كما بينا مسألة معرفة النفس في المدارس الإسلامية والفلسفية و الأخلاقية والحضارات والديانات القديمة وشدة تعقيد هذهِ المسألة ومدى أهمية معرفة النفس في الطريق للوصول إلى باب الكمال، وبينا أيضًا إختلاف العلماء بتفصيل النفس ومراتبها وبينا الأصح منهم رأيــًا كما بينا تجزيئ القرآن للنفس وتقسيم عُلماء النفس للنفس أيضًا تعريفًا مفصلًا في الجزء الأول من هذا المقال؛ أما الآن وبعد أن عرفنا أقسام النفس وقلنا أنهُ بإختصار الصراع قائم بين أربعة أقسام
1_ العقل وفيه تجتمع الحكمة كما ذكرنا.
2_ والوهم فهو كالشخص الثمل.
3_ والشهوة فهي كالحيوان.
4_ أما الغضب فهو يتمثل كالنار أو الكلب اجلكم الله.
وهنا يحتد الصراع بينهم كل واحد منهم يُطالب بالسيطرة، فإذا لم تُحكم العقل وتُقويه وتجعله هو المسيطر على الجميع فلن تصل إلى معرفة نفسك ولن تصل إلى الحكمة. ونقصد هنا ليس الفناء لهن وإنهائهن أي قتل الشهوة والخيال والغضب ولكن لابد من السيطرة والسيطرة يعني التحكم التام بهن، فالشهوة إن فقدها الإنسان لا يستطيع أن يساير حياته وينجب ويعيش.
وإن فقد الوهم والخيال فلن يستطيع أن يُبدع ويفكر. وإن فقد الغضب فلن يستطيع أن ينهى عن المنكر أو يأمر بالمعروف.
هنا يجب تحجيمهن والسيطرة عليهن، "مَن عرف نفسه وعرف ربه" يعني من وازن القوى وجعل العقل حكيمًا مسيطرًا على ذاته عندما يرفع الأنا والحجب عن نفسه يعرف ربه وتتجلى عندهُ الحقيقة فهذهِ بمثابة الحواجز في الطريق، عندما نقود السيارة يجب علينا أن نتيقن من سلامة الطريق كذلك في الطريق للوصول إلى الله يجب علينا أن نتيقن من رفع هذهِ الحواجز جميعًا لكي نستطيع الوصول بشكل أسرع فالصراع بين الأربعة دائم وإذا لم تساعد نفسك على معادلتها لا تستطيع أن تسير وتعرف نفسك حق معرفتها.
إضافة إلى أن تحكم الإنسان بمشاعره وخياله وشهوته يزيد من قوته فهنا يبدأ العقل في العمل أكثر ويسيطر على البقية فتنعكس على تصرفاته فيكون أكثر إتزاناً وقوة من غيره وهكذا يحصل الإنسان على الإحترام والمكانة في الدنيا كونهُ شخص متزن مختلف عن غيره في تصرفه وفي شخصيته. كما أنه يحصل على رضا الله سبحانه والوصول إليه عز شأنه. والكمال هنا يكون الكمال العام والكمال الخاص ولا يحصل ذلك إلا بالمجاهدة والعمل والنية الخالصة مع الحب.
اضافةتعليق
التعليقات