تعتبر مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية التي يمر بها الانسان، وذلك لأن الشباب عصب الانتاج في كل المجتمعات لما يحويه الفرد في هذه الفترة من طاقة وحيوية، وفي المقابل فهناك حقوق وواجبات لهذه الشريحة المهمة وأيضا مسؤوولية متعددة الأقطاب.
فهناك مسؤولية كبيرة على عاتق الجميع.. فإن تملك زمام الشباب لا يكون إلاّ بجذب بنّاء صحيح في العقيدة والعمل بحيث يوفّر للشباب من الجنسين العمل في قبال البطالة، والعلم والدراسة في قبال الجهالة، والسكن والمسكن والعلاج الصحي والحماية وغيرها في قبال عدمها، فإن الفوضى وكثرة الأعداء جعلت من بلاد الإسلام في الحال الحاضر ما ترتطم في مشاكل لاحدّ لها ولا حصر لأسباب كثيرة منها عدم توفّر هذا الأمر بعدم أخذ العقلاء أزمّة الشباب.
من الضروري بث التوعية في صفوف الشباب حتى يعرف كيف يسلك سبل الحياة الآمنة؟
إن سبل الحياة متشعبة وصعبة وشائكة خصوصاً في هذا العصر فاللازم أن يؤخذ بأيدي الشباب علماً وعملاً حتى يعرف كيف يمكنه أن يسير في هذا الضنك بسلام؟ في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعائلية وغيرها.. وكيف يتمكن أن يحلّ مشاكله؟
من أهم المسائل المرتبطة بالشباب العقيدة، فإن العقيدة هي التي تحمي الإنسان في مختلف المراحل الحياتية.. فالعقيدة الصحيحة بشكل كامل هي الضمان لعدم الانجراف في مختلف المفاسد، وأما العقيدة المنحرفة بشيء من الانحراف فبقدر صحتها يكون لها الأثر الإيجابي في مقابل فقد مطلق العقيدة.
فإن الإنسان الذي لا ينظّم في مختلف مراحل حياته وفي مختلف أبعادها العقيدية يكون أمره فرطاً، لا يعرف من أين يأخذ وأين يعطي وأين يسير وماذا يعمل وكيف يبني؟.
إلى آخر هذه القائمة، حاله حال العنب الذي انفرط عن عنقوده، فإنه لا جامع له.. أو حاله حال السبحة إذا انفرطت عن خيطها فلابدّ من تبعثر حباتها..
ولذا فاللازم على القادة أن يهيئوا للشباب الدراسة والعلم بما للكلمة من معنى، لا كالمتعارف في هذا الزمان حيث أنهم إذا اشتغلوا بدراسة العلوم.. وأنهوا الجامعة ابتدأوا الحياة تاركين للتقدم العلمي من دون استفادات أخرى علمية ولاتجارب ونظريات جديدة.
بل يلزم التقدم العلمي دائماً، كما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): "أطلبوا العلم من المهد إلى اللّحد".
من الضروري إيجاد فرص العمل للشباب، حتى لا يبقى الشاب عاطلاً..
فإن الشاب يتمكن من العمل.. أكثر من غيره. وقد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بسيرته وأهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه الكرام أروع مثالٍ للعمل الدؤوب، حيث كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في حال فراغه القصير يعمل في دبغ الجلود بالقرض كما ورد في بعض التواريخ.
ولذا فاللازم على القيادة أن تهيئ للشباب بنيناً وبناتاً الأعمال المناسبة لهم مما تدّر عليهم الأرباح، فإنّ الكرامة الاقتصادية توجب الكرامة الاجتماعية، وفي الحديث: "نعم العون على الدين الغنى".
وبذلك يرتقي المجتمع ويتقوى الاقتصاد وتنتفي البطالة وما يتبعها من المفاسد والإجرام والانحراف الصحي جسداً وروحاً.. فإنّ العمل يوجب نشاط الروح وصحة الجسد، كما أنه وبسبب العمل المربح يقل الإقبال على الوظيفة الحكومية (الإدارية) فلايكثر الموظفون ولا يقبل الشباب على الوظائف غير الضرورية.. وإلا فإن أعطوا رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسيرون بطّالين بلا عمل مما يوجب ضغطاً على فكرهم ونفوسهم..
أما لو ذاق الشباب لذّة العمل وفوائده لم يستعدوا أبداً أن يأسروا أنفسهم في وظيفة جامدة ليس فيها نمو ولا ارتفاع.
إنّ من الضروري على القادة المهتمين بأمور الشباب أن يزوجوا الشباب بنين وبنات وفي أعمار مبكرة.. حيث أن الشباب في تلك الأعمار في قمة الشهوة وهيجانها.
كما اللازم أيضاً تحطيم معوقات الزواج:
من المهور الكثيرة!، والتشريفات الكبيرة التي لا تنالها عادة أيدي أكثر الشباب.
وهكذا مما يزعمون من المعوقات كالدراسة! أو الذهاب إلى الجندية، أو أنه بعد لم يكوّن نفسه! أو ما أشبه ذلك من الأعذار التي تصادم الفطرة ولا تنسجم معها.
واللازم أن يكون الزواج كما في الزمن السابق تحت إشراف الآباء وإلاّ فكثيراً ما ينتخب الولد من لا تليق به وكذلك الفتاة، فإن عدم النضج يوجب كثيراً من الانحرافات السلوكية في البيت العائلي مما ينتهي في كثير من الأحيان إلى كارثة الطلاق.
ففي العصر المادي الذي نعيشه، أصاب الزواج ما أصاب سائر شؤون الحياة، فهناك حكومات تضع القوانين الكابتة التي تمنع عن الزواج المبكر وربما عن أصل الزواج، كأن لا يتزوج العربي بالعجمية، أو العكس، أو العراقي بالمصرية أو العكس، إلى غير ذلك مما تنافي مبدأ (الأخوة الإسلامية) الذي هو المعيار عقلاً وشرعاً..
يلزم تنظيم أوقات الشباب بحيث تملأ الفراغات فيها بأسباب العلم والتقدم.. وذلك بمختلف المناهج السمعية والبصرية والأمور الثقافية أو الترفيهية.
قال الشاعر:
إن الفراغ والنـزاع والجّدة مفسدة للمرء أيّ مفسدة.
أما (الفراغ): فمن الواضح أن الإنسان بطبيعته يُريد ملء فراغه، فإذا لم يملأ الفراغ بالمناهج الصحيحة ملأه بالمناهج الباطلة.
يجب على القيادة الشبابية التي تهتم بأمورهم، أن يهتموا بحل مشاكل الشباب من الجنسين بنين وبنات، سواءً كانت المشاكل منازعات أو غيرها.. مع بعضهم البعض أو مع غيرهم، وحتى المنازعات العائلية.. وكذا حل مشاكلهم الاقتصادية والمالية أو الاجتماعية أو النفسية أو ما أشبه ذلك.
إنه من الضروري أن تهتم القيادة الشبابية لإدارة مركز في العالم إما مستقلاً أو بالتعاون مع الغير لتلقي الشباب إذا انتقلوا من حال إلى حال أو سافروا من مكان إلى مكان لأجل السياحة أو الدراسة أو نحو ذلك..
فإن التلقي يعني استمرارهم في نهجهم بالإضافة إلى صيانتهم وحفظهم عن الانزلاق في مهاوي الفساد والانحراف، والحصانة والاحتياط لهم حتى لا تجذبهم المنظمات المنحرفة سواء كانت منظمات منحرفة عقائدياً أو عملياً كالمافيا ونحوه.
من الضروري تنظيم وتعليم وتدريب الشباب على الانتخابات الحرة والمؤسسات الدستورية والتنافس الإيجابي ومختلف الحريات الصحيحة الإسلامية، فان الإنسان إذا لم تتوفر له مناخات الحرية.. لن يبدع ولن يتقدم فلا تظهر ولاتنمو كفاءاته.
من الضروري على القيادة الشبابية أن يحولوا دون انزلاق الفتيان والفتيات في مهاوي الرذيلة والفساد.. وذلك ما يسرع إليه الشباب في الوقت الراهن، حيث أنّ الحائل الوحيد دون الانزلاق هو الإيمان بالله والخوف من الحساب في اليوم الآخر وإلاّ فالقانون والبوليس والاستخبارات وما أشبه ذلك لا يحول دون وقوع الأمر، وإنما القانون قد يعالج بعض الشيء ولا يحول إلاّ دون ما يظهر منه جلياً أما الباطن فأكثر من الظاهر بكثير وكثير.
ومن الضروري على القيادة الشبابية زرع المعاني الخيرة في نفوس الشباب، فإن الإنسان ينمو جسماً وروحاً كما ينمو النبات، قال سبحانه: )والله أنبتكم من الأرض نباتاً)، كما يلزم أن يرّبوا الجنسين بنين وبنات على النظافة العامة، والنظام الإداري الصحيح، والاعتناء بالمظهر الخارجي المناسب، والإتقان في العمل، واحترام الكبار، ورعاية الصغار، وحفظ القانون الصحيح، وعدم الطمع والجشع وسائر الأخلاقيات.
كذلك يجب تربية الشباب على الصدق وأداء الأمانة والحلم وسعة الصدر والقدرة على تقبل الرأي الآخر والتواضع والإخلاص في العمل والتوسط في الإنفاق والدّقة في الصرف، فإنه ليس للإنسان عادة مال كثير يصرفه على شهواته حتى المحللّة منها ومال يصرفه في مجال العمل..
وتربيتهم على القدرة على الحديث بحسن التعبير وجمال الكلام، ومراعاة الألين فالألين في القول والعمل، وحسن الاستماع، والقدرة على الاستيعاب، ومتابعة الأعمال، وجعل أنفسهم قدوة فيما يدعون إليه في القول والعمل، والحياة مع الناس والتعرف عليهم وحسن مخالطتهم.. وعلو الهمة، فقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "همم الرجال تزيل الجبال".
اضافةتعليق
التعليقات