بيد بيضاء تخط على ظلام الجهل حروف النور، تنير بها عقولنا قبل دروبنا، بخطه نعرف الصواب من الخطأ، وبرنين صوته نتعلم مخارج الحروف، فلا احد منا خرج من رحم أمه ومعه الحروف الابجدية، هناك من بذل العمر ليعلم جيلاً من الاطفال، منهم المهندس والطبيب، تعلموا من طباشيره، فكانوا اصحاب ألقاب مشرفة.
جميعنا نتذكر رحلتنا في التعليم، والمعلم اكثرهم حضورا في ذاكرتنا، ولازلنا نحفظ كلماته، و منهاجه نقش حروفه وسط الفؤاد فكان المعلم والمربي، ومنّا من لم يحب المادة لان المعلم كان قاسيا ويستعمل العنف في تدريسه، وقد يفشل في دراسته بسبب المعلم او موقف حصل معه، مهنة التدريس ليست بهذه السهولة التي نتخيلها؛ معلم يحضر المادة ويرتلها على التلاميذ، وانما هي مهنة عظيمة ورسالة الهية.
رسول الله نموذجا
فأول معلم عرفه التاريخ هو رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فكان خير معلم ومربي، بلغ الرسالة وافصح عن العلم بلسان عربي، وبمنهج الاخلاق الحميدة والفضائل الاسلامية مما رفع من شأنه وقدره، (وانك على خلق عظيم) كافية ان تظهر محاسن اخلاقه، رسول الله نموذجا فكم من المعلمين حذوا حذو الرسول (صلوات الله عليه) في مسيرته التعلمية لتوعية الجيل وبناء الامة، فالبداية كانت من المدرسة ومن المعلم اولا.
الفرق بين جيل الامس واليوم
تختلف العصور والاجيال، فلكل مقام مقال، في السابق كان المعلم رسولا، بكل ما في الكلمة من معنى، اما اليوم المعلم يكون صديقا على مواقع التواصل، وضيفا في المقاهي، في الماضي عندما كان الطالب يرى المعلم في مكان ما يهرب خوفا واحتراما لمعلمه، ويختبئ عن انظاره لمدة إن رآه، اما في زمن الانترنت الطالب يتواصل مع معلمه ويطلب الدرس، ويعلق على منشوراته وقد يصل الامر الى المحادثات والنقاشات، ومشاركة المنشورات، تختلف تصرفات الجيلين من الملابس الى حلاقة الشعر، والتي تعتبر من مظاهر الثقافة في الوقت الحاضر.
عندما يكون المعلم قدوة واسوة
استطلاع أجريناه مع مجموعة من المعلمين المميزين في عملهم، واشاروا اليهم بالمدح والثناء الجزيل مما قدموه من الجهد لمسيرتهم التعلمية فكانوا نموذجا ومثالا للمعلم الناجح.
في البداية تحدثنا مع المعلمة والمربية الفاضلة العلوية (صبيحة) معلمة لصف الخامس الابتدائي لمادة التاريخ، في بداية الحديث مع الادارة وترشيح معلمة مثال، الجميع قال الست صبيحة، متواضعة كريمة، تعامل التلاميذ بأسلوب مختلف عن بقية المعلمات فتراها تلاعبهم وتضاحكهم، وتمازحهم وتقص عليهم القصص، وفي عيد المعلم تكون هي الاوفر حظا من بين الكادر التدريسي لحسن خلقها مع التلاميذ.
_ست صبيحة بداية شكرا لانكم الامثل وشكرا لوجودكم معنا اليوم في واحة بشرى حياة.
_اهلا ومرحبا بكم يسعدني جدا ان اكون معكم..
اسمي؛ صبيحة أحمد محمد علي، تولد كربلاء المقدسة، عام (1966)، متزوجة وأم لثلاث اولاد، سعيدة جدا في مهنتي التعلمية وفخورة جدا بتلاميذي، يعاملوني معاملة الام، طيلة عملي في التدريس لم استعمل الضرب والترهيب، وابتعد عن التمييز والعنصرية بين التلاميذ في الصف ويوجد فيه جميع الطبقات فمنهم الغني والفقير والذكي والمريض، اشعرتهم بأن المدرسة هي البيت الثاني.
لا يخفى عليكم هناك تفاوت بين الجيلين، الجيل الحالي صعب ولا يمكن التعامل معه بنفس الطريقة التي تعلمنا عليها، فسلوك تلميذ في الماضي يختلف، حتى المعاملة بينه وبين زملائه يكون فيها الاحترام، الان تغيرت طباعهم ليس الجميع، لكن الأغلبية لا يفتقدون زملائهم في غيابهم لانهم مشغولون في الفيس، هنا يعتمد على المعلم وكيف يزرع الحب بين التلاميذ، أن يكون قادراً على بناء علاقات تعاون مع الآخرين.
مغريات كثيرة تجعل التلميذ يبتعد عن الدراسة، منها الانترنت فهو متوفر في كل مكان، خاصة أن بعض اباء التلاميذ يهددون الأساتذة بالقتل وهدر دمائهم ان تعرضوا لابنائهم، وهذا يعيق عملنا.
المعلم الناجح هو من يتمتع بالمرونة، والثقة في النفس، وحسن الخلق فى التعامل مع التلاميذ، المثابرة و طاعة الله و تنظيم الوقت، ونعني بذلك أنه يجرب نهجاً جديداً بعيدا عن العنف والتعذيب، ليصل إلى جميع الطلاب، وخير ما استدل به كلامي قوله تعالى "و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون" صدق الله العلي العظيم.
ومن جانب اخر شاركت (موقع بشرى حياة)، معلمة فاضلة لمادة القرآن الكريم، تمتلك ثقة كبيرة في النفس، تتميز بمهارتها في الحديث، صاحبة أفكار مميزة وجديدة، ايجابية تعطي لمن حولها السعادة، استحقت ان تكون نجمة في سماء الابداع، المدرسة القديرة (انعام مرتضى):
س/1 هل واجهتِ صعوبات في الدراسة؟
الانسان يمر بمراحل صعبة من الاختبارات والدراسة لكن في النهاية يحصل على الهدف كما يقول الشاعر (من طلب العلا سهر الليالي)، فعندما يصل الى قمة الجبل يتعرض الى عراقيل لكن عندما يصل الى القمة يشعر بلذة هدفه، هذه في الدراسة الحوزية تختلف عن الدراسات الأكاديمية فهي اكثر مرونة.
س/2 هل ترين بان هناك مستقبل للجيل الواعد؟
ان شاء الله يكون في المستقبل، من وجهة نظري العلوم الاكاديمية الانسان يحصل على شهادتها، هذه العلوم بعيده عن بناء الانسان، فيحتاج الانسان لبناء فكره وعقله ان يدرس علوم اهل البيت (عليهم السلام) ليكون متكاملا بجميع العلوم، يؤثر عليه من خلال تعامله فيكون ادميا وخلوقا، يجمع بين العلم والاخلاق فيكون قدوة واسوة.
س/3 هل ترين ان المدرسة تحتاج الى تعديلات حتى تكون مهيئة نفسيا لطالب العلم؟
نعم ليس فقط تعديلات كالبناء، الاهم هو تربية الكادر لانهم مسؤولين امام الله بتعليم الثلة من المجتمع لانهم غدا هم من يقودون المجتمع.
س/ 4 ماهي الطريقة الانسب للتعامل مع الطالب المراهق؟
الطالب المراهق، هذه الشريحة من الطلاب الذين يمرون بمرحلة حرجة من عمر الانسان يحتاجون الى عناية خاصة من ناحية الاستيعاب، يحتاجون الى سعة صدر و الاستماع، اغلب المعلمين هم في الاغلب اباء وامهات، اخوة لهذه النماذج كيف يتعاملون مع المراهق في بيتهم يستطيعون تطبيقها مع الطلاب، المراهق بحاجة الى من يحتضن همومه، ويخفف عنه اضطرابه، لذلك نشاهد المنتديات والمراكز الثقافية تركز على هذه المرحلة لأنها الاساس لذلك يقال (لعبه سبعه وتركه سبعه) والآية القرآنية تقول (ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة..).
س/6 هل تؤيدين ضرب المعلم للطالب بحجة خطأ الطالب او الخوف على مصلحة الطالب؟
هذه القاعدة خاطئة وهناك قاعدة في علم الاجتماع تقول (لا يعالج الخطأ بالخطأ) فاذا الطالب اخطأ هل من الممكن ان يعالج انسان كبير عاقل فاهم الخطأ بالخطأ؟، اذا كان عالجه فمن يعاقب الضارب، مهما كان السبب لأجله ضرب الطالب، مرة لخطأ في حق المعلم، واخرى لمصلحة الطالب، وله أثر سلبي على نفسية الفرد، ويبقى في خاطر الطفل، نعم يذكره المعلم بخطئه بعيدا عن العنف، ويتأسى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فهو اسوة حسنة.
س/7 كيف تبدين اعجابك بطالبة مجتهدة؟
امدح الطالب المجتهد امام الجميع، ربما يولد حالة اتجاه الطالب واتجاه انفسهم، وانما عن الطريق الغير مباشر، وهذا ما حصل معي، فكان المدح غير مباشر، عندما طلبت مني معلمة المادة ان اصحح معها الاوراق في الادارة، اثارت في نفسي وشجعتني بأسلوبها، ومن وقتها وانا احافظ على اكون مجتهدة.
الالتزام والانضباط والدقة هي من علامات الطلاب المتميزين هم من يصلون الى هدفهم فقط، عندما كنت طالبة لم تمر معلومة من دون ان احفظها، واعطيها حقها، ملتزمة في الانظمة والقواعد، انظمة المكان، والقوانين التي توضع من قبل الادارة، ولله الحمد نجحت في مرحلة وان كنت ارغب واطمح في الكثير، من اعطى للعلم كل شيء، اعطاه العلم نتيجة اكبر..
نجمة اخرى تزداد تألقا ولمعانا كلما اقتربت منها، تتميّز بصدقها وإخلاصها لمن حولها، محل ثقة عند الجميع، تحب أن تساعد الآخرين، المعلمة الفاضلة العلوية (رحاب جواد كاظم القزويني)، بدأت الحوار معنا:
_"بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين، اما بعد، مهنة التعليم من اشرف المهن حيث انها ترتبط بتهذيب نفوس الطلاب قبل تعليمهم، لذا فهي مسؤولية كبرى ملقاة على عاتق المعلم، واسلوب المعاملة مع الطلاب له الدور الكبير في جذب الطالب الى مقاعد الدراسة، او نفوره من المدرسة، فكم من معاملة راقية للمعلمين اخرجت اجيال ناجحة وموفقة في الحياة، وكم من معاملة سيئة قتلت مواهب ونبوغ في مجتمعاتنا.
ان المعلم الناجح هو المعلم المبدع الذي يعرف كيف يتعامل مع طلابه فردا فردا ويأخذ بيدهم الى أعلى مدارج العلم والنجاح بشتى الوسائل التعلمية والتربوية والثقافية المتاحة له".
نجمات سطعت وتلألأت في سماء التعليم الاكاديمي والديني، نقشت اسمائهن في لوحة الابداع، فكان لحضورهن بريق، ولتعليمهن اثر لا يحجب، لهن منا اجمل التحية و السلام، وكل عيد معلم وانتن مبدعات متميزات، لا أطفأ الله نوراً أنتن مصدره، كل عام وانتن بخير..
قال الشاعر:
أيا معلّم يا رمز الوفا سلمت.... يمين أهل الوفا يا خير من صدقوا
لا فضّ فوك فمنه الدر منتثر... ولا حرمت فمنك الخير مندفق
اضافةتعليق
التعليقات