تشعر زينب حسن بأن أخواتها يكنون لها الكره والحسد كونها الأجمل بينهن، واستطاعت من بينهن الإلتحاق بالجامعة، وبعدها استحقاقها الوظيفة بكل جدارة، كما حظيت بأول فرص الزواج. وكل هذه الأمور جعلت من أخواتها يغرن منها بشدة، ما جعلها تشعر بالغربة حينما تكون معهن! وعلى الرغم من أنهن تزوجن، إلا أنها تفتقد معهن مشاعر الإخوة والمحبة!.
إن الغيرة بين الأخوات تُعد إحدى الصور السلبية التي قد تخدش الصورة المثالية لمعنى الإخوة الصادقة، وليس هذا فحسب؛ إذ تختل علاقتهن ببعض الحسد والكره وغير ذلك من الصفات السيئة، لأسباب لا تستحق كزيادة الجمال أو النجاح وغيره.
الغيرة موجودة ولأسباب تافهة
تعاني بعض الفتيات، خاصةً من يفتقدن إلى الثقة بأنفسهن، من الغيرة من أخواتهن؛ نسأل هدى سجاد، طالبة جامعية، عن الأسباب التي تجعل الغيرة تشتعل بين الأخوات فتقول:《توعز أهم الأسباب إلى التفرقة من قبل الأهل بين الفتيات وتميز إحداهن على الأخرى، وربما هناك عامل آخر هو تفوق إحداهن على الأخرى سواء في الدراسة أو في الحياة الاجتماعية مما يجعل الغيرة تشتعل بينهن》.
تؤكد ياسمين عبد، محامية، وتوضح:《 عدم الثقة ، والرغبة أن تكون إحداهن هي المميزة الناجحة دائماً، أو الشعور بأن الأخرى أهم منها، الأنانية أو تفضيل الوالدين إحداهن دون الأخرى كل هذه الأمور تجعل الغيرة تشتعل بين الأخوات.
أسباب الغيرة بين الأخوات
توضح لنا سمية علي رهيف، روائية، إذ تقول:《التماس المباشر بين المراهقين، يميط اللثام عن سلبيات كثيرة تتعرّش في المجتمع، ولا يبالي بها أحد. منها افتقار الكثير من الآباء والأمهات إلى الأساليب والطرق السليمة للتعامل مع أولادهم وبناتهم، تلك الطرق التي تتضمن سلامة نفوس الأبناء وخلوها من المشاعر العدائية الدفينة، إتجاه أخوتهم ، ويمكن أن تتحول في الكِبر إلى صراعات وخلافات لا تحمد عقباها.
وتتناهى إلى مسامعي بين الفينة والأخرى قصصاً من أفواه صاحباتها، تصب أغلبها في بوتقة الغيرة من الأخت الأكبر أو الأصغر، وتنشأ هذه الغيرة خصوصاً عند المراهقات وهن في طور النمو، فلا عجب إن دغدغت قلوبهن بعض من تلك المشاعر التي تشعرهن بكره أخواتهن، الأكبر منهن أو الأصغر، ومرجع ذلك إلى جمال أحد الأخوات أو تفوقها دراسياً أو زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى، أو حظوة إحداهن بزواج ناجح دوناً عن أخواتها》.
وتضيف: إن تركيز الأهل ورميهم بنفحات الامتداح والحب لبنت واحدة دون غيرها.
وهنا ينجم عن ذلك فتح فوهة من بركان دفين من المشاعر الحاقدة لهذه الأخت، حيث تعتنق أخواتها بعض الأفكار من أمثال تفرقة الأهل بينهن من ناحية الحب والاهتمام.
إن المحبة والتعاون بين الأخوات ماهي إلا بذرة تزرعها الأم في قلوبهن منذ الطفولة، وتسقيها بالمداومة على مراقبة تصرفاتها اتجاههن، وحتى طريقة تعاملهن مع بعضهن البعض، وإذا ما وجدت أي فساد في زرعها وجب عليها السعي إلى قطع ذلك الغصن الفاسد كي تبقى النبتة صحيحة بأكملها.
زهراء الحداد، أستاذة جامعية، شاركتنا الرأي قائلةً:《السبب الأول والأساسي للغيرة بين الأخوات هم الأهل، قد يكون تمييز بين بنت وأخرى داخل الأسرة، بعض الأحيان يكون هذا التمييز غير مقصود ربما تكون إحداهن أكثر حركة وأكثر نشاطا وذكاءً، تجبر الأهل الأهتمام والحوار معها في أغلب الأوقات، لذلك تشعر الأخرى أنها مهملة أو غير مرغوب بها》.
وتضيف الحداد: إن الغيرة بين الأخوات تكثر في مرحلة المراهقة، لأن في هذه المرحلة تكون الفتاة حساسة وعاطفية جداً لذلك أي انشغال عنها ممكن أن تعتبره إهمال لها وأي نجاح تحققه شقيقتها تعتبره انتقاص من نجاحاتها.
أعتبر فشل الآباء والأمهات بالمعاملة العادلة مع بناتهم قد يتسبب بشعور إحداهن بعدم الإستقرار وعدم الأمان، خصوصاً عندما تتم المقارنة بينهن مما يفقدها الثقة بنفسها، وحتى يدفعها إلى إستخدام العنف ببعض الأحيان.
من الصراعات المتفشية في المجتمعات العربية
إيمان الوائلي، شاعرة ورسامة، أبدت رأيها قائلةً: ليست الغيرة مقتصرة على النساء فحسب ولكنها في الغالب تطغى عندهن وتكاد تكون موجودة في أغلب الأسر وأسبابها كثيرة أهمها:
الوالدين (الأب والأم) فإن تمييزهما لأحد الأبناء على خلاف أخوته ودعمه معنوياً ومادياً، كأن يكون الولد الوحيد بين البنات، أو أن تكون البنت الوحيدة بين الأولاد، أو أصغرهم، أو البكر، أو ربما مريضاً.
مما يخلق حالة من الكراهية والغيرة بين الأخوة وخاصةً بين البنات إذا كانت إحداهن جميلة أو متميزة وذكية فتتفوق في دراستها وتكون محط إعجاب الآخرين، أو يكثر خطابها فتتزوج قبل أخواتها اللواتي يكبرنها في العمر، كل هذه المقومات تعد أهم علامات تفشي الغيرة بين الأخوات. خاصةً إذا لم يتوفر عامل الثقة بالنفس الذي ينسف كل تلك التفاصيل فربما يكون هذا العامل بالذات (الثقة بالنفس) متوفراً عند فتاة لا تمتلك مواصفات مثالية لكنه عامل يدفع الأخريات للغيرة منها والحقد عليها وربما الكراهية، وقد تستمر هذه الغيرة إلى فترات طويلة وربما تنتقل إلى أبنائهن خاصةً إذا كان هناك تفاوت ملحوظ على مستوى العوائل مادياً وعلمياً، ويعد ذلك من الصراعات المتفشية في المجتمعات العربية على وجه الخصوص التي تعاني من البطالة والفراغ.
للتقليل أو الحد من الغيرة بين الأخوات تقول الوائلي: يحتاج إلى وعي وإيمان وثقة مطلقة. وتنصح بمحاولة الإهتمام بتطوير الذات والانشغال بأعمال وهوايات راقية كالمطالعة والرسم والانصراف إلى الصناعات اليدوية التي قد تكون سبباً للفائدة المادية مثل الحياكة والخياطة وصناعة الحلي والزهور والطبخ وغيرها.
اضافةتعليق
التعليقات