قال زوج لزوجته: سوف اقول لكِ سراً، فأجابته على الفور، والفرحة تعلو قسمات وجهها: تفضل ياعزيزي فإنك ستجد إن شاء الله صدري بئرا لسرّك.
فقال لها: أنا أعلم أن صدركِ بئر لسرّي، ولكني أعلم أيضا أنّ لسانكِ دلوه!.
لعل هذه الطرفة الطريفة تلقي الضوء على ظاهرة أسرية سلبية، يشتكي منها أغلب الأزواج، ألا وهي ظاهرة افشاء أسرار الحياة الزوجية.
هذه الظاهرة هي من الظواهر التي تنطوي على نتائج وخيمة تمس الواقع الأسري، فضلا عن أنها تنطوي على مخاطر كبيرة لو توسعت وأصبحت سمة بارزة في حياة الزوجين.. فحياتهما هي ملك لهما لوحدهما، فلا يحق لأحدهما أو كليهما التصرف بهذا الملك المشترك، خصوصا إذا تعلق الأمر بأسرار أحدهما داخل البيت، وإن محاولة كشف الأسرار وهتك الأستار تعد خيانة زوجية من أحد الطرفين.
ولقد نبّه الشارع المقدس الى ضرورة الحفاظ على الأسرار الزوجية، فلكل شيء حدود ومسافات، فإذا تعدى أحد الزوجين هذه المسافة وقع في المحذور، وإن من أعظم الظلم هو التعدي على مستور الانسان الشريك، وفضحه أمام الآخرين مهما كانت درجات القرب أو البعد لهؤلاء للوسط العائلي.
إلا إن المرأة بالذات أكثر عرضة للوقوع في هذا المأثم.. فهناك من النساء في مجتمعنا غير قادرات على كتم الأسرار، وهن إلى جانب امتلاكهن ملكة الاستماع والدردشة، فلهن نفس القدرة على الافشاء والاذاعة، وقد يقعن في هذا الشراك نتيجة كثرة الكلام واللغو المفرط والخوض في جميع الأمور دون تمييز.. وكلنا نعلم القدرة الفائقة للمرأة في تفصيل الأمور وتوضيح دقائقها.
إلا أن من المؤكد أن أسرار الحياة الزوجية تعتبر بمثابة خط أحمر في خارطة الأسرة، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال تجاوزه أو حتى الاقتراب منه.
وهنا لابد من تسليط الضوء على دوافع هذه الظاهرة السلبية.. منها:
الدافع الأول: قد تبوح الزوجة أسرار زوجها لغرض التباهي أمام الاخريات، كي تثبت أنها تعرف كل شيء عن زوجها، بل هي على اطلاع كامل بكل شاردة وواردة في حياة شريكها.
الدافع الثاني: قد تبوح الزوجة أسرار شريكها بدافع بيان قوة شخصيتها، وأنها الكل في الكل في حياة الرجل.. بل يصل بها الأمر للادعاء بأن زوجها لا يتحرك بحركة دون أخذ اذنها ومشورتها، وبذلك توهم الجالسات أن زوجها ليس إلا خاتما في اصبعها.
الدافع الثالث: قد تفشي الزوجة أسرار الحياة الزوجية بدافع حسن النية، وليس لغرض التباهي والعياذ بالله، أو لاثبات قوتها وهيمنتها في حياة زوجها.
وللأسف الشديد قد يقع أكثرنا نحن النساء في هذا المطب البريء ظاهرا، لكننا لا نعي تماما حجم النتائج التي قد يؤدي اليها استهتارنا لقيمة حفظ أسرار الحياة المشتركة.
فلو سألنا احداهن: لماذا تفشين أسرار زوجك بهذه الصورة؟ لأجابت: إنني لا أُسيء لزوجي بل العكس أردت أن أكرّس النموذج الصالح في المجتمع باخباري لهن عن سلوكياته وأفعاله معي داخل البيت!.
ولا يخفى علينا أن هذا القول باطل جملة وتفصيلا، فلا ضير أن نقدم ازواجنا كنماذج صالحة في المجتمع ولكن ليس بكشف اخبارهم وتعاملاتهم واذاعة اسرارهم التي أئتمنونا عليها، فتلك من علامات الجهل والجهلاء، فلقد جاء في الحديث الشريف: من علامات الجاهل إن صحبته عنّاك، وإن أعطاك منّ عليك، وإن أسررت إليه خانك.
والزوجة الذكية حريٌ بها أن تكون على حذر من الوقوع في خانة الخيانة أجارنا الله وإياكم منها..
ونصيحتي لها أن تتخذ من الصمت شعارا لها، لأن كثرة الكلام تؤدي لا محالة إلى كثرة الزلل والأخطاء.. فهل ستمسك الزوجة لجام لسانها ولا تطلق له العنان يصول ويجول كيفما اتفق، فيؤدي بها إلى نهايات غير محمودة؟.
اضافةتعليق
التعليقات