الخوف هو الحاجز الذي تتوقف عنده كثير من الأحلام دون تحقيق فقط لمجرد شعورنا بالخوف تجاه بعض الأشياء التي لابد من غض البصر عنها للتقدم ومن جملتها:
الخوف من الفشل
النقد والانتقاد على حدٍ سواء
نظرة المجتمع ونظرة العائلة والمقربين
وأهمها الخوف من الدخول في مرحلة جديدة تتطلب اتخاذ خطوات مهنية وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تولد شعوراً بالتردد والركود الذي بدوره يؤدي إلى الشك في الذات، وبالطبع هذا الشك يتحول إلى نوع من شل الذات أمام الإنتاج والتقدم.
للخوف نوعان أحدهما مذموم والآخر محمود لكنه في كلتا الحالتين هو شعور مفيد إذا تمكن الشخص من توظيفه بالطريقة التي تخدم تقدمه وانتاجه، فهو مفيد إذا كنت تواجه خطراً حقيقياً ولكن ليس إذا كان الخطر مجرد هلاوس أو شعور دون دليل حقيقي فقد يكون غير صادق.
على سبيل المثال كل إنسان على وجه الأرض يساوره شعور بالخوف والتردد عند اتخاذ أي قرار بسيطاً كان أم حقيقياً تبعاً لاحتمالية وجود أضرار قد تلحق به، لذلك نحن بحاجة لأن نكون هادئين والتعامل بهدوء ومنطقية.
ومن أحد أنواع الخوف التي يتوجب على الإنسان المؤمن أن تكون إحدى صفاته الملازمة له هو حسن التوكل والخوف من الآخرة والخوف من معصيه الله عز وجل فعن الإمام الصادق (عليه السلام) لابن جندب: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ وَ يُشْفِقُونَ أَنْ يُسْلَبُوا مَا أُعْطُوا مِنَ الْهُدَى فَإِذَا ذَكَرُوا اللَّهَ وَنَعْمَاءَهُ وَجِلُوا وَأَشْفَقُوا- وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً مِمَّا أَظْهَرَهُ مِنْ نَفَاذِ قُدْرَتِهِ- وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.
وهنا يركز على الخوف من سلب التوفيق والهداية لأنهما أساس في نجاح الإنسان في حياته الدنيا ومفتاح نجاته في الآخرة كما أنه (عليه السلام) يهتم بقضية حسن التوكل والثقة بالله عز وجل وترك الخوف والقلق بالأمور الدنيوية حيث نرى الأفراد الذين يتصفون بالزهد يعيشون حالة من الإطمئنان واليقين وهذا واضح على سيماء وجوههم.
كما أثبتت الدراسات العلمية أن 99% من تجارب الخوف تؤكد أنه شعور يكون موجود في أذهاننا فقط لكن بالمقابل هناك من يتجاهله وينجح وهناك من يضعه عقبة وحجة تدفعه للإخفاق. فنحن بحاجة إلى التغلب على الخوف العقلي وإلى تحليل السبب الجذري للخوف للتعرف على كيفية التغلب عليه، فالمخاوف تعيش بداخلنا، تتبعنا مثل الظلال ولكن من المهم أن نؤمن بحتمية وجود القوة الرادعة لهذا الشعور في كل إنسان بالمطلق.
ومن الجدير بالذكر أن الشعور بالخوف هو أشبه بزر تحفيز الدماغ وجعله تحت ضغط شديد يدفعه للتفكير بحلول سريعة للمشاكل والوصول لأفكار جديدة قد تكون أكثر إبداعاً من غيرها فهو أشبه بنور يضيء بعض أجزاء العتمة في الدماغ، كما أن قشرة الدماغ هي أكثر انخراطاً في معالجة حالة القلق والخوف وهو اكتشاف جديد يقول الباحثون إنه قد ينبع من محاولة الدماغ استخدام أقصى قوة معرفية لمعالجة حالة اليقين المستمرة في مواجهة تهديد غير متوقع أو ضغط مفاجئ.
فالحالة المطلقة للإخفاق والفشل هي ليست الشعور بالخوف أو القلق بل الجهل في توظيف هذه المشاعر إذ أن توظيفها يُعتبر طريقاً معبداً للوصول إلى القمة والتمييز الذي يتولد من معرفة الفرد لأفكاره ومشاعره والعزم على استغلالها بأمثل الطرق.
ولابد لنا بالإشارة إلى ركن مهم مع الأسف أصبح جزءً من شخصية الإنسان المعاصر في العقود الأخيرة وهو شدة تعلقه بالماديات وعالم الأشياء فأصبحت فكرة زوالها عنه أشبه بفلم رعب يهتز له كيانه وهذا التعلق أدى إلى ضمور النزعة الإنسانية، واختفاء البعد القيَّمي والروحي داخل النفس البشرية في مقابل توحش النزعة المادية وتعاظم الصراع من أجل الحصول على أكبر قدر من السلع والخوف من فقدانها وذلك لأن الاستهلاك وتملك الماديات للأسف حالياً يتخذه كثير من الناس كـمعيار في حد ذاته يُقاس عليه.
ومن وصايا شيخ الأئمة الصادق (عليه السلام) لابن جندب حيث قال: - يَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُجَاوِرَ الْجَلِيلَ فِي دَارِهِ وَ تَسْكُنَ الْفِرْدَوْسَ فِي جِوَارِهِ فَلْتَهُنْ عَلَيْكَ الدُّنْيَا وَاجْعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَيْنِكَ وَ لَا تَدَّخِرْ شَيْئاً لِغَدٍ وَ اعْلَمْ أَنَّ لَكَ مَا قَدَّمْتَ وَ عَلَيْكَ مَا أَخَّرْتَ.
لذا لابد من معرفة كل إنسان لنوع الخوف الذي يتصف به ولابد من الاعتراف بأنه فطرة بشرية لا مفر منها ولكن هنا تطرح الأسئلة نفسها..
هل كان الخوف والقلق حاجزاً لتقدمك؟ وكم تحتاج لتجاوز هذا الحاجز للوصول إلى ما تصبو له روحك؟
والأهم هل نخاف الله حق مخافته ونضع الموت نصب أعيننا في كل ذنب نٌقدم على ارتكابه؟
وهل نتحلى بصفات الزاهدين بهذه الدنيا أم نستخدم الماديات كمعيار لقياس أنفسنا ومقارنتها مع الآخرين؟
كن صريح الإجابة مع نفسك علّها تكون فرصة للتقرب إلى الله والنجاح والتوفيق في الدنيا.
ملاحظة بعض العبارات مقتبسة من كتاب ( دفتر ملاحظات أوبرا وينفري بتصرف )
اضافةتعليق
التعليقات