في يوم من الايام كان هناك ملك من الملوك في البلاد البعيدة، وكان هذا الملك يحب ان يتجول في ارجاء مملكته على الرغم من حرارة الجو ووعورة الطريق، وفي نهاية كل جولة من جولاته يشعر بالتعب والانهاك وتأخذ الاحجار الحارة والقاسية مأخذها من رجليه، فأمر وزرائه بأن يمدوا له بساطا من الجلد في كافة ارجاء المنطقة كي لاتتأذى قدميه، وهم الوزراء بتنفيذ امر السلطان المطاع لولا اعتراض وزيره الحكيم وصديقه القديم قائلاً له: عذراً سيدي الملك لو وضعت قطعة جلد صغيرة تحت قدمك واحكمتها جيداً لوفرت علينا الجهد الكبير من فرش مملكتك ببساط جلدي كبير.. فبهذا تسلم رجلي الملك الموقر ويبقى منظر البلدة على جماله وتوفر لنا اموال ذلك الجلد، فاستحسن الملك رأي الوزير الحكيم..
فلو كان كل شخص كالملك يبدأ بتغيير صغير بنفسه ولاينتظر تغييرا هائلا يحدث في العالم كي ينتشله من محنته ومن مصاعب الحياة، فلو نظرنا الى ذلك الشيخ الكبير يستيقظ وتستقبله نجمة الصباح يسبغ وضوئه ويصلي ركيعات يبث فيها همه وحزنه الى الله، يخرج بعد وجبة فطور خفيفة تعينه على القيام لطلب الرزق مجدا ومجتهدا بنية الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله، يتلوا ايات من القران عند ذهابه الى مكان رزقه فينتشر نور القران ويملأ نسمات الهواء، لايتكلم بسوء عن اقرانه ويحمل في اعماقه خلق عظيم ينهل منه الوارد، يعود الى داره لكي يختم يومه بسجدة عشق تزيح عنه المتاعب، تراه راضياً مطمئناً.
كتلك المرأة التي حذت حذو قديسة العوالم فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) فجعلت كل اعمالها المنزلية قربة لله، فرعاية الزوج والأطفال والدفئ المنزلي تستطيع ان توفره المرأة لو كانت كالزهراء ترى عمل البيت من طبخ او تنظيف..... الخ هو لوجه الكريم وفي عين الرب الرحيم، وقامت بتنظيم وقتها وجعلت للعبادة جزءاً وللمنزل جزءاً وحتى لهواياتها المشروعة جزءاً من وقتها، لتخلصت من مرض العصر كما يسمى اليوم ( الكآبة) ولتفتحت امامها الكثير من الافاق بهذا التغيير الذي لايكلفها سوى همة نفس عالية وتوكل على الله فتغيير العالم يبدأ من داخلنا وينبع الى الخارج وليس العكس كما يتصور البعض، وكما قال الله سبحانه في كتابه العزيز: لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلو قام كل فرد بتغيير شئ بسيط فبالتأكيد سيتغير العالم، فلو عمل كل من موقعه على تغيير نفسه او واقعه ولم يكتفي بالمقارنة مع بقية دول العالم لانجزنا الكثير.
لو كان مثلاً للمعلم همة عالية وبدل اتكاله المفرط وآماله الغير مجدية في تغيير التعليم للأفضل لوجد من نفسه امة تستطيع فعل المعجزات، فبتعامله الابوي الرحيم واستخدامه تقنيات العصر في تعليم تلاميذه لغيّر من واقع التعليم الشئ الكثير فلو استخدم المعلم مثلاً اللوحي الخاص به وقام بعرض افلام علمية او صور تعليمية للاحظ كيفية ارتفاع نسب المستويات في صفه وحبهم لتلك المادة، وحتى الوسائل المصنوعة من الكارتون او الورق المقوى اثبتت تأثيرها عمليا في مدى استيعاب التلاميذ، فلا ينظر المعلم فقط الى مايلبس وكيفية هندامه ومدى ملائمته للحداثة بل ينظر بالدرجة الاولى الى ما يقدم من مادة لتلاميذه وكيف يقدمها في عصر اذهان هؤلاء الاطفال مليئ بالخوف والارهاب.
فلا حاجة لنقله اليهم للمدرسة ولتكن هناك علاقة ودية بينهما، فحتى الأطفال الصغار علينا تعليمهم بأن تغيير اوضاع بلدهم بأيديهم ونبعد عنهم صفة الخمول والاتكالية عن طريق وضع قدوة لهم في الحياة قدوة ناجحة بكل مالهذه الكلمة من معنى وتعليمهم ان الفشل قد يكون بداية لنجاح باهر، فالنور يعقب الظلام والشمس تشرق بعد ليل كئيب دالة على الامل، والبدأ بيوم جديد يوم نختاره بأيدينا يوم تعكسه اعمالنا فلنبدأ ولنجعل شهر رمضان منطلق لتغيير حياتنا نحو الأفضل وتغيير نفوسنا ونواينا كي يتحقق الوعد الالهي لنا ويتغير واقعنا، فالاشياء الجميلة تنتظر من يتحرك لاجلها لا من يجلس وينتظرها، فكلما كانت همة الانسان وتطلعاته
اعلى كانت حركته وحيوية وامكاناته اكبر.
اضافةتعليق
التعليقات