يروي المؤرخين حكاية عن ملك صقليا، في ليلة من الليالي أرِق وكانت لديه عادة اذا حدث معه هذا الامر ينادي ندمانه ليتسلى معهم ويروّح عن نفسه بأحاديثهم، ولكن في تلك الليلة إختلف معه الامر بحيث لم يكن يستجيب مع ضجره اي امر مسلّي..
صرفهم وأقدم على المشي للإسترخاء ولكن الضجر حينها كان قد تلبس ملئ كيانه، أمر غلمانه بأن يهيئوا له قاربا ليبحروا به قليلا علَّ هذا الامر يشرح قلبه.. وحين جدفوا به وتوسطوا بقلب البحر سمع همهمة من صوت ضعيف يردد "ياغياث المستغيثين، يا غياث المستغيثين" ودون توقف، طلب بأن يبحثوا عن مصدر الصوت واذ بهم يرونه من رجلٍ على مسافة قريبة يصارع الأمواج بقلب البحر، امر الغواصين لإنقاذة سريعاً ثم حين صعد متن المركب سأله الملك مالخبر؟!
فأجابه الرجل؛ أبحرت ليلة الأمس وفي طريقي الى مقصدي إنكسر المركب، اصبحت وحيداً اصارع الامواج لا حيلة لدي سوى نداء الإغاثة من خالقي، ومنذ الأمس حتى الآن وفمي لم يتوقف من ذكره وندائه.. سبحان من أرقّك بقلب قصرك لتكون سبيلا لنجاتي بقلب البحر.
نعم، لا نعلم متى يأتي الفرج ولكنه ربما يصل بلحظة اليأس إن كان مقروناً بالرجاء من الله تعالى..
إختلفت الآراء والأساليب للتغلب على الأحزان والرزايا الطارئة ولكن أهمها حين تداهمنا أية مشكلة يجب ان نتذكر بأنها عابرة، ستنتهي.. وان لم يكن انتهائها قريباً لا بأس ربما أراد الله بها ان يُحرك اوتار حناجرنا لندائه، وكلما إشتاق إلى المزيد من النداء انزل علينا البلاء ليغفر خطايانا، ليمتحن صبرنا، ليسمع المزيد من دعائنا ويرى الكثير من خشوع قلبنا..
فأنه عزّوجل أرحم من يرى عبده قليل حيلة ودون ان يجبر كسره.. وأكرم من ان يراه محتاجاً ودون ان يسد حاجته ولكننا نبخل بالصبر ونبذر بالتذمر الذي يبعد الصلاح ونظرة الرحمة من الله عزوجل ومن الحياة.
أجمل أنواع الصبر تلك التي إن إزدادت مرارتها، أضفنا إليها الحلاوة بيا غياث المستغيثين يا أرحم الراحمين..
اضافةتعليق
التعليقات