يعد الحُسن من المدائن التي لا تفريط فيها عند ابتداء الحرف وذوبانه بيت السرد وقصة التأويل ..ولأن الاحسان، خليله في الوصف أيضا، لذا يحتم الوجوب لإشارة البنان إلى من هم أهل الاحسان وأولياءه عند أول خطوة وكل أطلالة يغير منها الشمس وسطوته .
في كل ولادة، يدهشنا الغيب من آياته، ويصف لناهيبة النور الذي يرفل على أهداب الفرحة، وابتسامة القدر، وشكر الانتظار ..
قال النبيّ صلى الله عليه وآله: (سمّي الحسن عليه السلام حسناً؛ لأنّ بإحسان الله قامت السماوات والأرضون) ١ .
في ذاك البيت وسجادة الشكر لدمعة الوحي، ينبأ العالم، بقدوم الغيث الطيب، والفيض المباهي به كون التسليم الامام الحسن المجتبى (سلام الله عليه) في يوم وقد أفطرت الأفواه حمدا في قدومه إلى عالم التمكين، تتعالى التهاليل، ورقت العين ابتهاجا لإكتمال القمر حضورا، في يوم الصيام وعمدة الختام واضفاء حلة نورانية لا يتسع لها الوجود بأكمله بيت النبوة، وأحضان الرسالة .
فأول الغيث قطرة، فكيف به وهو الكوثر ينهل العالم من أبهامه ينبوع علم تستضاء الحقيقة منه كل المشاعر ونبضات المعرفة.. فهو التقيّ والطيّب والزكيّ والسيّد والسبط والوليّ.
وقد لقبّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث وصفه به وخصّه، بأن جعله نعتاً له؛ فإنّه صحّ النقل عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) فيما أورده الأئمّة الأثبات والروات الثقات أنّه قال: «ابني هذا سيد». ٢
عند مولد المجتبى (سلام الله عليه*، حقيقة ولدت، ووعد مؤيد لدرب رسالة جده رسول الله (صلوات الله عليه وآله)، أول ثمرة قد استقر عطرها قلب النبي، وكف الوصي، وصدر البتولة الوفي.
في شهر رمضان المبارك، توشحت الرحمة بالبهاء وزاد غفرانها، وعم العتق أرجاء الكون، هبة من الله لبيت الرسالة، وعلو شأنا وصلوات مباركة لا يدركها خيال كل مخلوق .
لأن المجتبى، ذلك القلم الذي يخط أسرار الله سبحانه على لوح التقدير، ويمهر بعلمه أي تعط فأن كانت مساجده تركت بصمة الخلود على كل كتاب فإن أفكاره مناهل غذاء للفكر والعقل وبابا للمعرفة، وكل منهج، فهو انعطافة تعبدية لمشروع نبوي قد تم تأييده غيبيا وكونيا .
تُعبأ لنا مراحل الحياة أرومة يستشف النور منها خلقا رفيع المدى حتى تلج سم الفوضى وتهذبها وتطريها الكثير من الهدوء، وتطعمها الشهد المصفى من فم الحقيقة نفسها، وقد لبست الصلاة محرابها وتحصنت بعزتها وتقلدت سيف سجودها شكرا خالدا ..
حتى كان اعتراضه على أبي بكر وهو يخطب في الناس، فعن الشعبي قال: "قام الحسن بن علي إلى أبي بكر وهو يخطب على المنبر، فقال له الحسن: «انزل عن منبر أبي» وقال أبو بكر: "صدقت، والله إنَّه لمنبر أبيك لا منبر أبي" … ٣
كان نقش خاتم الحسن عليه السلام: ﴿العِزَّةَ لِلَّهِ﴾. ٤
ولأن افتقار الأذهان من العمق يحتاج إلى غسيل فكري نقي ومدعم بالدليل، كان لابد لساحة التهليل أن تحل محلها والنور حلته الوارفة بالحكمة لتستحكم نفوذها وتثبت جدارتها وتستضيئ .
لم يكن الامام الحسن (عليه السلام) محط أنظار الحفاوة والبشارة لبيت النبوة فقط، بل وكل الملائك قد استبشرت بالولادة الميمونة، فبشراها يعني النصر، يعني الحياة، تعني أن الرسالة لها حدودها، وقد حدّها أصحاب الوجود .
فهل أرتقت الأفكار من بكرة حروفها. وتعابير الكتب وتأليفها عند ذكر المفدى السبط الحسن المجتبى، وهل اكتملت مفارقاتها من نقص الجمل ومعناها التليد ..
ربما، الحكمة اقتضت أن تكون الهمة عنوانها، والصدق سلاحها، والولاية وصاية لا يمكن التهاون بها فأمهات الفكر تحتم على كل مخلوق ملاحظة كل فقرة ودراسة أي فكرة، ومعرفة العلة في الوجود ..
ولابد أن نعرف، أن ولادة الغيب تعني حضور الأمر وأن الآيات يتنوع ظلها بقوة التأييد، وأن النور له يد القدرة وقد اكتملت صفاته في شخص الحسن المجتبى ..
الامام الحسن هو الوجود وهو آية الله التي لا تخلو وهو التحدي لبيت الغيث وأسماءه الحسنى.
اضافةتعليق
التعليقات