في علم الاقتصاد تجد مسميات عديدة قد لا تعرف ما المقصود منها وأي باب تدخل إلا انها استخدمت بعالم الاقتصاد العالمي والفردي ومن هذه المسميات الرأسمالية والاشتراكية، وهل تعتبر من التأسيس الإسلامي أم أنها من كبار الاقتصاديين في العالم، بين طيات البحث هناك الكثير من المعلومات التي تخص الاقتصاد وتمارسها البنوك والبورصات العالمية وقد يدخل الجانب التشريعي في هذا الموضوع ويحرم بعضها ويجعل لها بديل من اأجل المحافظة على الاقتصاد الاسلامي السليم.
تعتبر هذه النظرية الرأسمالية التي يتبعها كبار الاقتصاديين في أمريكا، وكان تأسيسها من أوروبا بحكومة نظام الإمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام الإقطاعي، وظهرت ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الطبقة البورجوازية تالية لمرحلة الإِقطاع ومتداخلة معها، وتلت مرحلة البورجوازية مرحلة الرأسمالية وذلك منذ بداية القرن السادس عشر ولكن بشكل متدرج.
وأشهرهم فرانسوا كيز (1694 - 1778) ولد في فرساي بفرنسا، وعمل طبيباً في بلاط لويس الخامس عشر، لكنه اهتم بالاقتصاد وأسس المذهب الطبيعي، نشر في سنة (1756 م) مقالين عن الفلاحين وعن الجنوب، ثم أصدر في سنة (1758 م) الجدول الاقتصادي وشبَّه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية، قال ميرابو حينذاك عن هذا الجدول بأنه: "يوجد في العالم ثلاثة اختراعات عظيمة هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي".
ومرحلة الرأسمالية هي مرحلة يسود فيها علاقات التنافس بين المنتجين ويأتي التنافس غالبا من خلال تخفيض الأسعار وذلك من خلال رفع ساعات عمل العمال وتخفيض الأجور لكن استمرار التنافس سوف يولد شركات كبرى احتكارية تقضي على العهد التنافسي، الحرية الاقتصادية لكل فرد حيث أن له الحق في ممارسة واختيار العمل الذي يلائمه وقد عبروا عن ذلك بالمبدأ المشهور: "دعه يعمل دعه يمر".
إن انخفاض الأجور وشدة الطلب على الأيدي العاملة دفع الأسرة لأن يعمل كل أفرادها مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها، يرى الرأسماليون بأن الحرية ضرورية للفرد من أجل تحقيق التوافق بينه وبين المجتمع، ولأنها قوة دافعة للإِنتاج، لكونها حقاً إنسانياً تعبر عن الكرامة البشرية.
قد انتقد الرأسمالية من قبل علماء الاقتصاد كثيرون بدراسة النظام الاقتصادي الرأسمالي، فظهر منهم من دافع عنه وبرره بل أكد أنه السبيل الوحيد لترويج الاقتصاد وخلق الثروة. ومنهم من انتقده وأظهر عيوبه وتنبأ بانهياره الحتمي.
سلبيات النظام الرأسمالي
الأنانية وتركز رؤوس الأموال في يد فئةٍ معينةٍ من التجار وأصحاب الأموال. الفقر الزائد لشريحة متلقي الخدمات أو المستهلكين، بسبب طمع التجار وابتزازهم للأيدي العاملة بشكلٍ يتناسب مع مصالحهم. جعل العالم أشبه بغابةٍ يستغل القوي فيها الضعيف، مما أدى إلى انتشار العداوات والبغضاء والحروب. يقوم النظام الرأسمالي على أساس الربا فيطالب المستهلكين بفوائدَ عالية، حيث إنه نظامٌ يفصل الدين عن الحياة من أجل مصالحه الخاصة.
مفهوم الاقتصاد الإسلامي عند الامام الشيرازي
1-الرأسمالية.
2-آراء التجاريين.
اعتبار المصلحة الشخصية هي الحافز على النشاط الاقتصادي، والاعتقاد بأن سعي الأفراد جميعاً إلى تحقيق مصالحهم الشخصية، يؤدي في نفس الوقت إلى تحقيق الصالح العام معارضة كل تدخل للدولة في الشؤون الاقتصادية أو بعبارة أخرى ترك الحرية الكاملة للمواطنين للتصرف في شؤونهم كما يرغبون.
الدفاع عن الملكية الخاصة على أساس أنها من العوامل الدافعة إلى النشاط والعمل.
الفكر الاقتصادي الامام الشيرازي(قدس سره)
يتفق علماء الاقتصاد في العالم الغربي على أن هناك مشكلة اقتصادية عامة تواجه جميع المجتمعات في كل مرحلة من مراحل تطورها - إنها المشكلة التي تترتب على عجز الموارد المختلفة التي توجد في أي مجتمع عن إشباع جميع حاجات أفراده الإشباع الأمثل.
وبذلك يعتبر هؤلاء العلماء أن جميع المشاكل الاقتصادية الآنية التي يعانيها أي مجتمع والتي يمكن أن تتخذ صوراً وأشكالاً مختلفة تبعاً للعوامل الخاصة التي تحيط به في كل مرحلة من مراحل تطوره ليست في الواقع إلا فروعاً للمشكلة الاقتصادية العامة - مشكلة ندرة الموارد وكثرة حاجات البشر وتزايدها المستمر نتيجة نمو السكان والتطور الحضاري الذي يؤدي إلى خلق حاجات جديدة وتطوير بعض الحاجات القديمة.
وفي هذا الصدد يعتبر علماء الفكر الاقتصادي الرأسمالي أن جهاز السوق الحر قادر على تحقيق الطريقة المثلى لمواجهة المشكلة وبمعنى آخر يعتقدون أن السوق الحرة للعرض والطلب قادرة على تحديد الأسعار المثلى للسلع والخدمات، وبذلك يتحقق التوزيع الأمثل للمواد الخام وللمنتجات النهائية بين المستهلكين وبهذا التوزيع الأمثل يتحقق التوافق بين مصالح المنتجين ومصالح المستهلكين، ويكون هذا التوافق عاملاً هاماً بين العوامل المختلفة التي تحقق النمو الاقتصادي، وبذلك يستطيع النشاط الإنتاجي مواكبة التطور الحضاري وتحقيق الإشباع الأمثل للحاجات المختلفة التي تترتب على هذا التطور.
حل المشكلات الاقتصادية في فكر الامام الشيرازي (قدس سره)
أولاً: كيف يمكن أن نتفق مع علماء الاقتصاد في العالم الغربي في أن الموارد التي وهبها الله للبشر لا تسد حاجاتهم؟ كيف يمكن أن نوافق على هذا الرأي ونحن نشاهد كيف استطاع الإنسان بعلمه وعمله أن يكتشف القارات، وأن يزرع الصحارى وأن يغوص إلى قاع المحيطات ليجدها مليئة بكل ما هو نافع، وأن يحول اشعة الشمس إلى طاقات يمكن أن تستخدم في أغراض مختلفة، بالغة الأثر، وأن يضيف إلى الكثير من الموارد ما يمكن أن يأخذ مكانها كيمائياً، وأن يحقق التبادل السريع بين مختلف أقطار العالم ليحد من العجز الغذائي في أي قطر منها، وأن يتغلب على الجاذبية الأرضية ويصعد إلى الفضاء ليحاول غزو الكواكب المختلفة..
يقول الله في كتابه الكريم (الله الذي خلق السماوات والأرض، وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، وسخّر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره، وسخر لكم الأنهار، وسخر لكم الشمس والقمر دائبين، وسخر لكم الليل والنهار، وآتاكم من كل ما سألتموه، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، إن الإنسان لظلوم كفار) (سورة إبراهيم آيات 32-34).
كذلك تتضمن الآيات القرآنية الاشارات الواضحة حيناً والمستترة حيناً آخر إلا أنه تعالى لم يضع هذه الكنوز وضعاً عشوائياً اعتباطياً وانما وفقاً لقواعد رياضية محددة وتبعاً لأسس وخصائص وارتباطات علمية ثابتة، وعلى الإنسان أن يحاول الوصول إلى هذه القواعد والأسس بالمعرفة والبحث العلمي الدؤوب حتى يستطيع أن يحدد موضع كل كنز من الكنوز العديدة التي تتضمنها زوايا الكون وأنحاؤه المختلفة، وقد يكون في هذا البحث الحثيث والمتواصل ما يوفر للإنسان لذة المعرفة والاكتشاف والنجاح في الوصول إلى ما يبحث عنه ويرغب في تحقيقه من تطبيقات لأفكاره ونظرياته.
وإذا كان الإنسان يكفر بنعم الله عندما يستنزفها ويدمرها في أعمال الشر والعدوان، فإنه يعمل كذلك على تخريبها بصورة مستمرة بظلمه لأخيه الانسان، ذلك لأن الفئة القلية الحاكمة والمسيطرة سياسياً واقتصادياً في كل مجتمع تعمل على اشباع حاجاتها الضرورية والكمالية وتبالغ في ذلك بغطرسة ونهم وتفاخر حتى أصبحت القصور الفاخرة والملابس المتأنقة والحفلات الماجنة والسيارات الفارهة وكل الأشياء الباهظة التكاليف رمزاً لهذه الفئة القليلة.
ولا شك أن إشباع هذه الفئة من هذه الكماليات يستنزف الموارد المتاحة للمجتمع في مجموعه وبذلك لا يتبقى لإشباع حاجات الشعب العامل إلا النزر اليسير الذي لا يكفي لسد هذه الحاجات بالشكل الأمثل، وبالنتيجة يسوء توزيع الناتج القومي بين فئات المجتمع ويسود علاقاتها الاجتماعية الحسد والرغبة الجامحة في الانتقام التي تتأجج في القلوب حتى تنقلب إلى ثورة مدمرة.
وتتوالى الثورات ويتوالى التدمير حتى يصبح الصراع الطبقي مرضاً عضالاً يفتك بدعائم المجتمع ويعرقل نشاطاته المختلفة ويؤخر نموه وبذلك تبدو ندرة الموارد وعدم كفايتها لسد الحاجات عنصراً أساسياً من عناصر المشكلة الاقتصادية كما يشخصها علماء الاقتصاد الغربي.
أما الهدف الثاني فهو دفع الإنسان إلى التعاون مع أخيه الإنسان، حيث لا يستطيع أن يحقق جميع حاجاته وحده. ولذلك اتجه إلى التخصص وتقسيم العمل وإلى ادراك الفوائد الجمة التي يستطيع أن يحصل عليها عندما يتعاون مع غيره من البشر في تحقيق حاجاته المختلفة إلى الطعام والكساء والسكن والتعليم والتداوي والترفيه.
الأمر الذي دفعه إلى التوسع في التخصص وتقسيم العمل حتى أصبحت المجتمعات الحديثة تقوم بالدرجة الأولى على ضرورة أن يكون هناك تكامل تام بين جميع افرادها مهما كانت الأعمال التي يقومون بها وسواء تقع في الدرجات الدنيا من سلم الوظائف المتتابعة أو في درجاتها العليا ولا ريب في أن شعور الإنسان بسيطرته الكاملة على عمله يدفعه إلى ادراك حقه في تملك الإنتاج الذي يترتب على هذا العمل.
وبالتالي في المطالبة بثمن لهذا الإنتاج إذا أراد الغير الحصول عليه، أي بحقه في الحصول على مقابل ما ينتجه مع غيره من البشر. لذلك لابد أن يكون لكل سلعة تنتج ثمن يعادل مجموع الأجور التي دفعت للعمال الذين تعاونوا بالتتابع في استخراج المواد الأولية وفي تحويل هذه المواد إلى سلع قادرة على إشباع حاجات البشر وفي نقلها إلى المستهلكين الذين يرغبون في شرائها لسد حاجاتهم أي الذين تكاملت أعمالهم حتى يتحقق الإنتاج الكامل للسلعة بوصولها إلى المستهلكين، إلا أن الإنسان كان دائماً ينزع إلى الشر والاعتداء وسلب الغير حقوقهم الثابتة.
أما الإسلام، دين العدالة المطلقة والحقيقة الناصعة، فلا يعترف بأي ملكية تقوم على أي أساس آخر غير العمل وصراع الإنسان من أجل الرزق صراع خير (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم) (سورة 9 التوبة آية 106) (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) (سورة 84 الانشقاق آية 6).
ولعله من المؤسف حقاً أن ينطلق علماء الاقتصاد الغربي من المفاهيم المادية اللا أخلاقية عن الحاجات التي ترغب فئات مختلفة من البشر في اشباعها فيعتبرون كثيراً من السلع التي تضر بصحة الإنسان ووجوده الواعي سلعاً نافعة طالما أنها تشبع هذه الحاجات.
وكما حدد مؤشرات تنبئ (بأن الرأسمالية سوف تسقط وسوف تسقط الشيوعية العالمية.. ويندحر الاتحاد السوفياتي في يوم قريب وقريب جداً) وفعلاً انفجر الاتحاد السوفيتي من الداخل وانهار صرحه كما توقع السيد الامام الشيرازي قدس سره.
اضافةتعليق
التعليقات