عندما اشتدت الفتن وضاقت الأرض بما رحبت على أصحاب الكهف لم يبقى أمامهم طريق إلا الفرار يروى أنهم كانوا على مستوى من العقل والصدق وكما يقول القرآن الكريم: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)، عندما شعروا بالفساد الموجود وطغيان المجتمع قرروا المواجهة والقيام ولكن عند عدم تمكنهم هجروا المجتمع و كان القرار في النهاية ((فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا). الملفت في قضية أصحاب الكهف انهم كانوا يعيشون في ظل رفاهية وحياة منعمة ولكن انسلخوا من كل ذلك لأجل الحفاظ على عقيدتهم إن الكهف كان مأواهم في النهاية وأنقذهم من جور الزمان ، ما أشد احتياجنا الى الهروب من مآسي هذا الزمان الى الكهف الحصين ليحمينا و يخلصنا من همومنا و آلامنا ولكن أين الملجأ؟ امتلأ عالم الأفلام بقصص خيالية عن شخصيات أسطورية لديها قدرات خارقة تحقق أمنيات الناس أو تقوم باسعادهم، البشر بطبيعتهم يبحثون عن المنجي والسند و أصبح العالم يلتجئ الى الخيال ليشبع هذه الغريزة و يهدئ نفسه ولكن في النصوص الدينية نجد هذا الترابط بين العوالم و نجد المعجزات تحدث بصورة مدهشة. والله سبحانه وتعالى خلق لنا كهفا ينجينا من جور الزمان يكفي أن ندرك اننا على شفا حفرة من الهلكة و نستيقظ من سباتنا ونلتجئ الى هذا الكهف. ورد عن مولانا العسكري (عليه السلام): نحن كهف لمن التجأ الينا. قال أبو هاشم الجعفري : إنّ أبا محمّد عليه السلام ركب يوماً إلى الصحراء فركبت معه ، فبينما نسير وهو قدّامي وأنا خلفه ، إذ عرض لي فكر في دين كان عليّ قد حان أجله ، فجعلت أفكر من أي وجه قضاؤه . فالتفت إلي فقال : (يا أبا هاشم الله يقضيه) ، ثمّ انحنى على قربوس سرجه ، فخطّ بسوطه خطّة في الأرض ، وقا : (انزل فخذ واكتم ) . فنزلت فإذا سبيكة ذهب ، قال : فوضعتها في خفي وسرنا ، فعرض لي الفكر ، فقلت : إنّ كان فيها تمام الدين وإلاّ فإنّي أرضي صاحبه بها ، ويجب أن ننظر الآن في وجه نفقة الشتاء ، وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها . فالتفت إليّ ثمّ انحنى ثانية ، وخطّ بسوطه خطّة في الأرض مثل الأولى ، ثمّ قال : ( انزل فخذ واكتم ) . قال : فنزلت ، وإذا سبيكة فضّة فجعلتها في خفي الآخر ، وسرنا يسيراً ، ثمّ انصرف إلى منزله وانصرفت إلى منزلي ، فجلست فحسبت ذلك الدين وعرفت مبلغه ، ثمّ وزنت سبيكة الذهب فخرجت بقسط ذلك الدين ما زادت ولا نقصت، ثمّ نظرت فيما نحتاج إليه لشتوتي من كل وجه، فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه على الاقتصاد، بلا تقتير ولا إسراف، ثمّ وزنت سبيكة الفضة، فخرجت على ما قدرته ما زادت ولا نقصت. يكفي أن نعرف اننا لسنا تائهين فهناك طريق مشيد و امام يأخذ بأيدينا و ينقذنا من شفا جرف الهلكات و يرعانا بكل رحمة ، فقط علينا أن نلتجئ إليه.
اضافةتعليق
التعليقات