذلك الوسام الرباني العظيم ، انها والدة خاتم الأوصياء والحبل المتصل بين الأرض والسماء ).**
حريا بنا جميعا أن نعتقد ومن مبدأ الكلمة الصادقة، أن السيدة نرجس (سلام الله عليها) محور الصلة بين نور المسيح ودين المعجزة فهي التراث الذي عبق نوره انتظار الشمس دعاء الفرج.
وسبحان الله تعالى، أن يبدأ الخليقة ملك الأنبياء من أمهات أصفياء ، ويجعل من خامة الطريق، مسيرة متشابهة وقصة متداخلة، ورواية تداري فكرة التأهيل لمطلع الفتح، ويختمها بأم الوجود السيدة نرجس ووليدها ملك لايزول، إلى حين الأجل .
اضافةتعليق
التعليقات