عندما تجد بوذي يبكي على حال المسلم الذي يتعذب تحت وطأة الحروب في الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وفي نفس الوقت شخص صابئي يشارك في مراسيم العزاء في ذكرى استشهاد الحسين بكربلاء!، ومسلم يدخل الكنيسة ويشارك اخوانه المسيحيين فرحتهم بولادة المسيح (ع).
هنا تستطيع ان تقول بان العالم كله يتحد وفق مبدأ الإنسانية... كلمة الإنسانية فقط!، متناسين العرق والجنس والمذهب والدين الذي من الممكن ان يختلف عليه الكثيرون، ويخلقوا منه عائقاً في التواصل مع الناس.
فجميع القيم الأخلاقية التي تربط الإنسان ببني جنسه هي تعود الى طبيعته التكوينية التي تتمثل بالفطرة الانسانية التي وجدت فيه منذ الأزل.
اذ ان بذرة الخير موجودة في كل انسان يقابلها على الطرف الآخر بذرة الشر، ولكن يبقى موضوع من منهما سيتغلب على الآخر هو الفاصل في ان يكون الانسان صالحا او طالحا، وان يستغل طاقة الخير في اعمال صالحة ونافعة او يستغل طاقة الشر في اعمال سيئة ومخربة تضر الانسان، او تنفعه في بعض الحالات التي تتأطر بالمصلحة الشخصية والتي تلحق الضرر بالمجتمع العام.
وفي كلتا الحالتين الانسان بفطرته السليمة ينجذب الى فعل الخير، لأن الخير يعد احدى لوحات الجمال التي خلقها الله سبحانه وتعالى في الوجود، وبلاشك عند وضع لوحتين احدهما تنم عن الجمال كساحة زهور او مكان اثري رائع، والآخر منظر قبيح كمنظر خرابة او نفايات، بلا شك سينجذب الانسان الى اللوحة الجميلة من الزهور والاماكن الرائعة والمناظر الخلابة، وينفر من القبح المتمثل بالنفايات وكل المناظر القبيحة.
فالإنسان اول ما تبصر عيناه الحياة يولد بلا دين ولا عقيدة ولا توجهات بشرية، يولد حراً، ومتحرراً من جميع القيود المجتمعية التي تفرض على الانسان معتقدات لم يختارها بمحض ارادته.
ونلاحظ بعد سوء الاوضاع الأمنية في العالم، وانتشار حالات العنف والتهجير التي حصلت مع الناس، استغلت على اثرها الجهات الإرهابية وابرزها داعش اسم الدين في خدش المفهوم الإنساني، ونلاحظ بأن العالم قد تأثر نوعا ما مع الاحداث الحاصلة ونسب الكثير من عمليات القتل والخطف الحاصلة الى الدين!.
ولكن الصحيح هو ان نزعة العنف الموجودة في بعض الناس هي المسؤولة عن تصرفاتهم العدوانية، التي نتجت من سقي بذرة الشر بمكاره الأعمال، وعلى هذا الاساس فكل ما يبدر من الإنسان له علاقة بالتخريب او العنف هو خدش للمفهوم الإنساني ولا علاقة له بالدين بتاتاً.
اذ يعتقد البعض ان الإنسانية هي وليدة الدين، ولا يدركون ان الدين هو بالأصل جزء من الإنسانية وليس العكس، فالإنسان يأتي الى هذه الحياة لتقوده الإنسانية الى معرفة الله ثم التعمق بامور الدين والوصول الى المبتغى.
لأن الإنسانية هي حاجة تكوينية نحتاجها لكي نعيش ونتعايش مع من حولنا من مختلف الاطياف والاجناس، اذ لايمكننا ان نحب الله ونحب الدين لو لم نتحلَ بالإنسانية، فقد خلق الله الدين لتقويم مفهوم الإنسانية وتعزيزها في نفوس البشر، لأن بكل الاحوال الانسانية التي لا تمنحنا الدين هي انسانية ناقصة لم تعرف طريقها الصحيح الى النور.
اضافةتعليق
التعليقات