طالب في الصف رابع حقوق. يمضي أكثر من 10 ساعات يومياً، وبخاصة عند اقتراب موعد الفحص في الدراسة. أما رفيقه في الصف نفسه فإن معدل ساعات دراسته لا يتجاوز خمس ساعات يومياً، ويمضي بقية ساعات يومه في نشاطات متوازنة تجلب له المتعة والاسترخاء والتسلية.
إنه فرد منظم يعطي لدراسته ولحياته الاجتماعية الساعات المتوازنة. يدخل دوماً الفحص وهو منهك القوى، منهك الأعصاب، علاماته بحدود الوسط في المواد التي ينجح فيها. ودوماً يرسب بمواد أخرى. بينما على نقيض ذلك رفيقه يتعامل مع الفحوص بنشاط، ودرجاته عالية، ولم يرسب بأية مادة طوال دراسته.
كل واحد منا يدرك بالبداهة والمنطق أن العمل المُجد والذي فيه كدح يؤدي ثماره، ولكن الكثير من الناس يعتقدون كلما بذل الفرد جهداً أكبر في العمل، كان أداؤه أفضل وأحسن. وكأن هناك اضطراداً بين المزيد من الكدح، والمزيد من الأداء الأفضل. ولكن أظهرت الدراسات السيكولوجية أن:
- درجة معينة من البلادة هي صحية وجيدة، وتجعل المرء أكثر إنتاجية، وليس العكس.
أبانت الدراسات التي تناولت ما يمكن تسميته "الممارسة المكثفة" مقابل، "الدراسة الموزعة" أن الأفراد الذين يلجؤون إلى الممارسة المكثفة هم أقل إنتاجية من أولئك الذين يدرسون دراسة موزعة.
مانعنيه بالدراسة المكثفة: الإلحاح على الاستمرار بالعمل بدون أخذ قسط من الراحة، أي العمل المستمر طوال اليوم. أمثال هؤلاء الذين يأخذون بهذه الفلسفة في الكد سرعان ما يجدون أنفسهم متعبين نتيجة هذا الكد والاستمرارية، وبالتالي ينخفض مستوى الأداء نوعياً، وهذا ما يدفعهم إلى رفع وتيرة الجهد لتعديل هذا الانخفاض بالأداء. وهذا بدوره يؤدي إلى التعب. وهكذا يدورون في هذه الحلقة المعيبة.
أما الممارسة الموزعة فتعني: الاستراتيجية القائمة على الدراسة أو العمل الذي يتخلله فترات استراحة متكررة. مثلاً: تتوقف عن الدراسة لتمضي عشر دقائق في المشي، أو في إجراء استرخاء مقتضب، أو القيام بنشاطات مسليّة أخرى مختلفة عما كنت تمارسه. إن هذه الاستراتيجية تكسر روتينية العمل أو الدراسة، وترمم النشاط، وتبقي الخط البياني للأداء خطياً وليس متذبذباً بين صعود وهبوط، ويكون العمل أكثر إنتاجية.
كما أن الممارسة الموزعة تجعل إنجازك أسرع على المدى البعيد، وتبقي الأخطاء المرتبكة في حدها الأدنى، وتشعر بالطاقة المتجددة المستمرة، وتكون يقظاً.
وهكذا فإن صيغة العمل الناجح والمنتج هي:
- لا توصل العمل ساعة بعد ساعة من دون انقطاع.
- اجعل العمل يتخلله فترات راحة متكررة، وتخلص من تراكم حامض اللبن وغيره من المواد البيوكيميائية السامة المحدثة للتعب بفعل الجهد المستمر.
- اعمل بفطنة وذكاء، وليس بكد أكبر وأطول.
اضافةتعليق
التعليقات