مازال شبح حماتي التي اتهمتها بالسرقة يلاحقني كل ليلة منذ وفاتها في ذلك الحادث المشؤوم، تطلب مني الادلاء بالحقيقة ومابين ان اكون صادقة او لا اكون بدأت حالتي بالاستياء لرؤية شبحها كل يوم .
وفي احدى جلسات السمر اقترحن علي صديقاتي اللجوء لبعض الروحانيين، ودون وعي لجئت لأتخلص من هذا الشيء، ثم وجدت نفسي غارقة في الديون وكل كلمة تجر كلمة واستدعاء ارواح وبيوت فيها الجن يقطنون، ساءت حالتي كثيرا، من عمل الى عمل يقال هذا اقوى وذاك يحبب زوجك فيك وهذا يعقد لسان عمتك وذاك يجعلك حاكمة الدار .
ثم بلا وعي اسقطتني الاقدار بمرض لايفقهه منجم ولا طبيب، اضمحلت في قلبي الميول والاماني واصبحت حياتي خالية مقفرة باردة كقيثارة مقطعة الأوتار محطمة الجوانب ومن حولها كبستان مهجور لاتنبت فيه سوى الاشواك كأنها شيطان ازلي ابدي، وجم ماقيل لي في النهاية الجئي الى ربك الجبار .
لجئت الى صحن قمر العشيرة طالبة منه الدعاء عند الله فأفعالي تقيد يداي واستحي مواجهة ربي، دخلت الصحن الشريف داعية الى الله ان يسكن ألمي او يهدأ حلمي، في احدى الزوايا جلست ودون ادراك غفوت لأجد نفسي في قبر مملوء بالثعابين والافاعي فيه مايدهش العين، والنور يتوارى عنه والظلمة تقيده، زحفت هاربة مذهولة لكن دون جدوى، التفتت الثعابين حول رقبتي حد الاختناق .
لأصحو فجأة على صوت تكبيرة الاحرام في صحن الامام وعينَي تملأها الدموع، اي حلم هذا! .
رأيت عجوزا تجلس امامي تقارب الخمسين او اكثر من العمر، بهية المظهر نظرت الي بإبتسامة ثغر هادئة تريح النفس، وقالت: اسجدي لربك واطلبي الغفران على ما اتبعتِ وكتبتِ وخبئتِ وسقيتِ ومن قول الزور ما اتهمتِ .
عجبت لحديثها لكن فهمت مقصدها، ثم اقتربت نحوي ووضعت في يدي تربة وقالت: استغفري كثيرا لعل الله يستجيب فهو الرحيم الغفور .
وذهبت تاركة اياي في ظل التعجب حولها لكني ايقنت انها رسالة من الله لعلي التحق بقافلة التوبة.
نعم، ان الكهانة هي التماس اقوال لا اساس لها وافعال تسخير للشياطين حيث يسترقون السمع من غياهب السماء، (مارواه الشيخ الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة عن الحسين بن زيد عن الصادق(عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في حديث المناهي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن إتيان العرّاف وقال: «من أتاه وصدقه فقد برىء ممّا أنزل الله عزّوجلّ على محمّد (صلى الله عليه وآله).
فينبغي ان لا نتبع ماقيل وقال ولا نلجأ لمن تحت يدي الخالق فالخالق اولى بالدعاء حتى وان كانت مجرد استخارة.
فعن امير المؤمنين عليه السلام: "مَن تعلّم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر، وكان آخر عهده بربّه وحده أن يقتل إلّا أن يتوب".
ويكفي لمعرفة حرمة هذا العمل ما يذكره أهل المعرفة من الأعمال التي يتوقّف عليها تحصيل السحر والكهانة، من أنواع الشرور والجناية والخيانة، والتي منها ترك جميع الأمور الخيّرة، وارتكاب الأفعال الشنيعة، وهتك الحرمات الإلهيّة.
* وعن امير المؤمنين عليه السلام: "المُنجِّم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر! والكافر في النار".
وعلى ضرر السحر على الخلق، قال عز وجل: ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طـه: 69]، ففي هذه الآية الكريمة نفَى الفلاحَ عن الساحر نفيًا عامًّا في أي مكان، وهذا دليل على كفره، (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (سورة البقرة103) فدل على أن السحر ضد الإيمان، وضد التقوى، المقصود أن تعلم السحر يكون بعبادة الشياطين والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ونحو ذلك، فهو من الكفر الأكبر فلا يجوز تعليمه ولا تعلمه ولا العمل به، ولا المجيء إلى أهله وسؤالهم ولا تصديقهم، بل يجب الحذر من ذلك ويكفي في هذا قول الله جل وعلا: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (سورة البقرة 102).
فالواجب توقيه والحذر منه، ومن أسباب التوقي أن يتعوذ المسلم بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء ثلاث مرات..
اضافةتعليق
التعليقات