الوفاء لا يقتصر على كلمات حب تتراوح بين المحبين بل أعظم وأقدس من ذلك بكثير ..
الوفاء من أروع الصفات التي يتحلى بها المؤمن الحقيقي فهو الحب الصادق والعمل الخالص ...
الوفاء هو أحد أركان الحياة الزوجية، لولا الوفاء لتهدمت البيوت من جذورها وما بقيت علاقة سليمة بين الأحباب..
الوفاء كعملة نادرة لا تجدها إلا في جيوب العملاء المتميزين، أو ربما أوشكت على الإنقراض...
أوشك عالمنا اليوم على الضياع إذ ضاع من سطوره الوفاء والاخلاص والصدق والأسوأ من ذلك هو وجود أشخاص منافقين أصبح يدعي كل خائن منهم المثالية ...
لو نظرنا نظرة سريعة إلى حولنا لوجدنا صحة هذا الكلام !
في زمن ليس ببعيد كانت الحياة الزوجية أكثر إحتراماً وقدسية من الآن، كانت الزوجة تبقى مع شريك حياتها وتتحمل المصاعب كي تقوّي قوام علاقتهما المقدسة ولكن هذه الزوجة باتت أسطورة في هذا الزمن بالتحديد إذ إنها تنهار في أول إنعطاف وتنكسر عندما يهب عليها ريح الربيع وتلعن حظها مرارا وتعزم على الخروج من هذه العلاقة البائسة!.
والرجل الذي لم يكن يعرف أشياء كثيرة عن الثقافة والأشعار والشعارات كان يبقى وفيا لزوجته ويعيش معها حياة طويلة ويرقد في قبره بسلام بعد أن يمضي حياة طيبة مع زوجته الوحيدة التي ربما لم تكن الأجمل ولكن كانت الأفضل في نظر زوجها، ولكن الآن أصبح الرجل كجهاز كشف المعادن في كل ثانية يدق جرس الجهاز مما يكشف أن هناك قطعة جديدة!.
لا أتكلم عن الغدر والخيانة ولست يائسة أو سلبية ولكنها دعوة طيبة لأي شخص يبحث عن السعادة في الحياة الزوجية بل في جميع علاقاته الانسانية بأن يرجع إلى تعاليم الدين الحنيف والسنة النبوية الشريفة، ولكم في رسول الله أسوة حسنة، وحياة علي وفاطمة عليهما السلام هي جزء من تلك الأسوة الحسنة لقول الرسول صلى الله عليه واله: فاطمة بضعة مني...
وأنا وعلي من شجرة واحدة ...
قال امير المومنين عليه السلام في شرح محبته مع سيدة نساء العالمين :
كُنّا كزوج حمامةٍ في أيكةٍ... متمتعينَ بصحةٍ وشبابِ
دخلّ الزّمانُ وفرّق بيننا... إن الزمانَ مفرِّقُ الأحبابِ
ومن وفاء فاطمة لعلي عليهما السلام انها قدمت أغلى ما لديها لأجل الدفاع عن زوجها وعن الولاية، كما ورد في كتاب من فقه الزهراء صلوات الله عليها ج: ٢ / ص: ٦٢ بأنها استشهدت لأجل الدفاع عن الولاية، ربما يطعن البعض بأنها كيف تجعل نفسها في موقف كهذا ولكن يستحب، بل يجب حسب اختلاف الموارد، الاهتمام بما يرتبط بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام، والذب عن حريمهم، فقد ورد انه: (بني الإسلام على خمس دعائم: على الصلاة والزكاة والصوم والحج وولاية أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام).
ولذلك قامت السيدة الزهراء صلوات الله عليها بتلك الأعمال الجليلة واتخذت تلك المواقف العسيرة والمصيرية في الدفاع عن الإمام عليه السلام، حتى استشهدت في سبيل ذلك.
وهذا الأمر مما يلاحظ في مراتبه: الأهم والمهم، فإن كان الأمر أهم جاز حتى الاستشهاد، وقد يجب أحيانا، كما لو توقف عليه حفظ بيضة الإسلام وكما في التصدي للبدع وما أشبه ذلك.
وإن كان بقاء الإنسان أهم بما هو، أو من حيث الآثار الأخرى التي ستترتب على وجوده، لم يجز إلى هذا الحد.
وكذلك حال ما دون الاستشهاد كالجرح والضرب وما أشبه، حسب ما تقتضيه القواعد العامة، وعلى ما يقتضيه باب التزاحم.
انها كانت وفية في جميع مراحل حياتها حتى اخر لحظة وعندما هجموا عليها وفعلوا بها ما فعلوا وأسقطوا جنينها ذهبت مسرعة وراء زوجها وامام زمانها كما وردفي الكافي: 8 / 237 : "عن أبي هاشم قال: لما أُخرج بعلي عليه السلام خرجت فاطمة عليها السلام واضعة قميص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على رأسها، آخذة بيدي ابنيها فقالت: مالي ومالك يا أبا بكر، تريد أن تؤتم ابني وترملني من زوجي، والله لولا أن تكون سيّئة لنشرت شعري ولصرخت إلى ربّي! فقال رجل من القوم: ما نريد إلى هذا، ثمّ أخذت بيده فانطلقت به!".
وعندما استشهدت سيدة نساء العالمين معدن الإخلاص والوفاء، لم تنتهِ تلك القصة بل كان قلب حبهما ينبض، كان يذهب امير المومنين الى قبر حبيبته و يقرأ لها القرآن ويبكي عليها كما ورد منه عليه السلام أشعار يبين ذلك الحب الصادق والوفاء الأمثل:
حبيبُ ليس يُعدُله حبيبُ... وما لسواه في قلبي نصيبُ
حبيبٌ غاب عن عيني وجسمي ... وعن قلبي حبيبي لا يغيبُ
اضافةتعليق
التعليقات