النصيب والقدر مرتبطان ومتقاربان جداً في معانيهما لذا يخلط الكثير بينهما، غير أن الفاصلة التي تفصلهما هو أن النصيب يأتي من صنع الانسان بينما القدر يأتي من الله عز وجل، الفرق بينهما مايمكن تشبيهه مثل أن نصيبك يأتي من الجد والاجتهاد وكأن يملك أحدهم أرضاً ويزرع فيها شجرة وانبتت هذه الشجرة وأثمرت هذا هو نصيبه.
أما القدر فإنك تزرعها وتبذل كل الأسباب في العناية بها وتسخير جهدك وطاقتك في الاهتمام بها لكن رغم ذلك لم تنبت لك ولا تزهر لك الثمر فهنا عليك التسليم بقضاء الله وقدره.
وعلى سبيل المثال ايضا لا يمكن للإنسان ان يأكل كثيرا ولايهتم لصحته وتغذيته فيمرض ويموت ثم يقول مرض وتوفاه الله (مسكين هذا يومه)، الله سبحانه وتعالى لم يأمره ان يعلق أسباب إهمال صحته وسوء تغذيته وعدم اقتدائه برسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بقلة الطعام واتباع السنة في تناوله على شماعة القدر فكل سبب يؤدي الى نتيجة ما، وسبب الإهمال والافراط في الاكل سيؤدي بالطبع وبالتأكيد الى نتيجة تتمثل في مرضه وموته.
لذلك نجد الكثير من الناس في تفسير التسليم بالقضاء والقدر وفي التمييز وهم يترجمون عبارة (هذا نصيبه من الله والدنيا) وبين عبارة (هذا ما قدره الله له)، متى يمكن ان نقول هذا قدر من الله قدره لهذا العبد؟
عندما يجتهد الانسان في العناية بصحته وتغذيته ويحافظ عليها ورغم ذلك يمرض بمرض لايصاب به الا الانسان المهمل لصحته ويموت هذا من الممكن ان يكون ما اصابه هو قدر قدّره الله له. هذا العبد الذي ادى كل ماعليه من واجبات وما أمره الله به امتثالاً لعبارة (ولبدنك عليك حقا) ورغم كل ذلك لم يحصل على صحة ممتازة لان هذا هو قدر الله له لا نصيبه .
فالنصيب يأتي بسبب افعالك انت وانت المسؤول عنها بالنهاية. انت إنسان مخير على هذه الارض مخير في أفعالك وتصرفاتك وعلاقاتك وفي الكثير من الأمور الأخرى.
من ناحية أخرى لا يمكن ان يرمي الانسان تصرفاته وسوء افعاله وقراراته تحت مسمى القدر (وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم) الشورى /30. هذا منهج خطير يستغل فيه الدين واسم الله للتبرير وعبث خطير لمفاهيم القضاء والقدر، فلا تخجل من أخطائك فأنت بشر ولكن اخجل اذا كررتها وادعيت انها من فعل القدر.
فلا يمكن ان يقودك الإهمال واللامبالاة الى حد ايذاء الناس وتحاول ان تخلق لنفسك الأعذار والحجج الواهية، لا يمكن ان تقتل إنسانا ما او تتسبب له بإعاقة دائمة ثم لا تريد أن تحاسب، ولا يمكن ان تعطل نصيب إنسان ما في العمل أو في الدراسة وتقول الله كتب له أن يعيش بهذه الطريقة، لو كانت الحياة تسير هكذا او على هذا المنهج لأغلقت المحاكم ولما كانت هناك محاسبات ومحاكمات سواء في الدنيا أو في الآخرة، ولوكان الأمر كذلك فلنترك محاسبة القاتل واللص والمجرم لأن كل هؤلاء بشر كانوا مسخرين من الله وكانوا نصيب الله لهذا الانسان.
افهموا الدين جيدا ولا تتعذروا بمسألة عدم العلم وقلة الوعي، لديكم القرآن والسنة فتمعنوا جيداً فيهم وادرسوا الدين بفكر راقٍ، فقط قم بواجباتك ودع الأقدار تعمل عملها.
اضافةتعليق
التعليقات