تتحكم الطاقة في قدرات الإنسان، فكلما زادت طاقته الإيجابية زادت قدرته على العمل والإنتاج، بينما الطاقة السلبية تجلب الأمراض النفسية والعصبية، وفي هذا الصدد جاء علم الطاقة بالكثير من الحلول البسيطة؛ لجلب الطاقة الإيجابية والاستمتاع بحياة صحية في نفس الوقت هناك علاقة بينه وبين علم النفس، وفي طريقه يلتقي مع الخرافات والسحر، تحت مظلة التنمية البشرية.
يحتمل مفهوم علم الطاقة الروحاني العديد من المسميات حسب المعتقدات والثقافات واللغات المختلفة حول العالم، وأيضًا حسب التمارين المُمارَسة لاستمدادها، حيث إنها في المنظور الشرقي تُعتبر الطاقة المُحرّكة للكون، مثلًا يعتبرُها المسلمون البركة التي يستشعرُها الفرد في وقته وصحته وروحانيته، وتُسمّى بالصينية طاقة الكي أو طاقة التشي، وبالسنسكريتية طاقة برانا، وكلّ هذه المسمّيات تحمل المفهوم نفسه من التوازن والصفاء في الروح وأعضاء الجسد.
لا يبدو هذا الحديث مقنعاً بالنسبة إلى المتخصّصين في علم النفس، ففي وصف حاد تطلق أستاذة الأدب والتحليل النفسي هيفاء السنعوسي على المهتمين بعلم الطاقة، بأنهم مشعوذون ومحتالون يبيعون الوهم، وتقول "يحدث هذا في ظل غياب الرقابة من الحكومات، وهذا الغياب ساهم في انتشارهم، ودعت في حديثها إلى تجريمهم بسبب ما تصفه بالممارسات "الشاذة التي تستهدف العقيدة والثوابت المجتمعية".
وتنفي السنعوسي أن تكون الطاقة مصدراً للعلاج الجسدي أو النفسي، لأنها بحسب قولها "أفكار مجردة وأوهام، وخرافات، وطقوس عقائدية، وممارسات متوارثة". وتضيف "تأثيرها عقلي بالإيحاء، وزرع الأوهام التي يتخيلها الإنسان ويراها حقيقة".
كما تشّبه طقوس العلاج بالطاقة، بأنها أشبه ما تكون بطقوس "السحرة والعرافين" البعيدة كل البعد عن العلم والمنطق، وتقول "إنهم يمارسون حرفة الكلام، ويتلاعبون بالألفاظ والصيغ، ويزعمون بأنها حكمة تنطق بها أفواههم بينما هي فخّ وقعوا فيها، وانبهار بعقائد غير سماوية تؤمن بعبادة التماثيل والبهائم".
نهلة سلامة خبيرة تنمية بشرية واستشارية الإرشاد الأسري، قالت: «انتشر الحديث عن علم يدعى علم الطاقة واختلفت الآراء حول هذا العلم، فهناك من قال إنه أمر وهمي ودجل لا حقيقة له في الوجود وما هو إلا خرافات من بعض الديانات الوثنية القديمة وغطاء باسم العلم على الجهل والباطل والإلحاد. أما في الجانب الآخر فهناك من دافع عن هذا العلم ووجد أنه لا يتعارض مع الأديان السماوية لأن الله خلق في الكون طاقة عظيمة تسمى «الطاقة الكونية»، وتنقسم إلى طاقة إيجابية موجودة في الرحمة والحب والأمن والسلام وغيرها. وطاقة سلبية موجودة في الكراهية والحروب وغيرهما، ولهذه الطاقة الكونية تأثير كبير على مختلف جوانب حياة الإنسان الروحانية والصحية والنفسية والعاطفية وهي طاقة كامنة داخل الإنسان وهي القوة المؤثرة والمحركة له وهذا العلم لا يضر الإنسان بشيء ولا يعارض الدين لأنه يسعى إلى تحقيق التوازن النفسي والروحي والعقلي للإنسان.
حل المشكلات والأقرب للنجاح
وأضافت نهلة، نختلف أو نتفق مع هذه الآراء ولكن لو نظرنا بعين المتأمل إلى أنفسنا على سبيل المثال كثيرًا ما نسمع من يقول: «ليس عندي طاقة لفعل أي شيء»، وآخر يقول: «أمتلك طاقة إيجابية لفعل كل شيء»، فكلمة طاقة سواء كانت هذه الطاقة إيجابية أو سلبية موجودة بالفعل داخل الإنسان، على الرغم من اختلاف نسبتها، وتنعكس هذه الطاقة على تفكير وسلوك ومشاعر الإنسان، فصاحب الطاقة الإيجابية هو صاحب التفكير الإيجابي القادر على اتخاذ القرارات وحل المشكلات والأقرب للنجاح والتميز، أما صاحب الطاقة السلبية فمتشائم وعاجز وغير قادر على تحقيق متطلبات الحياة اليومية ويشعر بالحزن والاكتئاب ربما دون سبب واضح وهناك أيضًا من يعيشون صراعًا داخليا بين الطاقة الإيجابية والسلبية لديهم، فقد يكون الإنسان ناجحًا ولديه طاقة إيجابية تجاه أسرته لكن يحمل طاقة سلبية تجاه عمله، ليس هذا فقط فهناك دلالات أخرى على وجود الطاقة المسيطرة على شعور الإنسان بشكل عام مثلاً عند دخول مكان لأول مرة ربما نشعر بالطاقة السلبية والانقباض من أحد الأماكن أو الأشخاص وربما العكس الطاقة الإيجابية والارتياح والبهجة وغيرها من الدلالات.
وكشفت نهلة عن أن علم الطاقة أو العلاج بالطاقة ربما له أساس علمي لا ننكر هذا لكن مع عدم وضوح هذا الأساس العلمي يقوم الدجالون باستغلاله لخداع البسطاء بقدرتهم على علاج كل الأمراض لكن لكي نرد هذا العلم إلى أصوله وثوابته العلمية لا بد من تنقيته من أي شوائب أو أفكار تتعارض مع المنطق العقلي والمبادئ والقيم...
واعتبرت نهلة أن كل هذا أدى إلى ذهاب البعض لتوظيف علم الطاقة في العلاج من الأمراض المستعصية سواء في جسم أو نفس أو روح الإنسان عن طريق مساعدة المريض على تخريج الطاقات السلبية من داخله وشحنه بطاقات إيجابية تضاعف سرعة علاجه من الأمراض وظهوره كطب بديل للطب النفسي. ليس هذا فقط بل الاستفادة من هذا العلم أيضًا في العلاقات الاجتماعية المختلفة كالتوافق بين الأزواج أو حل ظاهرة الطلاق وتفسير سبب المشاكل الزوجية التي تحدث وينتج عنها الطلاق، فنجد من تقول لا أعلم سبب الخلافات الزوجية التي تدب بيني الأزواج باستمرار فليس لها أي تفسير واضح فهنا يتدخل علم الطاقة ليواجه مشكلة الطلاق وحل الخلافات الزوجية غير المبررة بمجموعة من النصائح كتهوية وتنظيف المنزل مع وجود رائحة جيدة وألوان هادئة لإزالة أي طاقة سلبية من المكان مع تحديد ميعاد ومكان جيد للحوار والمناقشة بين الزوجين.
تأثيرها على سلوك الفرد
أكد الدكتور سعيد صادق أستاذ علم النفس السياسي، أن التنمية البشرية بصفة عامة هي مجال بثيولوجي يدخل فيه كل شيء بمعنى مكونات المجتمع وتأثيرها على سلوك الفرد وهي عبارة عن تأثير الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسة الدينية والقوانين والأمن على سلوك الإنسان، أما علم النفس فليس له علاقة بالسلوك على الإطلاق لكنه يعمل على التركيبة النفسية مثل التعامل مع العقد النفسية وهو مرتبط بما يحدث في المخ.
وكشف صادق عن أن المجتمعات في العالم تمر بثلاث مراحل في النمو، المرحلة الأولى هي مرحلة السحر والخرافة، وهي ترصد الظواهر الطبيعية وتربطها بغضب الله، وعلى سبيل المثال في حالة تأخر المطر في بلد ما يكون الله غاضباً على الشعب، وفي هذه المرحلة يسيطر على الشعوب بالسحر، المرحلة الثانية مرحلة الدين فيتم فيها نزول الرسل لتعليم البشر الخطأ والصواب، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة العلم والعقل والتفكير العلمي لكل الظواهر الاجتماعية. والمجتمعات الأوروبية أغلبها في المرحلة الثالثة، أما المجتمعات العربية فمتأرجحة بين المرحلة الأولى والثانية وقلة منها في المرحلة الثالثة وهؤلاء يطلق عليهم النخبة، ولذلك فإن المجتمعات العربية ما زالت في مرحلة الخرافات، من هنا جاء الفرق بين علم الطاقة والسحر والفرق كبير.
وطرح صادق حلولا لخروج المجتمعات العربية إلى المرحلة الثالثة، أولها: الاهتمام بالتعليم والإعلام الذي يتفنن في إظهار الخرافات، أيضا ضرورة تغيير الخطاب الديني واستخدام الأسلوب العلمي في التفكير مع الخروج من قالب كثير من العادات والتقاليد التي ترسخ العصبية والمكتسبات التي جاءت من الأجداد، خصوصا التعامل مع المرأة.
اضافةتعليق
التعليقات