من الأسئلة المطروحة في شهر عاشوراء، ما هو واجبنا تجاه القضية الحسينية؟
إن الجواب على هذا السؤال يتطلب منا التوضيح والاستدلال بروايات صحيحة السند حتى يعرف السائل الجواب الشامل.
منذ انتهاء عصر عاشوراء وواقعة الطف بأحداثها المأساوية هناك مسؤولية عظيمة تقع على الفرد وإن كان لم يشهد الواقعة فقد نقلت بكامل الحجج والبراهين من إمامين معصومين هما زين العابدين والباقر عليهما السلام اضافة إلى المحدثة السيدة زينب (عليها السلام) غير أن هناك أحداث نقلها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يولد الحسين (عليه السلام) واشارات سماوية عند مولده والكثير من الأخبار.
يلزم الاهتمام بالقضية الحسينية بمختلف أنواعها والسعي لنشر ثقافة عاشوراء والنهضة الحسينية مضافاً إلى التبليغ الديني فإن أفضل فرصة لخدمة العقيدة الإسلامية والتبليغ الديني على مستوى العالم، وإيقاظ وتوعية المسلمين، هو شهر محرم وصفر، وكذلك شهر رمضان وموسم الحج، وإن كانت أيام الحج قليلة ولكنها فرصة مناسبة.
من خلال إقامة مجالس العزاء في المساجد، الحسينيات، الطرقات، المكتبات، النوادي، المستشفيات، وحتى في منازلنا الشخصية طيلة أيام السنة ونجعل منها محلاً للتحرك والتوعية الصحيحة للناس.
ويلزم أن يبلغ عدد هذه المجالس الملايين، توزع خلالها ملايين الكتب الإسلامية والتوعوية وأشرطة الكاسيت المفيدة بين مختلف الناس، كي تتفهم الأمة الإسلامية قضاياها ومسائلها قليلاً قليلاً، فيرتفع مستوى الثقافة عند الجميع.
تنظيم الشباب
كما يلزم علينا حد الإمكان تنظيم الشباب المسلم، هذه القوة العظيمة في كافة البلاد الإسلامية، عن طريق ملايين المنابر ومجالس الوعظ والخطابة، وتوزيع الكتاب وأشرطة الكاسيت، وإرشادهم نحو التطور والاكتفاء الذاتي في كافة المجالات، يعني أن لا نستورد شيئاً من الشرق ولا الغرب، وتشكيل السوق الإسلامية المشتركة، وبذلك يمكن القيام بتأمين وإنتاج كافة احتياجاتنا من البلاد الإسلامية.
يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ((احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره)).
فعلى مسلمي العالم أن يدركوا هذا الأمر فإنهم ما داموا بحاجة إلى الشرق أو الغرب فهم أسراؤهم، وما لم يتم تشكيل منظمة إسلامية عالمية تضم ملايين المسلمين في العالم فلا يمكننا النجاة من الشرق أو الغرب.
إن مجالس الإمام الحسين (عليه السلام) في شهر محرم وصفر وشهر رمضان وغيرها من أيام السنة هي من أفضل الطرق للدعوة إلى تشكيل البرامج الدينية والحركات الفكرية والهيئات التنظيمية والدعوة للاكتفاء الذاتي وما أشبه.
ينقل أحد كبار علماء الإسلام أنه التقى بأحد القساوسة المسيحيين، فأخبره ذلك القسيس وقال له: لو كنا نملك الإمام الحسين (عليه السلام) الذي عندكم لجعلنا الدنيا كلها تؤمن بالمسيح (عليه السلام)، وذلك عن طريق نصب الأعلام السوداء في كل مكان ونشر مظلوميته، وجمع الناس حول هذا العلم وهدايتهم إلى الدين المسيحي.
ثم قال القس المسيحي لذلك العالم المسلم: إنكم لا تدركون قدر الإمام الحسين (عليه السلام) وعظمته، ولا تعرفون مدى أهمية هذه القوة المعنوية التي بأيديكم أيها المسلمون.
نعم إن ذلك المسيحي قد قال الحقيقة، فنحن المسلمين لحد الآن لم ندرك القوة المعنوية لنهضة الإمام الحسين (عليه السلام) ولم نستفد من ذلك، فإن أحد الألقاب التي تطلق على الإمام الحسين (عليه السلام) هي (يا رحمة الله الواسعة، ويا باب نجاة الأمة) فإذا كنا من أتباع الإمام الحسين (عليه السلام) وهو باب نجاة الأمة الواسعة، فلماذا تسلط علينا الصهاينة والمسيحيون والشيوعيون، والبعثيون والقوميون والغربيون ومن أشبه.
فضل البكاء وآثاره :
يروي الأستاذ حسين أنصاريان (الخطيب المعروف) واحدةً من ذكرياته عن العلّامة الراحل السيد محمد حسين الطباطبائي [طاب ثراه] يقول:
رأيتُه ذات مرة في طريق الحرم المطهر للسيد فاطمة المعصومة عليها السلام، وقد لحق به شخص واستوقفه فوقف إلى جانب الرصيف، وكنتُ قريباً فتقدمت أسمع تحاورهما، كان العلامة مطرقاً كعادته ينظر إلى الأرض، ويُصغي إلى سؤال الرجل الذي قال له في بعض أسئلته: كيف وصلت إلى هذا المقام؟ فلعلنا نوفق للاقتداء بك.
العلّامة وبكل تواضع - ومع أن السؤال لم يكن مناسباً زماناً ومكاناً - قال له: إن الطرق كثيرة، ولكن من بينها طريقان يحظيان بأهمية بالغة، وأنا أفتخر بهما، وأعدهما من أفضل الطرق، أحدهما أداء صلاة الليل بإخلاص وباستمرار، والطريق الآخر البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام).
إذن يلزم علينا أن نتمسك بأهداف الإمام الحسين (عليه السلام) وتعاليمه، بحيث يظهر في أعمالنا أننا قد اعتمدنا على رحمة الله الواسعة وباب نجاة الأمة، كما علينا أن نعمل بالقرآن الكريم والقوانين الإسلامية التي ضحى من أجلها الإمام الحسين (عليه السلام) في نهضته المباركة، عندئذ يمكن استعادة قدرة الإسلام وقوة المسلمين وما ذلك على الله بعزيز.
اضافةتعليق
التعليقات