بالعمل يصل الإنسان الى طموحاته وأهدافه (فالأرض إنما تعمر بالعمل، والنفوس إنما تستقيم بالعمل، والحضارة إنما تزدهر بالعمل، والفضيلة إنما تحصل بالعمل، والفضاء إنما يغزى بالعمل، والمشاكل إنما تحل بالعمل.. إذاً فالعمل هو الجهاز الوحيد الذي يؤمن مختلف ميادين الحياة، ويعيد جميع طرق الدنيا والآخرة.
وهنالك شروط للتقدم في العمل منها:
١-الإخلاص في العمل: وهو من الوسائل التي لها أهمية كبرى في الأعمال وفي قبولها عند الله، والإخلاص بمعنى تهذيب العمل عن الشوائب وتخليصها عن المقاصد غير الإلهية، فعلى العامل ان يكون له في كل عمل هدف صحيح سام ولا يفكر في أثناء العمل بأي شيء آخر غير ذلك الهدف السامي، ومن هنا يأتي الإخلاص فيتحقق العمل لله تعالى لا لغيره، وينزه من سائر الأغراض كطلب الشهرة والرياء وطلب المدح والجاه واكتساب الأموال وغير ذلك.
٢-العمل بالكيف لا بالكم: أهمية العمل تتعلق بكيفيته أكثر مما تتعلق بكميته، فالعمل الخالص الصحيح المتقن الذي صدر عن نية خالصة، وتقوى واستهداف..، يعد ثميناً قيمّاً، وإن كان قليلاً، فالعمل الخالي من الصلاح والخلوص والإتقان، والمشوب بالرياء والسمعة، لا قيمة له ولا يعد شيئاً وإن كان كثيراً، ولذلك يقول الله عز وجل: "أيكم أحسن عملا" ولم يقل: أكثر عملاً.
٣- استمرارية العمل: من المعلوم أن كل عمل إنما يعد مثمراً أو منتجاً، وإذا كان مستمراً، فالعمل الذي يؤتى به في حين ويترك حيناً آخر لا يثمر للعامل عادة، ولا يزيده إلاّ ضعفاً، وذلك لأن ترك العمل يؤدي الى الكسل واليأس، كما يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "من يعمل يزدد قوة" (غرر الحكم ودرر الكلم). فالبدأ بالعمل يكون سهلاً ميسوراً، ولكن الاستمرارية في كثير من الأوقات أمر صعب، والنتيجة الكاملة تتوقف على الاستمرار.
٤-نقديم الأهم على المهم: قال الإمام علي (عليه السلام): "من اشتغل بغير المهم ضيع الأهم" (غرر الحكم ودرر الكلم). تدعى هذه القاعدة بقاعدة سلم الأولويات، وقاعدة الأهم والمهم، إذ الأعمال في الحياة ليست كلّها على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أعمال ضرورية ومثمرة، وهناك اعمال غير ضرورية، وما أكثر الذين ينشغلون بأعمال غير مهمة وينسون الأهم من ذلك والأمثلة كثيرة.
٥-العمل الجماعي: هناك نمطان من العمل: ١-العمل الفردي. ٢-العمل الجماعي.
العمل الفردي: يعني أن يعمل الإنسان بمفرده ويتحدد في زاوية نفسه، ويحاول أن يتقدم بشخصه فقط من الناحية المادية أو الاجتماعية أو العلمية...
أما العمل الجماعي: فيعني تعاون مجموعة من الأفراد في العمل كتأسيس مؤسسات دينية، وثقافية أو شركات تجارية واقتصادية أو تأليف جماعي وما شابه ذلك بالتعاضد والتعاون، وإدارتها تكون بشكل جماعي عبر تحكيم نظام الأكثرية.
والعمل الجماعي له فوائد أكثر ونتائج أسمى من العمل الفردي.
إذ أولاً: العمل الفردي ينهار عند حدوث أي طارئ للفرد، ولكن العمل الجماعي لا يتعطل مع فقدان الشخص، بل الأعمال تستمر وتستمر.
وثانياً: إن العمل الجماعي يستهلك كمية أقل من الوقت، ويكون إنتاجه أكثر، وذلك نتيجة أن "يد الله مع الجماعة".
نعم إن التعاون لإيصال صوت الإسلام إلى العالم عبر المؤسسات وتشكيل اللجان ونشر الكتب وتكوين محطات فضائية ومواقع في الإنترنت، عمل عظيم يرتكز عليه الدين الإسلامي والقرآن الكريم حيث يقول عز وجل: "وتعاونوا على البر والتقوى". (سورة المائدة).
وجاء هذا التركيز لينبه البشر بأن لا يخرجوا في مسيرة العمل الفردي والاجتماعي عن طاعة الله ويحافظوا على دينهم على كل حال وفي كل زمان ومكان، ولا يخدعهم الشيطان وزخارف الدنيا عن مسيرتهم الإلهية فتقول الآية الشريفة: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" (سورة المائدة).
اضافةتعليق
التعليقات