كتاب يدعو إلى علم جديد للإنسان وقضاياه فلا مستقبل لنا إلا إذا وعت أنبه العقول البشرية أبعاد الأزمة الراهنة وعبأت طاقاتها وكرست جهودها المشتركة من أجل هذا العلم الإنساني الجديد. وعلى هذا العلم أن يجد حلولا لمشاكل مثل: استمرار النمط الصناعي ولكن دون المركزية الشاملة، الجمع بين التخطيط العام ودرجة عالية من اللامركزية، نبذ فكرة السوق الحرة والتخلي عن هدف التنمية غير المحدودة والأخذ بفكرة التنمية المختارة أو الانتقائية، خلق شروط عمل ومناخ روحي عام يجعل الرضا المعنوي والنفسي أساسا للحوافز الفعالة وليست المكاسب والأرباح المادية.
السير قدما في تشجيع التقدم العلمي والحيلولة في الوقت نفسه دون تحول تطبيقاته العملية إلى خطر على الجنس البشري، خلق الظروف التي يمارس الناس في ظلها نعمة الحياة الطيبة الصالحة لا إشباع الحد الأقصى لدوافعهم الشهوانية، توفير متطلبات الأمن والأمان الأساسية لأفراده دون تحويلهم إلى أتباع أذلاء لبيروقراطية تكفل لهم العيش.
فهل يوجد أمل .. نعم هناك عدد غير قليل من العوامل التي تمنحنـا بعض الأمل والتشجيع فيزداد عدد الذين يؤمنون، لكي يتجنب عالم الغرب دمارا ماديا محققا فيجب تغيير نظام القيم والأخلاق الراهنة هل كان التغلب على الجشع والحقد والحسد.. طبعا فهذه ليست صفات متأصلة الطبيعة البشرية.
الباب الأول
فهم الفارق بين التملك والكينونة نرى أن الخيار بين التملك والكينونة قضية أساسية في تعاليم أساتذة الحياة العظام. فمن أجل الوصول إلى أسمى درجات النضج الإنساني من تعاليم المسيح إن الذي يريد أن يخلص حياته يفقدها. وأما الذي يفقد حياته في سبيلي فإنه يخلصها. فماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وفقد نفسه أو خسرها إنجيل لوقا ٩ ٢٤ - ٢٥ ، ومن تعاليم المعلم إيكهارت أن شرط تحقيق القوة والثراء الروحي هو ألا يملك الإنسان شيئا وأن يجعل نفسه منفتحة خالية وألا : يدع ذاته تقف عقبة في طريقه ومن تعاليم ماركس أن الترف لا يقل رذيلة عن الفقر وأن الهدف من الحياة هو مزيد من تحقيق كينونتنا وليس الاستزادة من ملكيتنا .
الباب الثاني
تحليل الفوارق الأساسية بين طريقتي الوجود الإنساني: التملك والكينونة، تتلخص هذه المعايير في الآتي: كل من يستطيع أن يحقق أرباحا يكون موضع إعجاب وتقدير، السؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف لهؤلاء الناس أن يشبعوا شهوتهم أو أن يرووا ظمأهم للحصول على أي ملكية والتعلق بها أو كيف أن يخلقوا في نفوسهم شعورا مثل شعور المالكين بينما هم الحقيقة محرومون من أي ملكية تذكر؟ الإجابة الواضحة طبعا هي حتى أفقر الفقراء لا بد من أنهم لكون شيئا ما ... أي شيء وهم يعتزون بممتلكاتهم الضئيلة هذه ويتعلقون بها مثل ما يتعلق مالك رأس المال بملكيته.
وهؤلاء الفقراء مثلهم مثل كبار المالكين تتملكهم رغبة شديدة في المحافظة على ما يملكون وزيادته ولو بقدر بالغ الضآلة، مثل توفير درهم من هنا أو فلسين في من هناك.
الباب الثالث
الإنسان الجديد والمجتمع الجديد البنية الاجتماعية / الاقتصادية والبنية الشخصية والبنية الدينية، هذه كلها مقولات مترابطة لا تنفصل واحدة عن الأخرى. وإذا حدث وكان النظام الديني غير متجاوب مع الشخصية الاجتماعية السائدة وفي تعارض مع الممارسة الاجتماعية للحياة فإنه - أي النظام الديني - لن يكون إلا مجرد أيديولوجية.
وعلينا إذ ذاك أن نبحث وراءه عن البناء الديني الحقيقي حتى لو لم نعه كنظام ديني ... إلا إذا فعلت الطاقات الإنسانية - التي هي جزء أصيل من طبيعة البنية الدينية المعينة - فعلت فعلها كعنصر مفجر وعملت على إضعاف وزعزعة الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية.
ومع ذلك وكما توجد دائما استثناءات فردية خارجة على الشخصية الاجتماعية السائدة توجد أيضا استثناءات فردية للشخصية الدينية السائدة. وهؤلاء غالبا ما يكونون قادة لثورات دينية ومؤسسين لديانات جديدة.
يجب إنشاء نظام فعال لنشر إعلام فعال، الإعلام عنصر حاسم في تشكيل ديمقراطية حقيقية ذات فاعلية. ومن ثم أن تكف عن حجز الحقائق أو تزييفها بدعوى رعاية ضرورات الأمن القومي.
ولكن حتى من دون حجز أو تزييف تظل المشكلة قائمة وهي أن كمية المعلومات الحقيقية والضرورية التي تقدم حاليا للمواطن المتوسط تكاد تكون صفرا بل لقد ثبت في حالات كثيرة أن أغلبية الممثلين المنتخبين وأعضاء الحكومة وضباط القوات المسلحة وقادة دوائر المال والأعمال ليسوا على معرفة كافية بالمعلومات اللازمة بل إن معلوماتهم مشوهة إلى حد كبير بسبب ما تنشره مختلف الهيئات الحكومية من أباطيل وما تردده أجهزة الإعلام من ترهات ولمزيد الأسف فإن معظم هؤلاء الأشخاص ليسوا موهوبين إلا بنوع من الذكاء الخبيث ولا قدرة لديهم على فهم القوى التي تفعل فعلها تحت السطح ومن ثم على تصور تطورات المستقبل ناهيك عما يقال عن عدم أمانتهم وأنانيتهم التي نسمع عنها الكثير.
اضافةتعليق
التعليقات