بدأت رحلة ناتاشا نويل مع التعافي في عمر 21، وكان هذا هو الوقت المناسب لتتعامل مع كل المشاعر المتضاربة بداخلها. لكن الجراح كانت غائرة.
ففي عمر الثالثة والنصف، رأت أمها وهي تضرم النيران في نفسها. وأُرسل والدها المصاب بالفصام إلى دار رعاية، وانتقلت هي للعيش مع والديها الروحيين.
وقالت في حوار مع بي بي سي: "طغى على طفولتي الإحساس بالذنب والكثير من الألم. كنت دائما ألوم نفسي".
"أحببت أن أكون ضحية لأنه يقربني من الإحساس بالألم. شعرت أنني أستحق ذلك".
وعاشت سنوات من فقدان الثقة في جسدها. تدربت على الجاز، والباليه، في أحد المعاهد المحلية في مدينة مومباي الهندية.
لكن مشوارها انتهى بإصابة في الركبة، منعتها عن الاستمرار في الرقص. كما توقفت عن الدراسة في مرحلة حرجة، بعد معاناتها من اضطراب القراءة والتنمر في المدرسة.
وعند تخرجها، اقترحت عليها أمها البديلة أن تعمل في التدريس لأنه يضمن بعض الأمان الوظيفي.
وتقول ناتاشا إن أسرتها الجديدة منحتها الكثير من الحب بالشكل الذي رأوه مناسبا، لكن هذا لم يكن ما تحتاجه. "كان الأمر يتعلق بي أنا. لم أكن جاهزة لتقبل الأمر ولم أتحدث أبدا عما بداخلي".
وتابعت: "بالتأكيد لم أكن جاهزة للعمل في التدريس". ثم جاء فراقها عن حبيبها بدافع الرغبة في التغيير ، "وعلمت أنه يجب أن أصبح أفضل".
"ملء الفراغ"
وكانت هذه هي المرحلة التي علمتها درساً كبيراً: "عليك الاهتمام بصحتك النفسية لأن لا أحد سيقوم بهذا الدور".
وتأقلمت ناتاشا مع سنوات من كره الذات ورفض جسدها. "فالاكتئاب كان يدفعني لتصرفات متناقضة. أحيانا كنت آكل حتى لا أستطيع التنفس ثم أتقيأ. وأحيانا أخرى كنت أجوّع نفسي تماما. أحيانا كنت أنام طوال اليوم، وأحيانا أخرى كنت أعاني من الأرق".
وعادة ما يكون المرض النفسي محل تجاهل في الهند، بسبب الوصمة الاجتماعية وضعف الرعاية. وتقول منظمة الصحة العالمية إن الاكتئاب يأتي على رأس الأمراض التي يتم تجاهلها، ويتعرض واحد من كل أربعة أشخاص للمرض النفسي في مرحلة ما في حياته.
وكانت ناتاشا قد لجأت للعلاج النفسي في مرحلة سابقة. لكنها قررت هذه المرة أن تتبع أساليب العناية بالنفس. وتضمن ذلك الاحتفاظ بدفتر يوميات لتدوين الأفعال الإيجابية، ودفتر آخر لتدوين أهدافها كنوع من التشجيع.
وقالت: "كان الاكتئاب والقلق دافعان للتعافي".
"وفي المراحل المتأخرة، كنت أضع لنفسي أهدافا يومية صغيرة، مثل تمشيط شعري أو الخروج من البيت للمشي خمس دقائق".
وفي الأيام التي فشلت في تحقيق أي من الأهداف المدونة، كانت تعامل نفسها بقدر أكبر من التسامح.
"وتعلمت أن أتسامح مع الفشل، والمحاولة مجددا في اليوم التالي. تدربت على حب الذات حتى أصبح طريقي الوحيد".
وكان هذا هو الفرق الأبرز في طريقة تعاملها مع الأمور. "أتذكر عندما سألني المعالج النفسي كيف حالك. كنت أرد: بخير. وأنت؟".
وتابعت: "اعتدت على إعطاء الحب للآخرين، ولا شيء لنفسي".
"التعافي عن طريق اليوغا"
أصبحت اليوغا (التأمل) جزءا هاما من رحلة ناتاشا للتغلب على الاكتئاب والقلق. وعلى مدار سنوات، اعتمدت على اليوغا كمصدر للقوة الجسدية والنفسية.
وتقول: "بعد إصابتي، لم يعد بمقدوري الرقص أو ممارسة أي نشاط بدني. ورأيت صورا لنساء حول العالم يتمتعن بقوام رائع، وفكرت في أن الأمر رائع". وأرادت أن تحقق هذا الهدف، خطوة خطوة.
وكان ذلك يعني التحول من التركيز على المظهر الخارجي إلى تدريبات التحكم في التنفس، لتحقيق صفاء الذهن.
"وتساعدني تدريبات اليوغا على الحفاظ على الاتزان الذهني. العملية كانت بطيئة، لكن التقدم كان مشجعا".
وبعد مرور خمس سنوات، أصبحت ناتاشا في حال أفضل. "واليوم، أحافظ على تمرينات اليوغا في الساعات الأولى من اليوم مهما تطلب ذلك، وأخصص بضع دقائق للتأمل".
أصبحت الأيام أقل توترا. والتدريبات ساعدتها على حب نفسها بشكل غير مسبوق. وقررت ناتاشا التحول إلى مجال أساليب المعيشة، وتعمل على أن تصبح مدربة يوغا.
"انتشلت نفسي"
ناتاشا الآن في الـ 27 من العمر. ما زالت تمر ببعض الأيام الصعبة، لكنها تعلمت المثابرة.
أصبحت معلمة يوغا، وأحد الداعمين النشطين للوعي بالصحة النفسية، وإحدى الشخصيات المؤثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتقول إن رحلتها بدأت من تقبل الذات.
وكتبت في مقدمة حسابها على إنستغرام: "ما تقوله عني سبق وخطر في بالي عن نفسي، وربما أسوأ".
وتروج عبر هذا الحساب لترسيخ الصورة الإيجابية عن الجسم، ويتابعها 245 ألف شخص، تشجعهم جميعا على ممارسة اليوغا. كما أنه مساحة تروي من خلالها تجاربها الشخصية وتعبر عن أفكارها وحالتها المزاجية.
"كنت دائما أكرر في ذهني أنني الضحية. لكنني انتشلت نفسي. ولم ينجح أحد في انتشالي سواي".
وما زالت تتعرض للتنمر من قبل البعض إذ يقولون إنها "بلا شخصية"، و"لا تستحق"، و"سهلة"، و"ليست جميلة".
لكن الآن، لم تعد ناتاشا فريسة للقلق، وتقول "غيرت من نظرتي، وأصبحت أجتهد لأتحسن".
وأضافت: "تطلب الأمر عشرين عاما حتى أصل إلى حالتي الراهنة، وما زلت بحاجة للمزيد من العمل. أنا أتعافى، وأخطو خطوة واحدة في هذا الاتجاه كل لحظة".
علاج الاكتئاب
في هذا السياق، هناك العديد من الطرق للتعافي مم مرض الاكتئاب ومنها:
المعالجة الدوائية.
المعالجة النفسانية.
المعالجة بالتخليج الكهربيّ (المعالجة بالصدمة الكهربائية - Electroconvulsive treatment Electroshock treatment - ECT).
كما إن هنالك طرق لعلاج الاكتئاب لم تستوف البحث والتجريب مثل الطرق المقبولة المذكورة أعلاه، من بينها:
التنبيه (التحفيز) الدماغي
علاجات مكمِّلة وبديلة.
ثمة حالات معيّنة يستطيع طبيب العائلة فيها علاج الاكتئاب بنفسه. ولكن في حالات أخرى، هنالك حاجة للاستعانة بمعالِج نفساني مؤهّل لعلاج الاكتئاب، طبيب نفسي، اختصاصي علم النفس أو عامل اجتماعي.
من المهم جدا أن يكون للمريض دور فعّال في علاج الاكتئاب. فبالتعاون والعمل المشترك، يستطيع الطبيب (أو المعالِج) أن يقرر، سوية مع المريض، نوع علاج الاكتئاب الأفضل والأكثر ملاءمة لحالة المريض، مع الأخذ بالاعتبار ماهية الأعراض ودرجة حدتها، الخيار الشخصي للمريض، القدرة على دفع تكاليف علاج الاكتئاب، الأعراض الجانبية لعلاج الاكتئاب وعوامل أخرى.
ومع ذلك، ثمة حالات يكون فيها الاكتئاب صعبا جدا لدرجة تحتم على الطبيب، على شخص قريب أو غيره، متابعة علاج الاكتئاب ومراقبته عن كثب حتى يسترد المريض عافيته ويصل إلى وضع يستطيع فيه أن يشارك، بفاعلية، في عملية اتخاذ القرارات.
اضافةتعليق
التعليقات