إن من أهم وسائل المستعمرين في بلاد الإسلام – بل في كل العالم الثالث – الإرهاب والأزمات، وذلك لإشغال الناس بالتوافه عن التفكير في مصيرهم الأسود وحاضرهم البائس.
كما رأينا كلا الأمرين في عراق الجمهوريين – منذ ثلث قرن – فيوم كان إرهاب (شقاق البطون)، ويوم كان إرهاب (أبو طبر)، ويوم كان إرهاب (مؤامرة) و (مؤامرة) و(مؤامرة) موهومات وهكذا.
أما الأزمات فكل يوم أزمة، أزمة مسحوق الغسيل (التايدات)، وأزمة معجون الطماطم، وأزمة حتى المكنسة، يوقفون الناس في صفوف طويلة من نصف الليل إلى الظهر، أو من الصبح إلى الغروب لهذا أو ذاك، والويل لمن قال لماذا؟ إنه يعارض النظام وجزاؤه الإعدام!.
وذات مرة طلبت الحكومة جماعة من الخطباء محذرة لهم من أن يتفوهوا بشطر كلمة حول (الغلاء) وإلا فمصيرهم السجن...
رفع الحيف
إن رفع الحيف عن بلاد الإسلام بحاجة إلى أمرين:
الأول: في خارج بلاد الإسلام مما فيه بعض الحريات، كالبلاد الغربية – الأعم من الأوربية والأمريكية وأمثال اليابان – وذلك بنشر الوعي الإسلامي الحضاري للغربيين وللمسلمين هناك بوسائل الإعلام الحديثة حتى يخفف من عداء الغرب التقليدي للمسلمين، وحتى يعي المسلمون الدور الحضاري الذي يمكن أن يؤدوه هناك لإنقاذ بلاد الإسلام عن التخلف والفوضى.
وبعد هذا الوعي يحتاج الأمر إلى المؤتمرات الكثيرة، ومراكز الدراسات المتعددة، ثم الإضرابات والمظاهرات السلمية، وبدون هذه الأمور الثلاثة (الوعي والمؤتمرات والإضرابات والمظاهرات السلمية) من غير الممكن عادة حسب الموازين الطبيعية، نجاة المسلمين من التخلف الذي يغوصون فيه إلى أذرع فوق رؤوسهم.
الثاني: في داخل بلاد الإسلام حيث الأمر يحتاج أيضاً إلى (الوعي الحضاري والمؤتمرات والإضرابات) وكل الثلاثة يُبدأ بها أولاً في البلاد الإسلامية التي فيها بعض الحريات كلبنان وباكستان ونحوهما، فإذا قويت الثلاثة في كلا البلدين – الإسلامية والغربية – يمكن أن يؤتى بها شيئاً فشيئاً إلى بلاد الكبت والإرهاب كالعراق وأمثالها، حيث إن قوة الأمور الثلاثة في كلا البلدين يخفف من قبضة الحكام الديكتاتوريين في بلاد الإسلام، وإذا ارتخت قبضتهم أمكن عقد المؤتمرات وإنشاء الإعلام ثم الإضرابات والمظاهرات فيها، لنجاتها من الديكتاتور الذي هو جذور التخلف.
لكن لا يخفى إن كلا شقي الأمر – في بلاد الغرب وبلاد الإسلام – لا يمكن إلا بأموال وفيرة، وهي بيد الحكومات والأثرياء، فاللازم إيقاظهم إلى البذل والعطاء وتفهيمهم بأن ذلك يعود إليهم بأضعاف الفائدة، إن الفائدة ليست منحصرة بالتجارة المحدودة ونحوها، بل قسم كبير منها مرتبط بالحرية في عمارة الأرض والاتجار الحر واستخراج المعادن وما إلى ذلك.
فبدون بذل المال الوفير لا تكون أمثال هذه الحريات التي هي وليدة الأمرين السابقين، فمثلاً إن الأراضي السودانية بالأموال الخليجية والأيادي المصرية يمكن استثمارها – كما قرره الخبراء – في الاكتفاء الذاتي الزراعي للبلاد العربية كافة، من الحبوب والفواكه واللحوم وما إلى ذلك، فهل من الممكن في ظل التخلف الحالي من إنجاز هذا المشروع؟!
وإذا تحقق ذلك فأية فائدة كبيرة تعود إلى الحكام والتجار؟!
ومن الواضح أن الفائدة المذكورة لا تكون ممكنة بدون المقدمات التي ذكرناها، وهكذا يقال بالنسبة إلى مثل إيران وتركيا وأفغانستان وباكستان وكل واحد من التجمعين يمكن التلاقي بينهما في وحدة أقوى، وهكذا بالنسبة إلى سائر بلاد الإسلام.
ومن المعلوم أن المسلمين إذا دخلوا تحت المظلة الحضارية الحديثة – بمبادئهم السماوية – يكون ذلك في نفع الغرب والشرق وأمثالهما من البلاد غير الإسلامية.
اضافةتعليق
التعليقات