كانت دموع ولوعة وحرقة.. ماذا يدور في وجدانه، اهو اليتم او الفاجعة والمصاب الذي حل بعمه الحسين (ع)، فأبى ان يكون ضعيفا واقفا يبصر بنو عمومته مجزرين على الرمضاء.
غريبون عن اوطانهم، وديارهم تنوح الوحدة، والحزن يخيم عليها، غلام لم يبلغ الحلم كالقمر في جمال طلعته وبهائه لم يطق صبرا والحسين يلقي كلمات النداء (واغربتاه.. واقلة ناصراه) والقلوب تنزف دما على ماحل من عظيم الكوارث.. جعل يمشي بين صفوف الاعداء ويضرب بالسيف مستخفا بالموت، قاتل حتى فاضت روحه في ارض كرب وبلاء وهوى في الارض كما تهوي النجوم صريعا يتخبط بدمه القاني..
(ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ان لاتخافوا ولاتحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون)..
كانت واقعة كربلاء واقعة تنزف لها العيون عاما بعد عام على مر العصور، واعطوا الدم من اجل ان يبقى الاسلام وحده، لا ان تبقى نظريات الانسان من حزبيات وشعارات مزيفة، يقول تعالى (اشداء على الكفار رحماء بينهم) (الفتح: 29).
وهنا لاتعني المبدئية والصلابة ان لانعيش المرونة والانفتاح والشفافية في حواراتنا مع الاخرين، فإن الانسان المؤمن في حالات التصدي والمواجهة والصراع يجب ان يكون شديدا وحديا في موقفه من اعداء الاسلام ..
ثم ان واقعة الطف كانت رسالة تنص على ان نعيش الصمود والثبات في مواجهة كل التحديات على ان يكون الانتصار للدين والمبدأ لا للعصبيات والقوميات والعناوين التي صاغتها ضلالات الانسان كما نشهده اليوم في واقعنا من شتات من رفع الباطل والزيف والضلال بل اننا بتنا نترك حتى الجانب الاخلاقي الذي كان هو جانب مهم روته واقعة الطف فنشهد الخروج عن الدين شيئا فشيئا على كل انواع الانحراف، بينما كانت رسالة الحسين تنص على صرخة في وجه الظالمين والمستكبرين.. كانوا يملكون عنفوان العقيدة وصلابة الايمان واباء المبدأ وشموخ الموقف..
حملوا شعار الجهاد فكانوا مجاهدين بالكلمة والمال والروح، فضحوا بزينة شبابهم وكانت دمائهم وثيقة على ان الاسلام حق وكلمة الحق لاتخشى الباطل.. فتهاوت العروش بعدهم وكل ذي ظلم انتهى عهده ..
فكانت الشهادة الثانية هي من نجل السبط الحسن عليه السلام حين رتل قائلا (الموت ياعم احلى من العسل) ذاك برهان على انهم يملكون بصيرة الدين والعقيدة ونقاوة الانتماء ..
فإن الامام الحسين عليه السلام القى الحجة، واعلن الثورة على يزيد وذلك ليقول للمسلمين: اي قيمة لطواف حول بيت الله مادام الناس يطوفون حول قصور الطغاة والظالمين.. لذلك لنكون مابين اثنين اما حسينيين يعطون الدم من اجل المبدأ، واما زينبيين يحملون صوت الحسين ولايهابون سلطان جائر او سيف ملطخ بدم طاهر..
فالحسين فجر الثورة يوم عاشوراء وكانت وقودها الدماء الطاهرة الزكية واعلام العترة العلوية.. ثورة خلدت على مر العصور ومازالت ترفع راية الاباء اما تكونوا او لاتكونوا ..
فثورة كربلاء كانت ثورة يقتدى فيها ولكل قتيل الف دمعة تروي بضع لحظات وتهوى افئدة الملايين.. فحين يبرز ذكر الشباب تلوح راية الفتى الهاشمي وتذرف عليه الدموع الساخنة مما يثير التساؤل لماذا؟
هل لأنه وسيما في ريعان الشباب اقتحم غمار الموت دون ان يأبه لسيف ظالم.. بل هو اكثر من ذلك، لانه ابن السبط الحسن فطر على حب البطولة فكانت انتفاضته في نصرة الحق وفي الغيرة على الحق..
كـــل شـــمــايــل بـــني هاشم بيك يا جسام تظهر
الهـــيــبه مــن هيبة محمد والعزم من عزم حيدر
وارث مـــن الحسن عـــلمه والحسن للعلم مصدر ..
اضافةتعليق
التعليقات