قبل أيام كنت أشاهد محاضرة دينية في إحدى القنوات الفضائية وجذبني حديث الخطيب فقد قال: قبل ثورة الطف لم يشهد التأريخ ثورات فقد تعودت الشعوب على اطاعة الحكام والخضوع لهم بكل شيء.
فخرجت ثورة الإمام الحسين عليه السلام لتعلن عن ربيع الثورات في التاريخ لتفتتح صفحة جديدة يكون عنوانها الثورة فالتاريخ لم يذكر الثورات لغاية الثورة الحسينية ومن بعدها توالت الثورات..
هذا الكلام يدل أن الشعوب كانت نائمة وراضخة لذل الحكومات وظلمها وجاءت نهضة الإمام الحسين عليه السلام نهضة صادقة، فيها استشعر المسلم روح الإيمان الصادق، وعزّة النفوس وكرامة الأهل.
إذن إن الخضوع إلى الحكام والسكوت على الظلم ليس بجديد على الشعوب فقد كانت منذ بدايات تاريخها تمارس دور الضحية هم من صنعوا الطغاة بجبنهم ورضخوهم ولا جديد عليهم الخضوع والركود.
عندما جاءت ثورة الإمام الحسين أيقظت الشعوب من غفلتها، كانت بمثابة الصاعق الكهربائي الذي أعاد الجزء المشلول من الجسم إلى عافيته، وجعله يتحرك متناغماً مع الأجزاء الأخرى من الجسم، أعادت الثقة إلى الشعوب ونقشت فكرة الوطن ملك الشعب لا السلطة ورسمت ثقافة التحرر من عبودية السلطات الحاكمة.
يبدو أن المنعطف الذي شكلته ثورة الإمام الحسين عليه السلام في نهضة العقول واأافكار التي استمر امتدادها إلى كل العصور والازمان، بدأ يضع الزمن غباره على أسبابها وعادت الشعوب إلى وضع الركود والخضوع عجزا منهم في اقامة الثورات أو خوفا من الحكومات نعم هنالك ثورات ولكن ليس بمضمون الثورة الحسينية..
تارة تكون الثورة بدون هدف، وثورات خرجت ولم تدم، وثورات ظهرت ولم تجد التشجيع لأن الشعوب استسهلت الظلم والتنكيل، استسهلت الركود والإطاعة.
نحتاج إلى ثورة كثورة الإمام الحسين عليه السلام ثورة مبادئ، ثورة قيم، ثورة تخطيط، ثورة كلمة كلا أمام الباطل، ثورة لها جذور قوية ثورة بكل ماتحمل من معنى.
نحتاج لشخص يملك حزم الإمام وصبره نحتاج لشخص بولاء الإمام الحسين عليه السلام وقوته نحتاج ثورة على كل مرافق الحياة، ثورة مضمونها التغيير وغايتها التحرر. ثورة مدروسة لها جذور قوية وهدف محدد.
جاءت الثورة الحسينية تأكيداً للرسالة المحمدية وثباتاً عليها، فكان الموت للإمام اختياراً وليس خياراً؛ لأنّه أدرك الموت بهذه المعركة، كما أدرك بقاء الدين، بل كانت معركة الطفّ حفاظاً على منبر الرسول صلى الله عليه وآله.
إن الثورة ليس فقط هتافات أو اضرابات، كل شخص منا يستطيع أن يكون ثورة من مكانه ومن عمله، يثور على الخطأ يثور أمام الفساد يثور أمام الظلم، وخير مثال ذلك الرجل الذي ظهر في زمن ممتلئ بالفساد والمفسدين ووسط حكومة لا تعرف غير الظلم والفساد ولم يستطيع السكوت عن الظلم أو الرضوخ إلى الفساد بل دافع من موقع وحسب صلاحياته..
نعم أنا أتحدث عن المهندس عبير الذي اتفق الجميع على نزاهته في وقت الانقسامات التي يشهدها المجتمع بصورة ملحوظة، هذا الرجل ترعرع في أحضان كربلاء وتربي على سيرة الثورة الحسينية فهم المضمون الثوري وأخذ خلاصة القول ليكون ثورة متقدة وواضحة في عصر مليئ بالشوائب والتكذيب.
عندما مسك زمام المنصب بدأت رياحين ثورته تهب وعطورها تفوح في جميع الأرجاء، كانت ثورته هادئة كهدوء نواياه وحتى عندما قدم دمائه من أجل ثورته بقت مسيرته وثورته مزهرة بكل أرجاء العراق..
نحن نحتاج إلى هكذا ثوار ونحتاج إلى هذه الثورات في كل مرافق الحياة ثورة هادئة وناعمة وذو نتائج واضحة.
قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، سورة ال عمران اية 104.
اضافةتعليق
التعليقات