بدافع حب الخير وتقديم المساعدات قدمت المؤسسات الخيرية مجموعة من الأعمال الخيرية في شهر رمضان المبارك، حيث شهد هذا الشهر الفضيل مبادرات انسانية ومساعدات كثيرة للعوائل المتعففة والأيتام والمستحقين واختلفت المساعدات فبعضها كانت معنوية من خلال تقديم الأمسيات الرمضانية وأخرى مادية، ونقلت وسائل الاعلام هذه الخيرات بكافة أنواعها وقدمت بعض القنوات برامج تلفزيونية لزيارة الفقراء وتقديم المساعدات لهم ومحاورتهم أمام الملأ، وهناك من يصوّر مع الفقير وهو يستلم وجبة غذائية ويجعلها صورة شخصية لحملته الاعلانية، هل أصبح الفقير اليوم لوحة اعلانية للمؤسسات والحملات التي يمتلكها رجال الأعمال؟.
إن قيمة فعل الخير والاحسان إلى الاخرين تكمل في الكتم وعدم الاحراج أو الأذى فإنه يبطل الصدقة فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) فقد روي عن ابن عباس أن المراد بالمنّ: المنّ على الله تعالى، والأذى الأذى للفقير.
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب..
والقصد من أذى الفقير أن يكون بالقول أمام الملا أو جرح مشاعره، فاليوم نرى كاميرات ترصد وكلمات تكتب ومواقع تنشر ما تم توزيعه أو دفعه للفقراء، ويتناقلها الاعلام، كما شاهدنا قبل أيام عندما نشر محافظ لمدينة في العراق صورة وهو يعطي ظرف لطفل صغير يرقد في مستشفى الأطفال للسرطان وحوله الكاميرات وهي تصور المحافظ وهو يدفع الظرف للطفل، علما أن أجور المصورين والحماية التي سجلت الحادثة أكثر من المبلغ الذي دفع للطفل فهو لا يتجاوز (50) الف دينار.
(وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) فالمال الذي بين أيدكم هو مال الله تعالى وإنه من نعم الله على العبد أن يسخّر له من يقبل منه صدقته ليؤجره ويثيبه عليها، فللفقير فضل على الغني أيضاً بقبوله، قدم احسانك بصمت ودع عملك يتكلم، (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ).
البرامج التلفزيونية وتسليط الضوء على الفقراء ومساعدتهم سلاح ذو حدين ممكن يساهم في تعليم المشاهد أهمية الصدقة والعطاء ومالساعدة لو كان الاعداد والتقديم جيد لا يسيء للفقير أو يجرحه، من دون عرض صورته الشخصية أو اسمه، لو عرض تفاصيله وهو يطلب المساعدة ويكفكف دموعه أمام المشاهد هنا أصبح سلاح حاد قد يقتل الصدقة ويجعلها أذى للفقير وللمشاهد أيضا، فكم برنامج ازعجك عندما سمعت صوت المحتاج وهو يطلب كسرة خبز أو شيء يطعم أولاده،؟ كان من الممكن أن تطعمه دون أن تلتقط سيلفي معه، أو تنقله للأخرين.
ولا يمكنك تبرير هذه المشاهد فجميعنا نعرف أن هناك فقراء وأيتام في البلد، وهناك مؤسسات خيرية تدعم وتساعد، هل تسد رمق الفقير وتوفر له حياة كريمة كبقية الأفراد، إن دعم هذه المؤسسات ضعيف جدا وقد تكون ذات أجور خاصة من قبل المقيمين عليها، لذلك لا تستطيع ان تقدم كل شيء، نعم لو اتحدت هذه المؤسسات والمنظمات الأهلية تحت راية واحدة وكلمة واحدة وتكون غايتها فقط مساعدة الفقراء والايتام من دون أن تجعل اسم ولقب او مسؤول جميعهم تحت مسمى واحد لما وجدنا هذا العدد الهائل من الفقراء والأيتام وكان هناك مجمعات خاصة تحميهم من التسول والفقر، ودار تحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء لكن النزعات والتطرف جعل الفقير الضحية الكبرى، هذا لا يعني أن المؤسسات لم تقدم شيء لكنها لا تستطيع أن تقدم كل شيء في المقابل مالم يكن هناك مؤسسة حكومية ترعى هذه المشاريع الخيرية وتساعد في صرف الأجور خاصة في شهر رمضان فقد قدمت المنظمات مجموعة من الخيرات منها:
_توزيع بطاقات غذائية خاصة.
_شراء المستلزمات ودفعها مع الكفالة للأيتام من خلال المؤسسات الخاصة لرعاية الأيتام.
_دفع أجور الكهرباء نيابة عنهم وخاصة نحن في فصل الصيف.
_وضع براد في شوارع الفقراء وملئها بالغذاء واللحوم كما فعلتها من قبل المنظمات الخيرية.
_اجعلوا هذه الأمور تحت مسمى صدقة السر، الأموال التي تدفعها للمحتاج دون أن يعلم أحد بأمرها هي أفضل أنواع الصدقات.
والجدير بالذكر ان هناك تجربة أجراها الإخصائي النفسي نيكولاس غوجوين تجربة في 14 مخبزا في منطقة بريتاني. ووضعت خلال تلك التجربة علبة قصديرية لجمع الأموال على كل منضدة، ووضع عليها ملصق يحتوي على معلومات عن جمعية خيرية تعمل في توغو في غرب أفريقيا وكانت الملصقات على العلب متطابقة، باستثناء كلمة واحدة.
إذ كتب على ثلث الملصقات على العلب أن "التبرع= المحبة"، وعلى الثلث الثاني أن "التبرع= المساعدة"، أما الثلث الأخير فقد كتب عليه فقط كلمة "التبرع" وعندما أحصى علماء النفس الأموال، وجد أن العلب التي على ملصقها كلمة "محبة" احتوت على حوالي ضعفي الأموال التي احتوت عليها العلب التي كتب على ملصقها "مساعدة".
ويشير الباحثون إلى أن كلمة الحب تثير مشاعر التضامن والتعاطف والدعم، وهو ما دفع الناس لأن يكونوا أكثر سخاء.
فدعوا التصوير والأكثر مشاهدة وقدموا الحب والمساعدة بأيادٍ بيضاء نقية قصدها الخير فقط.
اضافةتعليق
التعليقات