تعيش مع انسان آخر أسود أبيض عصبي أو هادئ، نمطي أو غير نمطي .. كيف تقضي يومك مع وجود انسان آخر معك مرتبط في المكان والزمان .
هل نحسن الظن في الانسان؟ أم نسيء الظن به؟ هناك من لا يثق بأحد أبداً، ويسيء الظن بكل من حوله، وعلى العكس من ذلك، هناك آخرون ما إن يلتقوا بشخص حتى يثقوا به ، ترى ما هو الأفضل بين هذين الموقفين؟ ليس حسن الظن بالناس بصورة مطلقة صحيحاً، كما ليست إساءة الظن المطلقة صحيحة أيضاً، إنما الصحيح في التعامل مع الناس أن تحترمهم بغض النظر عن حسن الظن بهم، أو عدمه .
فلكي تتعاون مع أي إنسان لا بد أن تحترمه أولاً، ولا يوجد إنسان حبّذ الحصول على شيء في هذه الدنيا على حساب كرامته واحترامه.
حتى الأطفال لهم عند أنفسهم كرامة يتوقعون احترامها من قبل الكبار ولكي تنجح في العلاقات الاجتماعية لا بد أن تتعلم. كيفية احترام الناس، سواء في ما يرتبط الأمور الكبيرة والمواقف الهامة، أو في ما يرتبط بقضايا جزئية وصغيرة جداً في الحياة .
فلكي تكسب الناس لا بد أن تتنازل عن الاعتقاد بأنك الأعظم، وأنك الأفخم، وأنك الأعلى.
تستبدل ذلك بالشعور بأنك واحد منهم، شبيه لهم، يحتاجون إليك، وتحتاج إليهم.
ولقد ثبت أن الطلاب يمقتون المعلم الذي يعتبر نفسه أعلى منهم، فلا يتواضع لهم، ذلك أن من طبيعة الناس أنهم يحبون من يهب لهم الثقة بأنفسهم، ويكرهون منهم. من هنا فإن الصداقة عندما لا تقوم على أساس الاحترام المتبادل لهي صداقة فاشلة، منذ البدء والبداية.
أساس التعاون مع أي إنسان يبدأ أولاً من احترامه صحيح أنك قد تكون أعلم من الآخرين، ولكن لا تبيعن علمك لهم، ولا تتعامل على أساس أنك الأعلم والأفضل. الحكمة العظيمة تقول: كن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تقل للناس ذلك.
تحاول أن توحي للناس بشكل دائم أنك أعلم منهم وأذكى .ثم هنالك حقيقة يجب الاعتراف بها وهي أن الله لم يخص أحداً بالعقل دون الآخرين، ولا بكرامة الآخرين، فالجميع متساوون في ما يملكون من قدرات وطاقات.
فقد يكون أحدهم أعلم من غيره في جانب، ولكن الآخر أعلم منه في جوانب أخرى، فإن الله وزع العقل على الناس كل في جانب، وكل بقدر.
ولو استخدمنا هذا المقياس مع بقية الأفراد، لعرفنا أن الإنسان بمقدار ما يتعمق في جانب، فهو يجهل في العلوم والفنون الأخرى فَلِمَ التعالي؟ أول متطلبات احترام الناس ألا تحقرهم، وقد ورد في الحديث الشريف: لا تحقروا المؤمنين، فإن صغيرهم عند الله كبيره .
من لا شك أن لكل إنسان في هذه الحياة، حظاً المحاسن، كما أن له نصيباً من العطاء، قدراً من الخير وحتى أسوأ الناس، يمتلك بعضاً من الجوانب الإيجابية، فالإنسان مخلوق يقبع في داخله ملاك» و«شيطان»، تارة يغلب ملاكه شيطانه، وأخرى يغلب شيطانه ملاكه .
ونحن مكلفون بتقدير ما في الناس من صفات حسنة، حتى ولو كانت بمقدار مثقال ذرة أليست تلك طريقة الله تعالى مع الناس وهو القائل: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًا)، وفي الحقيقة إن محاسن الناس، هي عطاء الله لهم، ولذلك فإن تقديرنا لهذه المحاسن هو تقدير الله الذي منحها.
نحن نعرف جيداً كيف نعاتب الآخرين على أخطائهم، وعادة لسنا بحاجة إلى من يعلمنا ذلك . إذ يكفي أن ترى خطأ حتى نسارع إلى الحديث عنه، وعتاب صاحبه، خاصة وأن في العتاب نوعاً من الغرور والأنانية . بينما التقدير، بحاجة إلى نبذ الأنانية، لكي ترى محاسن غيرك كما ترى محاسن نفسك، وهو بحاجة إلى ارتفاع على الذات، ومقاومة الشهوات.
ومن هنا فنحن بحاجة إلى أن نتعلم فن التقدير، و نتدرب عليه، و نمارسه في حياتنا اليومية . يقول الإمام علي المالك الأشتر حين ولاه على مصر: ولا يكوننّ المحسن والمسيء عندك بمنزلة .
اضافةتعليق
التعليقات