حين أوجد الخالق الكون وبث الروح في مخلوقاته ميز الانسان عمن سواه بالحكمة والعقل والتفكر ليصل بها الى حقيقة الوجود فيميز في اي الطرفين يود ان يكون انسانا ام يلجئ ليصنف شخصه من بقية خلق الله فيسمى كما ذكر الله عز وجل في محكم كتابه: (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )، ولان الله كان رحيما بالعباد فقد جعل في كل زمان ومكان تذكيراً لهم وهادياً يرشدهم وبين لهم ان هذا الطريق الذي سلكوه طريق واضح بين: {إن الدين عند الله الاسلام}.
ومنه تفرعت سلسلة النبوة حتى ختمت بخير الخلق محمد (صلى الله عليه واله)، الذي لم يشأ ان تضل الامة بعده فهو يعلم انه خاتم النبيين فترك في الناس وصيته:(تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ، وعِترتي أهلَ بيتي)، وما ان غادر الدنيا خاتم الانبياء حتى تفرقوا الناس فباتوا حركات ظاهرة تعصي الله وتؤذي قلب نبيه في عترته اهل بيته وتركوا كتاب الله لهج لسان لا تدركه الارواح ولا تعيه العقول فمن وعي عرف حق الوصية ومفادها حتى سار الركب فوصلنا ليومنا نحن الامة التي لا شهدت نبي ولا واكبت ولي وانما كانت احد فريقين، مسلم قال لا اله الا الله ظاهرا ومؤمن ادرك الله باطنه.
ومما لا شك فيه أن الإيمان هو اللبنة التي تقوي عماد الدين وأركانه وتسمو بصاحب الدين إلى اليقين الذي يوصله إلى الله تبارك وتعالى وقد قال في كتابه العزيز: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون)، ولكن معنى ان نكون في زمان لا يفرق الانسان به بين المسلم والمؤمن هو الضياع بحد ذاته فتجده يؤدي كل مارتل عليه ولكن في قلبه حقد دفين وبدع اكتسبها عن اجداده فابت كرامته ان يبحث عن حقيقة الله في خير خلقه فتجده يبتعد ليكون في فرقة مسلمة لا تعي كيفية ادراك درجات الايمان والارتقاء بالنفس لخالقها..
اما عن الفرق بين المسلم والمؤمن فان بمجرد دخول المرء في دين الإسلام ينطق بالشهادتين فيعد حينئذٍ مسلمًا ويترتب عليه تحقيق بقية أركان الإسلام، أما لكي يُصبح الإنسان مؤمنا فيتطلب الأمر أن يعتقد القلب اعتقادا صادقا لأركان الإيمان، فالإيمان ما وقر في القلب وصدّقه القول والعمل، وهنا يتم توضيح ان كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، فالإيمان تمام الطاعة من حيث تأدية الواجبات وترك المنكرات ويسمى من حقق ذلك مؤمنا، ففي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) في مقام التفريق بين الإيمان والإسلام يقول فيها الإمام (عليه السلام) : « الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّـداً عبـده ورسوله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان ; فهذا الإسلام .والإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقرَّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاًّ ».
وعن الإمام الباقر (عليه السلام) في معرض تفريقه بين الإسلام والإيمان :
«الإيمان إقرار وعمل والإسلام إقرار بلا عمل».
ويتّضح من خلال تلك الأحاديث ونظائرها أن أهل البيت (عليهم السلام) قد رفضوا كون الإيمان مجرّد إقرار باللسان ، ما لم يقترن بالطاعة المطلقة لله، وهكذا نجد أن مفهوم الإيمان في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) يتجاوز دائرة الاعتقاد المنسلخ عن السلوك ، ويرتكز علىٰ رؤية موحدة ومترابطة تذهب إلىٰ أنّ الاعتقاد القلبي متقدّم رتبياً علىٰ الإقرار اللفظي ، ولا بد من أن يتجسد هذا الاعتقاد وذلك الإقرار في سلوك سوي، ثم إن كل تفكيك بين الإيمان وبين العمل يفتح الباب علىٰ مصراعيه أمام النفاق والمظاهر الخادعة والدعاوى الباطلة.
وفي مكان كرمه الله فرفعه في الدنيا خير مكان وفي الاخرة خير مقام كان فيه لنا قدم عند سيد شباب اهل الجنة ابا عبد الله الحسين السبط الذي نظر اليه النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مقبل فأجلسه في حجره وقال: ( إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابدا ثم قال عليه السلام بأبي قتيل كل عبرة قيل وما قتيل كل عبرة يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا يذكره مؤمن الا بكى).
فكيف لأمة فيها الحسين تنكر فضله وتدعي ان ما يفعله محبيه من اثار عشقه بما يظهر من قلوبهم على مظهرهم من حزن ولم بانه كفر وشرك وهو الذي قال فيه خاتم النبيين ان لقتله حرارة في قلوب المؤمنين، اوليست هذه الحرارة هي عشقنا الذي لا تتسعه جوارحنا فيفيض دمعا ساخنا على اعناقنا، اوليسو هم شفعاؤنا عترته اهل بيته اولم يقرن رسول الله (صلى الله عليه واله) ذكره بالايمان فكيف يدعي احدا انه مؤمن وينكر مظلومية ابن بنت نبيه، ولكن ما يعبر عن النفس في قول المنافقين الا ما قاله الشاعر:
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه
والصور في نشر الخلائق ينفخ
لا بد أن ترد القيامة فاطم
وقميصها بدم الحسين ملطخ.
اضافةتعليق
التعليقات