يضيق العالم باتساعه ويصبح كمخالب الموت يريد أن ينتقم من الكون حين يشاهد ما يجري على أولياء الله في الأرض
وكأن السماء تمطر دما وتختفي الشمس في وسط النهار لتعلن الحداد.
والأرض تهتز بشدة مخيفة على عظم المصيبة وما تشاهد من الغدر والخيانات والزمن ينتقل إلى عصر جديد من الابتلاءات ويودع الامام الحادي عشر بألم.
سوف يفقد الناس معنى رؤية الامام الدائمة ويصبح أمر الامامة كقبض الجمرة في اليد ويصبح البقاء على الدين أصعب من الحصول على الماء في الصحراء لا يناله إلا ذو حظ عظيم.
استشهد الامام العسكري وأدرك الناس بعدئذ معنى الفقد الواقعي وأصبح الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف حلم يأمل به الصغير والكبير .
كان عمر الإمام العسكري عليه السلام عند استشهاده ثمانية وعشرون عاماً، ودفن في الدار التي دفن فيها أبوه الهادي عليه السلام، وقد تعرضت نساؤه واماؤه إلى الحبس والتعذيب بعد شهادته وذلك طلباً لسلطان الزمان وبحثاً عن الحجة ابن الحسن صاحب العصر والزمان وذلك بتفتيش الدور وإخافة الشيعة وتشريدهم *1.
وورد بأنه بعد دفن الحسن العسكري أخذ الخليفة في البحث والتقصي عن ابن الإمام حيث أنه قد سمع أنه سيسود العالم وسيدمر أهل الباطل.. وبعد طول فحص لم يحصلوا على خبر، وقد تم وضع الإماء اللواتي يشك في حملهن بالإمام تحت المراقبة لمدة سنتين*2.
هكذا بدأ الامتحان الإلهي لأمة آخر الزمان ودخلت البشرية في مرحلة صعبة حيث عليهم أن يتحملوا الجوع والخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات.
عليهم أن يغربلوا كما قال مولانا الامام الكاظم عليه السلام : (( والله لتغربلن ثم لتغربلن ثم لتغربلن ويسقط من الغربال خلقا كثير ولا يبقى منكم إلا الأندر الأندر )).
تمهيد الدولة العظمى
القضية المهدوية كانت محط اهتمام جميع المعصومين عليهم السلام فقد رأينا نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله في يوم الغدير ومواقف أخرى يتكلم عن المنقذ الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وكذلك جميع المعصومين أكدوا على ضرورة الاهتمام بهذا الامر ولكن الامام العسكري بين ذلك بصورة دقيقة وحساسة
فقد شاهدنا امامنا العسكري عليه السلام كان بين طريقة الارتباط وضرورة التمسك بالإمام المهدي عليه السلام من خلال أقواله وأفعاله.
حيث عرّف الامام من بعده هو ابنه المهدي عجل الله فرجه الشريف وضرورة التمسك به وكيفية التواصل معه والصبر والانتظار لأجل الوصول إلى هذه الغاية العظمى وما يؤكد على ذلك الرسالة التي أرسلها الإمام إلى علي بن الحسين بن بابويه القمي: التي جاء فيها:
(عليك بالصبر وانتظار الفرج).
بعد أن بين عن طريق الأحاديث والأدلة أن الإمام صاحب العصر والزمان هو المنقذ، بين صعوبة الأمر وصعوبة التمسك بهذه القضية وقال عليه السلام:
“إن لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط شوك القتاد بيده".
ويحذر الناس من الشك و الشبهة في هذا الأمر ولكن الناس امام امر عظيم ففي كل يوم بل و في كل لحظة يسقط عدد هائل من الناس في هذا الامتحان و يصبح الأمر مؤلما أكثر فأكثر.
استشهد الامام العسكري عليه السلام ولكن بين ان الخلاص و السلام بيد الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف وانه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ولكن بعد طول الأمد وهذا الأمر يحتاج إلى سعي عظيم و توفيق الهي و في ذلك فليتنافس المتنافسون.
استشهد الامام الحادي عشر والكون أعلن الحداد ومنذ ذلك الحين ابنه الوحيد طريد شريد من قبل القريب و البعيد
لازالت السماء تنحب
ولازالت الأرض مضطربة
ولازال الكون في كابوس مهيب
ولازال صوت المظلومية يتردد
من جانب الطهر المبارك (عجل الله فرجه الشريف) ((و لو أنّ أشياعَنا وفَّقهم الله لطاعته على اجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليُمنُ بلقائِنا ولتعَجّلَت لهمُ السعادة بمشاهدتنا))
اضافةتعليق
التعليقات