أشرقت سامراء بولادة قمر من أقمار بني هاشم في الخامس عشر من شهر شعبان 255 للهجرة، خليفة الله ووجه الله وعين الله والسبيل إليه صاحب العصر والزمان "المنتظر" "بقية الله" "المهدي" صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه البَرَرةِ المنتجبين، الموعود بإحقاق كل حق وإبطال كل باطل.
إمامنا "بقية الله" روحي له الفداء، هاديٌ ووليٌ مرشد، وحجة الله وسببه المتصل بين الأرض والسماء، مُفترض للطاعة والتسليم له، ولا يختلف ذلك في زمن غيبته ولا في زمن ظهوره وشهوده، فالأمران سيان.. فطوبى لِمن عرفه وسعد بولايته، والويل لمن جهله وبعد عنه.
إمامنا محيي الشريعة حيٌ شاهدٌ معصوم محاط بنا، تقضي به الحاجات في الدنيا والآخرة، سخر الله تعالى له الوجود كله وجعله لأجله وتحت تصرفه، فمن سَلك وتخلف دون ذلك هلك ومرق.. فلولا وجوده الشريف لساخت كل الأرض بأهلها، ألَا "ببقية الله" يستقيم كل الوجود، كما ورد في الحديث الشريف "بنا يُمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزِل الغيث، وبنا ينشِر الرّحمة ويخرج بركات الأرض"..
إمامنا حاضرٌ شاهدٌ بيننا، لم يسهُ عن النظر في أمور وأحوال رعاياه، غيبته حضور ونهايتها ظهور، ويخطأ من يزعم أنه صلوات الله وسلامه عليه غائب عنا غير محيط بنا أو سوف يولد ويظهر في آخر الزمان، ألم يفطن ذلك قوله الشريف في توقيعه للشيخ المفيد: " ... فإنّا يُحيط علمنا بأنبائِكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخبارِكم، ومعرفتنا بالزلل الذي أصابكم".. فلنتأمل.
إذن هل عرفناه، أم ما زال وجوده بيننا شكليًا وعاديًا كبقية الأمور التي ترد علينا دون أن نعير لها أي اهتمام وانتباه، نقتصر في كل عامٍ على ذكره وذكر اسمه ونعلق الزينة ونثير الأضواء على منابرنا وفي بيوتنا مبتهجين فرحين سعيدين بذكرى ميلاده الشريف، وندعو الله تعالى متضّرعين له بتعجيل فرجه وظهور أمره، ونردد مع كل جمعة "قلبي مسلّم لكم ونصرتي معدة لك وَقَلْبِي لِقَلبِكُمْ سِلْمٌ وَأَمْرِي لاَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَأْذَنَ الله لَكُمْ ؛ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ غَيْرِكُمْ" .
إذن أين نحن من ذلك، وهل تلك المعرفة السطحية تعزز علاقتنا بولي نعمتنا وإمام زماننا صلوات الله وسلامه عليه وتعرفنا وظيفتنا اتجاهه، أم يبقى الأمر بحاجة إلى جد واجتهاد أكثر لتعجيل أمره وظهور دولته البهية.
فمن يسأل الله به للهداية والبصيرة والمعرفة يوفق حتما إلى ذلك "قل سِيروا على بركة الله" و" ادخلوها بسلامٍ آمنين" وصدق الإمام أبو عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) في كربلاء، حينما قال لمن تخلف عن ركبه: (ولم يبلُغ الفتح مَن تخلّف عنا).
نسأل الله تعالى أن يبلِّغنا ذلك الفتح الموعود في ذلك اليوم مع إمامنا "بقية الله" السيف الشاهر والقمر الزاهر والنور الباهر المنتظر المهدي ويَحشِرنا في زُمرتِهِ وتحت لِوائِهِ "اَللّـهُمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الإسلام وَاَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ إلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَة".
اضافةتعليق
التعليقات