عشقته حباً يزداد في كل ثانية، فاللحظات والذكريات فيه أروع ما حدث لي ورغم بعدي عنه لسنوات، إلا أنه كان روحي ونَفَسي الذي ما أزال أشم ريحه وعلق في للأبد ولا يمكن أن يذهب أو يُمسح من ذاكرتي ومخيلتي، فقد كنت أسيرة حبه ومجنونة فيه، كم حاولوا أن يبعدوني عنه لكنهم لا يعلمون أنه نفسي، فمن دونه أموت، أنفاسي شهيقا وزفيرا تردد اسمه.
إنه كالحلم لا أدري متى يحين لقائي به، فأنا أعد الثواني كل يوم لعله يكون لي موعداً معه، ففي بعده الدموع رفيقاتي، أبكي كلما رددت اسمه وكلما، هو نبض قلبي، فحياتي من دونه لا تفيد، أكون كالوردة اليابسة لم يسقط عليها مطر، وقد أتعبها الوقوف والانتظار تنتظر ربيعها لتزهر بلقاء حبها الوحيد الذي جنت لأجله.
لقد استخف كثيرون بعقلي وقالوا: أمجنونة أنت لما هذا العناء؟
قلت: يستحق روحي، فليأخذها الله لأجله، أنا كجون وعابس جننت في عشقه.
هذا اليوم يأتي والناس تسير نحوه لتحلق في مدراج الكمال عند الإمام الحسين عليه السلام، وقد نور عقول وقلوب الكثيرين، ففي عشقه ليس انا فقط من جن فيه، بل الملايين والملايين من شاب وفتاة وكبار السن والأطفال قد التحقوا بركب الحسين عليه السلام، سيراً على الأقدام فلا يهم كيف كان الطريق وعرا أو لا، فالوصول إليه غايتهم.
لكن انا محروم يا مولاي، كم من سنة مرت؟، ولم أكن هناك، كم من حلم أردت منك تحقيقه لأصل إليك؟ لذرف دموعي في ضريحك لأشكو إليك حالي، ولأعيد روحي التي باتت ميتة من دونك فأنا أملك جسدي فقط وغير هذا الشيء لك من نفس وروح وعشق وجنون.
فأنا أجلس ليلاً أحدثك وأشاهدك عبر ذاك التلفاز وأرى الجميع هناك إلا أنا لماذا يا مولاي؟
فقد سئمت الحياة من دونك واغرقت دموعي عيني وأنا اشاهدك اقبلك من تلك الشاشة، وأقول لك السلام عليك يا ابا عبد الله، السلام عليك يا روحي ويا عشقي ويا قلبي ويا وليي.
فكم من رواية قرأتها لك يا سيدي عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام حيث قال:
((وكّل الله بقبر الحسين (عليه السلام) أربعة آلاف ملك شُعثٌ غُبر يبكونه إلى يوم القيامة، فمَن زاره عارفاً بِحقه شيّعوه حتى يُبلغوه مَأمَنه، وإن مَرِض عادُوه غُـدوةً وعَشيّة, وإنْ مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة))*.
كما وقد قالت السيدة زينب (عليها السلام) عصر يوم عاشوراء للإمام زين العابدين (سلام الله عليه):
((وليجتهدنّ أئمة الجور، وأشياع الضلالة في طمسه، فلا يزداد إلاّ علواً))، وان الزائرين يعلمون ما أجر من يموت في طريق السير إلى كربلاء الحسين (سلام الله عليه)؟
ففي الأحاديث الشريفة ما مضمونها: إن الله تعالى وكَّل أربعة آلاف ملك على قبر الحسين (صلوات الله عليه)، وزائره إن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة، وفي حديث آخر: ولا يموت إلاّ صلّوا على جنازته، وفي حديث آخر: إن الزائر بعد الزيارة يتحفه الله بهدايا منها: فإن مات من عامه أو في ليلته لم يلِ قبض روحه إلاّ الله عزّ وجلّ.
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (سلام الله عليه): ((فإن مات في سنته حضرته ملائكة الرحمة، يحضرون غسله وأكفانه، والاستغفار له، ويشيّعونه إلى قبره بالاستغفار له، ويفسح له في قبره مدّ بصره)).
فكيف بي يا مولاي يا حبيبي وأنا أبيضت عيناي من البكاء والإنتظار، وفي كل يوم أقول لنفسي غداً سألتقي بك وأحتضن ضريحك وأسجد عند بابك، آه يا مولاي قد تجمعت الحسرات في قلبي وجزعت من الآلام فمتى يا مولاي يحين ذلك اليوم؟
ومتى يا سيدي أرى نفسي بين السائرين إليك، الذائبين بحبك العاشقين لتراب قدمك، فروحي فداك أنا صابرت حتى لقائك والدموع لا تفارق عيني، فيا حبيب العالمين ودمعة العاشقين، أنا عشقتك عشق الجنون..
وأحبك مثل عابس وجون
أبكي لمصابك ويقولوا عني مجنون
لا مشكلة عندي بما يقولون
فحبك عندي أحلى الجنون..
بين المحروم والعاشق دموع يكفكفها حتى يرى الإمام الحسين عليه السلام، فهل سيأتي اليوم لأكون هناك؟ سيدي يا حجة الله، يا حبيبي ونور عيني سأظل أكتب في صفحات يومي مقدار حبي لك، حتى التقي فيك فدموعي على حروف أسمك سكنت في وكلامي لا يكون إلا بك، فقد سطر عشقي صفحات حبك لا يحويه أي كتاب ولا يكفي لها ورق.
اللهم أجعلنا من السائرين على نهجه والذاهبين لزيارته يا رب العالمين.
اضافةتعليق
التعليقات