غالبا ما نسمع في الروايات عن السيدة زينب (عليها السلام) وكيف يتعامل معها أخوتها عند خروجها من المنزل، والإمام علي (عليه السلام)، كان يطفئ السراج كي لا يرى ظل العقيلة، ونسمع في ألقابها أنها (فخر المخدرات) وحتى عند زواجها من ابن عمها عبد الله بن جعفر اشترطت عليه بأن لا يمنعها زيارة أخيها الحسين (عليه السلام)، والرواية المشهورة كيف أن الإمام الحسين (عليه السلام) في احدى زيارته لها رأى أشعة الشمس تتسلل للحوراء وهي نائمة وقف وأظلها بظله حتى استيقظتْ.
كل ذلك من معاملة مختلفة تلقتها من أبيها وأخوتها تدل على دلالها، حتى إن أباها أبى إلا أن يدفع مهرها من خالص ماله، كل تلك المواقف تقودنا لنقطة مهمة وهي أن السيدة (عليها السلام) حصلتْ على حياة مترفة في ظل عائلتها ومعاملة استثنائية، فإنها لم تشهد حرب أو يتم تأسيرها وغيرها من المواقف التي حصلت في كربلاء!
إذا عدنا إلى مفهوم الدلال الحالي تُعتبر السيدة زينب (عليها السلام) مدللة، ولو غصنا بنتائج الدلال المطبقة في الوقت الحاضر نجد من تتلقى هذا النوع من العناية والرعاية والاستثنائية في المعاملة وعدم الخوض في ميدان المجتمع، سنجدها من أول موقف تصطدم بالمجتمع فأنها تنهار وتتأذى وقد تسلك سلوكا مختلفا جدا.
لأن الدلال الحالي هو رعاية بترف دون تعبئة داخلية تقي هذا الفرد المدلل من صدمات الحياة وهذه النقطة هي الفارق الذي يلاحظ في تربية السيدة زينب (عليها السلام)، عندما حصلت على جرعة الدلال كانت تتلقى في قبالها تعبئة من الداخل في معرفة ما يحيط بها من مجتمع وما ستواجهه في المستقبل.
فعندما يلجأ إليها إمام زمانها زين العابدين وبعض القرارات يتركها لها وهو إمام معصوم مفترض الطاعة وهي أعلم الناس بذلك لثقته في حكمتها التي ستدير بها الموقف وتعالجه، فعندما يقول لها بما معناه (أنت عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة)، هذه الاشادة منه تظهر تربيتها المتوازنة والسليمة التي حققها أمير المؤمنين (عليه السلام)، بغض النظر عن كونها نشأت في بيت الرسالة، إلا أن هذه التربية من الضروري أن تُطرح أمام من يتبنون هذا الدور سواء العائلة أو المعلم والمرشد وغيرهم، وأن يكون مفهوم الدلال مُنكه بالتوازن والتعبئة الداخلية، فمثلا عن دخول الطفل إلى المدرسة من الضروري أن يعرف هناك اختلاف في نشأة الأطفال فممكن أن يواجه طفل عدواني وآخر أناني وغيره المريض والغشاش والكاذب.
كما سيواجه من يحملون عكس هذه الصفات وتعليمه كيف يتعامل معهم، حتى يكون معبأ بمجموعة من الاستعدادات لكل ظرف، تحمل المسؤولية، مفهوم العقوبة، التضحية، إدارة العلاقات، وكل مفهوم يحتاج أن يستوعبه الأبناء ويتربون على مفاتيح هذه الحياة، وبالتالي لا تهزمهم قوة الأفكار الدخيلة ولا تهزهم المشاعر المبعثرة، ولا يضيعون في ازدحام الفوضى، وهذا ما يمكن استخلاصه من تربية الآل لأبنائهم حتى نستطيع أن نؤسس لتربية تستطيع أن تقف أمام تيار الهشاشة النفسية والضياع بما يخدم حاجات الإنسان الكمالية فقط.
اضافةتعليق
التعليقات