الكتاب هو ذاكرة الأمة، ومفتاح العلم والمعرفة، ومن أهم وسائل التنمية والارتقاء على مستوى الفرد أو المجتمع.
فتتسابق الأمم والمجتمعات من أجل تحسين وتشجيع القراءة والكتابة، فليس هناك شيئ يضاهي الكتب في المساهمة لبناء دولة قويّة ولاسيما شريحة الشباب وتطويره فكريا واجتماعيا بما يخدم المجتمع.
ومن هذا المنحى احتفل العالم ولاسيما الجهات الثقافية والمثقفين كما في كل عام في 23 نيسان/ أبريل بيوم الكتاب وحقوق المؤلف، وهو تاريخ رمزي في عالم الادب العالمي، ففي مثل هذا التاريخ من عام 1616 م ولد وتوفي عدد من الأدباء المرموقين كوليم شكسبير وموريس درويون وغيرهم، وايضا يعود لاتفاق حدث في 23 نيسان 1923 حين تم بين بائعي ومروّجي الكتب في اسبانيا على اهداء وردة لكل من يشتري كتابا في ذلك اليوم كوسيلة لتكريم الكاتب والمؤلف العسكري الجندي ميغل دي ثيربانتس، واختارت منظمة اليونسكو في مؤتمر عقدته في باريس عام 1995 لهذا التاريخ للتعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع.
ويذكر موقع اليونسكو أنه قد بات ملايين الناس يحتفلون بهذا اليوم في أكثر من 100 بلد في اطار الجمعيات والمجالس والتجمعات المهنية والمؤسسات الخاصة.
وفي عام 2000 انبثقت من اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف مبادرة أخرى صادرة عن المنظمات المهنية وحظي بدعم اليونسكو ومساندة الدول وهي مبادرة العاصمة العالمية للكتاب وقد اشتركت جميع مناطق العالم تقريبا الواحدة تلو الاخرى في هذه العملية.
وسعت اليونسكو جاهدة في إطار شراكة مع شركة نوكيا ومنظمة القارئ العربي الى تسخير تكنولوجيا الاجهزة المحمولة لدعم محو الأمية، ويأتي هذا في الوقت الذي يعاني العالم من الأميّة حيث تشير تقارير دولية أنّ أكثر من مئة وخمس وسبعون مليون مراهق في العالم معظمهم من الفتيات يعجزون عن قراءة جملة واحدة.
وتشير تقارير ودراسات بحثية منها المنظمة الامريكية للقراءة أنّ: الامريكي يقرأ 18 كتابا في السنة، والروسي 6 كتب والاوروبي 15 كتابا، أما المواطن العربي فيقرأ ربع صفحة في العام!!
هذا و العرب ذو صبغة إسلامية ويزخر القرآن الكريم والاحاديث الشريفة بالكثير من النصوص التي تحض على القراءة والمطالعة، وتؤكد المستشرقة الالمانية زيفريد هونكة في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب الحقيقة ذاتها اذ تقول: إن متوسط ماكانت تحتويه مكتبة خاصة لعربي في القرن العاشر، كان أكثر مما تحتويه كل مكتبات الغرب مجتمعة. وقد كانت هذه الميزة نقطة قوة وتميّز العرب فيها عن بقية الحضارات مما أدى الى محاربة هذه الثقافة بشتّى السبل وأشهرها إحراق الكتب كما فعل التتار في بغداد وكما يفعل داعش الارهابي الان في الموصل حيث حرق مئات الكتب في جامعة ومتحف الموصل، بيد أنّ حضارات أخرى قد تعرضت لمثل هذه الهجمات الشنيعة كحضارة الصين على سبيل المثال، فلمّ نهضت مرة أخرة وبقينا نحن على عزوفنا وتراجعنا الكبير في هذا الجانب؟!
هناك مقولة تضع يدها على المرض لتشخّص الداء بدقة وهي: ليس عليك ان تحرق الكتب
لتدّمر حضارة، فقط اجعل الناس تكف عن قرائتها ويتم ذلك.
نعم وهذا ماحصل في بلادنا لنزداد تيها على تيه!! فقد تمّ إلهاء الشباب بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولاسيما الاجهزة المحمولة ووسائل البث الفضائي عن تصفّح بطون الكتب وباتت أمة إقرأ لا تقرأ!!
في الوقت الذي سخرّت الأمم المتطورة هذه الوسائل التقنية لدعم القراءة والتعليم السريع.
وليعود الكتاب كما كان قبلا خير جليس يتوجب علينا تعزيز مكانته ودوره في تطور المجتمع وذلك من خلال التنشئة التربوية أولا على حب المطالعة وإحياء المناسبات التي لها دلالات ثقافية كيوم الكتاب وحقوق المؤلف العالمي والاحتفال بها في المدارس والجامعات والندوات الثقافية بدل تلك التي يحتفل بها جل الشباب اليوم إلا مارحم ربي كعيد الحب ورأس السنة والتي لاتسمن ولاتغني من جوع!!
وكذلك نشر ثقافة القراءة من خلال إقامة معارض رسميّة وغير رسميّة والتشجيع على الشراء من خلال تخفيض قيمة الكتاب وأيضا التعريف بالأدباء والشعراء المؤثرين علميا ودينيا وثقافيّا وإقامة مسابقات مع جوائز تحفيزية للكتابة والتأليف فالقلم مرآة صافية تنعكس عليها صورة النفس والفكر.
وكما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) سيّد البلاغة: قلمك أبلغ ماينطق عنك. وعقول الفضلاء في أطراف أقلامها.
اضافةتعليق
التعليقات