مع هلال عاشوراء استبدلت راية الشهادة الحمراء براية الحزن وتوشحت الطرقات بالسواد القاتم ليعلن الموالين بدء شهر الحزن لينطلقوا بعدها في تحضيرات المراسيم الخاصة بهم بين المواكب الخدمية ومواكب العزاء التي لا تخلو عن الموروثات الشعبية.
(بشرى حياة) تأخذنا بجولة عاشورائية في أرجاء مدينة كربلاء المقدسة لتنقل لنا جانبا عن تلك التحضيرات...
العشرة الأولى
الحاج نذير الياسري استهل حديثه قائلا: إن مراسيم شهري محرم وصفر هي عادة ورثناها من أجدادنا كما سنورثها لأبنائنا وهو أعظم إرث يحملوه معهم كمتاعا لآخرتهم.
وتابع: كعادة لا تتجزء هي الليالي العشرة الأولى التي تتمثل برمزية مختصة لكل شهيد من بني هاشم (عليهم السلام) حيث تسمى الليلة الأولى ليلة الهجرة تليها الليلة الثانية وهي ليلة الحسن السبط (عليه السلام) وتُختم بالعليلة، أما الليلة الثالثة هي ليلة الطفولة، والرابعة ليلة المرأة المجاهدة أُمّ البنين (سلام الله عليها) بينما الليلة الخامسة تنسب للسفير الجليل مسلم بن عقيل (عليه السلام) والليلة السادسة تكون للأنصار(رضوان الله عليهم) وتأتي الليلة العظيمة التي يختص بها موكبنا وهي الليلة السابعة ليلة قمر العشيرة أبي الفضل العباس (عليه السلام) حيث نشرع بعزاء الزنجيل، بينما الليلة الثامنة تكون للشباب وتنفرد بليلة عريس الطفوف القاسم بن الحسن (عليهما السلام) والليلة التاسعة تحيا مراسيمها لعلي الأكبر وعبد الله الرضيع (عليهما السلام) وتختتم الليلة العاشرة تحتى مسمى ليلة الوداع وهي ليلة الحسين (عليه السلام) حيث يودع عياله وعلى رأسهم عقيلة الطالبيين سيدة الصبر زينب (سلام الله عليها).
ختم الياسري حديثه: لم تتغير مراسيم هذه الليالي منذ سنوات طوال بل تخللتها فعاليات أخرى لمواكب العزاء، كالتشابيه ورمزيات لليلة القاسم (عليه السلام) كإضافة صواني الحناء والياس ومجسم لخيمته، وفي يوم العاشر يحيي الموالين ليلة الوحشة حيث ايقاد الشموع وهي أقسى ليلة تمر بها سيدتنا العقيلة بعد مصرع إخوتها وأبناءها وأبناء عمومتها وهي تقاد أسيرة يرافقها في رحلتها المضنية رؤوس ذويها على أسنة الرماح، ليس بمقدوري وصف هول ذلك المشهد فعظم الله لك الأجر مولاتي.
شاي أبو علي
على الرغم من ارتفاع درجات حرارة الطقس إلا أن الحاج أبا مجتبى لم يتقاعس عن تنظيم موكبه المتعارف المختص بتوزيع الشاي والماء لاغيرهما حيث تعلوا هتافاته التحفيزية (تعال اشرب يزاير... جاي أبو علي) وذلك لحث الزائرين بالتقدم إلى منصته لاحتساء الشاي، حدثنا قائلا: في عام 2004 بدأت بإنشاء موكبي الذي كان أبي رحمه الله يتمنى أن يقف على منصته قبل أن يوافيه الأجل، فكنت شديد الحرص على تحقيق أمنيته حتى بعد مماته ووضع صورته على صدر الموكب ليكون معي بروحه.
مضيفا: وعلى الرغم من حرارة الطقس إلا أن اقبال الزائرين كان كثيرا لاحتساء الشاي فهو شرابهم المفضل الذي لا يستغنون عنه أبدا فكيف حينما يكون بإسم الحسين (عليه السلام).
ختم حديثه: أسأل الله أن يمن علينا بالرضا وأن يتقبل منا هذا العمل المتواضع ويحشرنا مع محمد (صلى الله عليه وآله) يوم لاينفع لا مال ولا بنون.
فيما اعتاد الحاج أبو رضا أن يحضر إلى سرادق العزاء والحسينيات لاستقبال الزوار والمعزين باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ويعد أواني الطهي والماء وينظف ما يحتاج تنظيفه إذ يرى أن خدمة الزائرين هي أقل ما يمكن أن يقدمه للامام صاحب الزمان (عليه السلام) مواسيا له.
ثورة انسانية
ويصف الشيخ علي عبد الرزاق ثورة الحسين (عليه السلام)، بأنها ثورة انسانية ودعوة إلى الرحمة وهي باب كبير وفرصة التغيير الأخلاقي للنهوض بواقع أفضل خصوصاً في ظل ما يعانيه المجتمع اليوم، لذا على جميع الموالين بين معزين وزائرين وخادمين أن يكملوا رسالته الأبية، فلتلك الشعائر والمنابر الحسينية دورٌ كبيرٌ في نشر الرسالة الحسينية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الإنسانية والحق والعدل.
اضافةتعليق
التعليقات