عندما نتصفح التاريخ الإسلامي نجد أن هناك سيدة فريدة نادرة في تاريخ النساء، لما امتلكته من صفات نادرة جمعت بين الأصالة والوفاء، وسمو الروح وعمق الإيمان، وصدق الولاء لأهل بيت النبوّة.
لم تكن مجرد زوجة أو أماً، كانت مستودع لتلك الآلام والمصائب حتى أنها أصبحت شريكة معهم في المصاب نقرأ عنها انها لم تكن امرأة عادية، بل كانت نموذجًا يندر تكراره، حتى أصبحت سيرتها مصدر إلهام لكل امرأة تسعى إلى الجمع بين الإنسانية والوفاء.
تجد أنها مثال الزوجة الصالحة التي أشار إليها القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
من العرق و القبيلة و البيئة حيث أنها
وُلدت فاطمة بنت حزام الكلابية في قبيلة عُرفت بالشجاعة والكرم، فنشأت على مكارم الأخلاق وصدق الوفاء.
وقد اختارها الإمام عليّ (عليه السلام) زوجة له بعد استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، لما عُرفت به من حكمةٍ ورجاحة عقل، وقوة شخصيتها المتواضعة.
ومنذ أن دخلت بيت الإمام عليّ، تجلّت أولى نوادرها؛ فقد طلبت بكل أدبٍ وإخلاص أن تُسمّى "أمّ البنين"، حتى لا يُنادى باسم "فاطمة" فيتجدّد الألم في قلوب أبناء الزهراء.
حماية مشاعر الأطفال أهم من إسمها!
كانت تسعى لحماية مشاعر أطفال ليسوا أبناءها، فبدأت حياتها الجديدة بدرس إنساني راقٍ في نكران الذات.
أمٌّ نموذجية قبل أن تكون امرأة عظيمة
عرف عنها أنّها لم تتعامل مع الحسن والحسين وزينب (عليهم السلام) إلا بروح الأم الحقيقية والخادمة لا زوجة الأب. أحبّتهم بصدقٍ، وربّتهم بحنان، وقدّمت لهم ما تستطيع دون انتظار جزاء أو رد جميل ولهذا، أحبّها أبناء الزهراء، ووجدوا فيها ملاذًا آمنًا وقلوبًا رحيمة.
كبر أبناء أمّ البنين الأربعة: العباس وعبد الله وجعفر وعثمان، وتربّوا على يدها تربية الفارس المؤمن، فكانوا من أشجع رجال عصرهم.
ذروة الوفاء: موقفها في كربلاء
أمام محنة كربلاء، ظهر معدنها الأصيل. لم تمنع أبناءها من الخروج مع الإمام الحسين، بل شجّعتهم، وقالت كلمات خالدة:
«كونوا مع الحسين، ولا تقصّروا في نصرة ابن بنت رسول الله.»
وهكذا سار أبناؤها الأربعة مع الحسين، فكانوا أبطالًا في ساحة الطفّ، واستشهدوا جميعًا بين يديه. المدهش أنها حين وصلها خبر استشهادهم لم تسأل عنهم، بل كانت تصرخ بمرارة:
«أخبروني عن الحسين!»
وحين أخبروها باستشهاده، قالت كلمتها التي سُطّرت في تاريخ الوفاء:
«كلّهم فداء للحسين.»
بهذا الموقف، تجاوزت حدود الأمومة إلى مساحة التضحية الكبرى، التي لم تعرفها سوى القلوب العظيمة. تواضع يُعلّم الأجيال معنى الايثار والتضحية من أجل من تحب.
حتى أصبحت أمّ البنين مثالًا للحياء والسماحة. لم تكن تفاخر بأبنائها ولا بنسبها، بل تشير إليهم وتقول:
«قولوا أبناء أمّ البنين.»
وما ذلك إلا من شدّة تواضعها وإيمانها بأن الفضل لله أولًا ولأهل البيت (عليهم السلام) ولا تزال سيرتها العطرة تنبض بالحياة في قلوب محبّي أهل البيت، لتذكّرهم دائمًا بأن العظمة ليست في القوة أو العدد، بل في صدق القلب ونقاء النيّة وثبات الموقف.
وأي سيدة غيرها تعيش في بيت علي ويقال عنها أنها زوجة أبو الحسن وانما كان همّها الوحيد أولاد فاطمة الزهراء (عليها السلام) ورضا زوجها "جئتُ خادمةً لأبناء فاطمة، لا سيدةً عليهم".
فأيّ امرأة تُبدّل اسمها وتتنازل عن حقها الطبيعي لأجل قلوب أطفال ليسوا أولادها؟
إنها قمة التضحية والإنسانية فلا عجباً أن تكون نادرة وسيدة الوفاء.








اضافةتعليق
التعليقات