مع إشراقة الخامس عشر من أيلول باشرت تربية محافظة كربلاء بحملة كبرى لتطبيق برنامج (العودة إلى التعليم) والذي أطلقته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، حيث احتضن البرنامج جميع مدن العراق وقد هدف إلى استقطاب الطلبة المتسربين والمنقطعين عن الدراسة وتشجيعهم على العودة إلى المقاعد الدراسية وزرع الأمل والطموح داخلهم لتحقيق تطلعات جديدة متسلحين بالعلم والمعرفة.
ولمعرفة الأسباب التي ادت الى تركهم المقاعد الدراسية ومضامين البرنامج كان لـ (بشرى حياة) هذا الاستطلاع..
الثقافة الأسرية
أغلب العوائل تفتقر إلى ثقافة أهمية التعليم وهذا ما واجهه (مثنى) وهو اسم مستعار مع أسرته، حدثنا قائلا:
لم يكترث أبي يوما إلى أهمية التعليم على الرغم من اصراري بإكمال دراستي وتفوقي في صفي لكنه كان يمنعني من ارتياد المدرسة بشدة وعمد إلى تمزيق كتبي وارغامي على العمل معه في ورشة الحدادة الخاصة به، ولم يكن الأمر خاصاً بي فقط بل طال حتى شقيقاتي معولا بذلك أن مصير الفتاة للزواج ورعاية زوجها وأطفالها فكان الحد الأعلى لتعليم الفتاة هي المرحلة الابتدائية لا غير.
وتابع: بعد وفاته كان لا بد لي أن أتولى زمام أمور العائلة ومن بينها ورشة العمل ولكن حلم اكمال تعليمي ما زال قائما وقد فرحت كثيرا بانطلاق حملة برنامج العودة إلى مقاعد التعليم إذ أتاحت الفرصة لي بتحقيق حلمي.
فيما أكمل سالم خضير المرحلة الأولى من الثانوية (المتوسطة) ليعمل، إذ كان وضع أسرته المادي لا يسمح له بإكمال تعليمه إذ أرغمته الظروف المعيشية على العمل لمساعدة والده، وقد أتيح له برنامج العودة إلى التعليم في الالتحاق بما يناسبه والموازنة بين عمله ودراسته.
وتعترف هناء حسين في عقدها الأربعين أنها لم تكمل تعليمها بسبب أوضاعها الاجتماعية فبعد وفاة والدتها تعرضت إلى الاهمال المفرط في تلقيها الدروس في المرحلة الأولى مما تسبب في اعادة سنوات دراستها لسنوات عدة ونعتها من قبل ذويها واخوتها من والدها بـ(الكسولة) لتفقد الثقة بنفسها وتترك الدراسة.
حدثتنا قائلة: بعد زواجي أصبحت أعاني من الأمر اكثر إذ لا أستطيع متابعة دروس أطفالي وتلقينهم دروسهم ولا قراءة القرآن الكريم بالشكل الصحيح وبعد محاولات عديدة مع زوجي تمكنت من اقناعه في الالتحاق بالمدارس المختصة لحالتي كمحو الأمية أو اليافعين، الغريب بالأمر هو أيضاً فكر بالالتحاق ليواصل تعليمه خصوصا بعد الحملات التي تقوم بها وزارة التعليم لمكافحة الأمية ومن ضمنها العودة إلى مقاعد التعليم.
اهمال الأبوين
إن من أهم أسباب ترك الدراسة للأطفال هو اهمال الوالدين، هذا ما أكدته لنا السيدة أم مؤمل حيث حدثتنا عن تجربتها الشخصية قائلة:
لم يسألني والداي يوما عن مستواي التعليمي أو عن احتياجاتي الخاصة في صفي رغم أني كنت أحب المشاركة في نشاطات المدرسة جميعها وأبسطها (السفرة المدرسية) حتى حينما أتابع دروسي بصوت مسموع كانت أمي رحمها الله تضجر وتقول لي جملتها المعتادة (كافي دوختينه) رغم تفوقي في صفي وحصولي على وسام قدوة الصف آنذاك والطالبة المتفوقة وكل تلك الامتيازات لم تحركهم ساكنا، بل كانوا دائما مصدرا للإحباط إلى أن تركت دراستي لسوء فهمي عواقب الأمر وأهميته مستقبلا وكالعادة كان دور والداي معدماً دون اكتراث .
كبرت لأدرك أن التعليم هو سلاح المرأة لأقرر اكمال دراستي عن طريق التعليم الخارجي، وأرى أن هذه المبادرات التي تهتم بها وزارة التربية كمحو الأمية وغيرها مشروع قيّم يبني أجيال مثقفة سواء للأبوين أو الأبناء.
تربية مدينة كربلاء المقدسة
وفي الختام كانت لنا وقفة مع مدير قسم محو الأمية وعضو اللجنة الرأسية المشكّلة في المديرية العامة للتربية منسق لحملة برنامج (العودة إلى التعليم) الأستاذ صفاء مهدي العطار قال من خلالها:
يأتي برنامج العودة إلى التعليم مبادرة دولة رئيس الوزراء مهمة في إطار جهود الحكومة بالتعاون مع المنظمات الدولية للحد من نسب التسرب الدراسي وتوفير فرص تعليم متساوية لجميع المواطنين إذ تشمل الحملة تقديم دعم نفسي واجتماعي للطلبة، بالإضافة إلى توفير برامج تعليمية مكثفة للذين تأخروا في التحصيل الدراسي بهدف ضمهم للمسار التعليمي بصورة فعالة.
وتتعدد الأسباب لترك مقاعد التعليم بين اجتماعية ومادية وثقافية، وقد انطلق البرنامج منذ السادس عشر من أيلول مستمرا لمدة (45) يوماً.
وأضاف: كما أن الحملة استهدفت من عمر( 6 ) سنوات إلى عمر( 35 ) سنة إذ يتم تسجيل كل فرد بحسب ما يناسب عمره بمعنى من ( 6 ) سنوات إلى (9) سنوات لمن لم يسجل في المدراس الابتدائية الحكومية، ومن يزيد عن عمر(9) سنوات يسجل بحسب العمر إما يعاد إلى مدارس اليافعين أو مدارس التعليم المسرع أو الخارجي أو محو الأمية، أو التعليم المسائي وحسب تعليمات وزارة التربية.
وأشار العطار إلى أن المشروع قد شهد استجابة مشجعة في أيامه الأولى وهو ما يعزز الأمل في تحقيق أهداف الحملة وإعادة أكبر عدد ممكن من الطلبة إلى مقاعد الدراسة.
وقد تم تخصيص (15) فرقة جوالة لجميع مناطق المحافظة والنواحي والأقضية توزعت جميعها بحسب مساحة الرقعة الجغرافية والعدد السكاني.
وأكد على أن هذه الفرق قامت بزيارات ميدانية للأسر والمجتمعات المحلية للتوعية بأهمية التعليم وتوفير بيئة ملائمة للطلاب العائدين وقد تخصص وقت انطلاق الجولات الرابعة عصرا في أغلب الأيام لتجنب حرارة الشمس، فضلاً عن تواجد المواطنين في منازلهم.
اضافةتعليق
التعليقات