كيف ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في مسخ الثقافة العربية؟، لماذا مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالمشاكل الشاذة والأخبار التافهة؟ ماسبب اهتمام الناس بالأخبار والأحداث التي تحمل طابع التشويه والتنكيل؟ هل تغيرت ثقافة المجتمع أم أصبح المجتمع فارغ ثقافيا؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى جواب وسط هذه الفوضى والانعدام الثقافي والأخلاقي الذي نعيشه في زمن السوشيال ميديا.
إن مواقع التواصل الاجتماعي أنجبت لنا جيلاً هشاً ومنعدم الثقافة وتشغله الأخبار المزيفة والشخصيات السطحية. ربما القارئ يظن أن هذا الكلام مبالغ به ولكن المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي وماذا ينشر عليها وماذا يحدث فيها يستوعب كلامي.
فإن اشاعة أسلوب التسقيط والتنكيل عبر منصات التواصل الاجتماعي أصبح شيئا مستساغاً ويجذب مشاهدات كثيرة وأصبح رواد مواقع التواصل الاجتماعي يركضون خلف أخبار التسقيط لنشرها عبر صفحاتهم لنيل أكبر عدد من المشاهدات والمتابعات.
تحكي لي إحدى صديقاتي موظفة في مؤسسة معروفة، أن أحد الزبائن زوّر وصل المؤسسة التي تعمل بها أحد ونشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي يحمل مبلغ مبالغ به وانتشر بسرعة البرق وكسب مشاهدات عالية وتمت مشاركته على جميع مواقع التواصل وجذب تعليقات تفوق الخيال وبأقل من 24 ساعة أصبح هذا الحدث حديث الموسم.
الغريب بالأمر أن المؤسسة عندما بررت عن هذا الوصل عبر صفحتها الرسمية وكذبت المعلومات الموجودة في الوصل بالدلائل والأوراق لم يجذب هذا أي أحد ولم تتم مشاركته ولم يعيروه أي اهتمام.
وغيرها من هذه الحوادث المنتشرة بصورة كبيرة عبر صفحات السوشيال ميديا التي تهدف إلى التشويه والتنكيل والتسقيط، هذا ما أدى إلى قيام أي جهة بتسقيط جهة منافسة لها بكل سهولة ويسر عبر السوشيال ميديا.
لا أعلم لماذا بات الناس يركضون خلف التشويه والتسقيط ويهتمون بأخبار الفضائح وانتهاك حرمة الآخرين، فقط من أجل زيادة عدد المتابعين، أغلب رواد التواصل الاجتماعي يحاولون نشر أي مادة بدون معنى تحتوي على فضيحة لشخصية معينة أو انتهاك حرمة الآخرين فقط لجذب أكبر عدد من المتابعين الذين ينساقون خلف هكذا أخبار.
إحدى قنوات اليوتيوب كانت مخصصة للنصائح والفيديوهات التعليمية الأخلاقية وأنا كنت من متابعي هذه القناة وفجأة تحول محتواها إلى فيديوهات تافهه جدا لا تحمل أي هدف أو رسالة عناوينها تختلف عن المضمون ولكوني أعرف صاحب هذه القناة سألته عن سبب تغيير منهاج القناة، أجابني هذه هي ذائقة الجمهور، لمدة طويلة أنشر عبر قناتي ماهو مفيد وقناتي لم تتعدَ الثلاث آلاف متابع. وعندما غيرت مضمون القناة إلى مايجذب انتباههم ورغبتهم بفترة وجيزة تعديت العشرة آلاف متابع وأصبحت مشاهدات الفيديو الواحد لا تقل عن الخمس آلاف مشاهدة ألا يعتبر هذا انجاز؟.
نعم هو انجاز بتجميع عدد كبير من المشاهدات ولكن اخفق في اقناعهم على متابعته في المضمون الذي يجب أن يكون وبدلا من أن نرتفع بالذائقة هبطنا إلى مستوى ذائقتهم!
لم يقتصر الموضوع على مادة للنشر أو فيديو فاضح ولكن مواقع التواصل نجحت في تحويل الأشخاص الفارغين ثقافيا وأخلاقيا إلى رموز يحتذى بها. يمكن لأية فتاة فارغة أو شاب تافه أن يفرضوا أنفسهم على المشاهدين، عْبَر منصات التواصل الاجتماعي ويصبحون مشاهير بدون أي هدف فقط يقومون بأمور تثير الجدل وخارجة عن المألوف الأخلاقي والعرفي المتوارث، والأمثلة كثيرة ومتنوعة في النهاية شئنا أم أبينا فإن السوشيال ميديا توغلت ودخلت على كل بيت وسيطرت على عقل كل شاب وشابة وحتى كبار السن كل شريحة منهم يجد مايشبع ذائقته وحسب رغبته لذا إن المشكلة الأساسية ليست في الانترنت وما يعرض في مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما في الذين يفرطون في استخدامها بشكل كبير، قد يتحول إلى إدمان مع مرور الوقت ويؤثر على حياتهم وطريقة تفكيرهم بشكل مباشر.
ليس كل مايعرض عبر منصة الانترنت شيء يستحق الاهتمام والتقليد، حكّموا عقولكم بكل ماترونه واجعلوا كل شيء يمر عليكم قابل للنقاش وليس كل شيء ترونه قابل للتطبيق، ربما الشخص الذي يعرض هذا الفيديو أو يعرض فكرة ما بيئته مختلفة وطريقة عيشه لا تتطابق معنا، أنتم من تتحكمون في الانترنت وفيما تملأون به عقولكم، لا تجعلوا من أنفسكم أداةً لنقل ثقافة ليست ثقافتكم، وتذهبوا خلف الأخبار المزيفة والفيديوهات الفاضحة.
اضافةتعليق
التعليقات