كانت الشمس تلتحف بسحب الليل واذان المغرب يرتفع، اتممت صلاتي وشرعت بتلاوة القرآن وبالخصوص سورة آل عمران وعندما وصلت لآية "وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ"، تأملتها واعتصر قلبي ألمـا لأنني افتقد تلك الأمة التي تدعو الى المعروف وأكــاد لا أراها فتسائلت في نفسي ما الذي يدعو الجميع لأن يعتكف على نفسه يخاف الحق وطريقه، فتلاطم امواج الشبهات في واقعنا الحالي حتى صرنا لانميز بين الحق والباطل ومع بالغ الحزن والاسى اصبح اكثر شيء نخافه هو الامر بالمعروف والدعوة الى الخير واعماله على الرغم ان الدين الاسلامي هو دين رحمة ودين مساعدة وتعاون.
قد تكون الظواهر التي شهدها المجتمع مؤخراً من اقوى الاسباب في ذلك مثلا التقارير التلفزيونية التي تكشف زيف المتسولين في الشوارع وكمية ثرواتهم او نصب واحتيال اغلب المؤسسات الخيرية ومديري دور الايتام والازمات والمشاكل التي تولدها محاولاتنا للأصلاح بين متخاصمين وغيرها من اعمال الخير التي صار عقباها كماً من الأذى للمبادر بها لعدم تقبل الناس وضيق نفوسهم.
حول هذا الموضوع قام موقع بشرى حياة بجولة استطلاع رأي بين اصناف عمرية مختلفة من النساء بطرح السؤال الآتي:- كيف يمكننا كمؤمنين ان نكون امة تدعوا للخير وكيف نحفز الناس على ذلك؟ وما الذي يتوجب علينا فعله لانعاش سبيل المعروف وهو يحتضر وكيف نساعد الغير على ان يبادر بعد ان ماتت في الاعم الاغلب روح المبادرة اعتمادا على ظن ان المقابل لربما يكذب وان المساعدة تتسبب له بأذى اكثر؟
كان جواب الاخت اسراء علي: مع الاسف اصبحنا في مجتمع سمته النفاق والامر بالمنكر بحجة غطاء الشيطان" التطور" الذي حرف الصحيح عن مساره وغير تراكيب الامور فأصبح الكل يخاف على نفسه من الخوض في تلك المبادرات التي غالباَ ما تفشل بسبب الرفض من قبل الكثير وصم آذانهم عن النصح، اما كيفية علاج هكذا امر، يتطلب البدء من انفسنا علينا ان ننمي هكذا امور وان كانت صغيرة فإنها تغرس الصفات الجيدة لتصبح عادة ثم نوسع تلك الدائرة بتأثيرنا على الاقربين منا ثم تنتشر في محيطنا ونحن نستمر بالعطاء وان كلفنا الكثير كي نجني ثمار ماصبرنا عليه.
اما الأخت تسنيم الحبيب قالت: اعتقد ان اول سبيل لذلك يتمثل في فهم خطورة الظواهر السلبية وآثارها واخطارها نحن ان فهمنا اثر المعروف وفهمنا اثر المنكر وما يجره على المجتمع ستتولد لدينا قوة في الأمر والنهي.
وكان للأخت حوراء رأي آخر حيث قالت: حقيقة نحن مجتمع لا يحب الذي يردعه عن فعل ما او ينصحه فأصبح الذين يريدون المنكر ويتقبلوه اكثر من الناهين عنه وان نصحت احد سيحاججك بألف حجة واهية ويبقى مصر على ما هو مقتنع به.
اما الشابة زهراء عبد الأمير قالت: حتى نحيي سبيل المعروف علينا اولاً ان لانسيء الظن بالمقابل ونلتمس الاعذار للناس حتى نحافظ على العلاقات وحتى لاتنقطع بسهولة، وثانياً يجب ان يكون لدينا حسن نية ونفس طيبة ونتبع قوله تعالى "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" فلسماحة الوجه اثرها بالوصول لقلوب الناس، ثالثاً يجب ان يكون تفكيرنا واعيا وبناءا لنستطيع النهوض بواقع حياتنا ومجتمعنا وان نبادر لكل شيء في مرضات الله ولا نحشى الناس وكلامهم فإن الامام علي يقول "رضا الناس غاية لاتدرك".
اما ايات رحيم قالت: ان من يرغب بعمل الخير لا يهتم لكلام الناس المعارضين للخير لان عمله لله وليس للناس، ان الانبياء تصدى لهم قومهم ولكنهم لم يتوقفوا، برأيي اهل الخير واهل المعروف لازالوا موجودين والدليل وجود الجمعيات الخيرية والناس الذين يحبون الاصلاح ومساعدة الآخرين.
فعلى الجميع ان يؤدي ما اوكل اليه من مهمة مقدسة في هذه الدنيا والا تهادرت علينا المصائب تباعاً، فعن الاِمام علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اذا أُمتي تواكلت الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلتأذن بوقاع من الله تعالى».
اضافةتعليق
التعليقات